النحات إياد بلال… ذكريات للأجيال عن قضيّة الوطن والشهداء
} لارا أحمد
حمل النحات السوريّ العالمي إياد بلال قضية الوطن بأطفاله وشهدائه الأبطال ووثّقها عبر الفنّ، حيث اختار صياغة إبداعه في نصب تذكارية تحكي للعالم كله عن الإجرام الذي طال صغارنا ولم يرحم براءتهم ودموع أمهاتهم لتبقى ذكراهم مرئية ناطقة للأجيال.
واستلهم بلال من تفجير مدرسة عكرمة المخزومي في حمص واستشهاد أطفال بعمر الورد نصباً تذكارياً استطاع من خلاله أن يوثّق أحد أكثر الأحداث المؤلمة في المدينة حيث وصل ارتفاعه إلى ثلاثة أمتار ويمثل طفلاً وطفلة بثياب المدرسة ينظران إلى الأمام ويشير الطفل بأصبعه لمكان واحد وتحيط بهم مجموعة من كتب رفاقهم الذين استشهدوا في التفجير الإرهابي، ونحت على كل كتاب صورة واسم الطالب الشهيد وأقلام رصاص تعلو كسارية تحمل علم الوطن في إشارة إلى أنه بالعلم تُصان الأوطان.
كما نحت بلال تمثال الشهداء بحمص والذي يعكس قدسية الشهادة والشهيد في وجدان الشعب السوري، حيث صنعه من مادة البازلت بارتفاع تسعة أمتار وبلغ وزنه 12 طنّاً يقف حالياً وسط ساحة حمص القديمة بجانب الساعة وهو يمثّل يدين تحملان خوذة الجندي ويعلوها العلم السوري.
وفي حديث صحافي له قال بلال إن تفاصيل بيئته كانت سبباً لأن يدخل عالم النحت إضافة إلى اطلاعه على حضارات مصر وبلاد ما بين النهرين وأعمدة تدمر وآثارها ولاحقاً العمارة القديمة في سورية من أفاميا إلى القلاع وتأثره بنحاتين عصر النهضة.
يمتلك بلال أسلوباً خاصاً في النحت، حيث بدأ بتجسيد المدرسة الواقعية من خلال دراسته في كلية الفنون الجميلة ثم توجّه نحو صيغة مختلفة تمثّلت الواقعية التعبيرية معتبراً أن لكل مادة أو خامة طاقة تعبيرية ودور الفنان يكمن في إظهار طاقتها من خلال رؤيته الفكرية.
ويميل بلال لتجسيد الإنسان بكل حالته من البورتريه التوثيقي إلى الحالات الإنسانية الجمعية أو الطقسية ويعمل باهتمام لصوغ جموع بشرية بحالات مختلفة.
يُذكَر أن النحات إياد بلال شارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية داخل سورية وخارجها منها في اليونان وإسبانيا ولبنان، وله ستة نصب تذكارية وعشرون عملاً حجرياً ضخماً يحمل طابع البحث التشكيلي وما يزيد على 300 عمل نحتي ومئات الدراسات الخطيّة.