لقاء الأحزاب: حاولوا تنفيذ انقلاب على المعادلة السياسية استجابة للخطة الأميركية السعودية لإخضاع لبنان للهيمنة الإستعمارية
فنّد مزاعم رؤساء الحكومات السابقين الأربعة
فنّد لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية المزاعم التي تضمنها البيان الأخير لرؤساء الحكومة السابقين، مؤكداً أنه تضمن تحريفاً للحقائق وإمعاناً في عدم الإقرار بمحاولة فرض قواعد جديدة لتشكيل الحكومة من قبل النادي، وأشار إلى أن «ما كان يجري إنما هو محاولة من هذا النادي للتحكم بعملية تشكيل الحكومة وفرض شروط جديدة لتأليفها، على نحو مخالف للدستور ولنتائج الإنتخابات النيابية، بهدف تنفيذ انقلاب على المعادلة السياسية استجابة للخطة الأميركية السعودية، الساعية إلى إعادة إخضاع لبنان للهيمنة الإستعمارية.
فقد أصدر «اللقاء» بياناً أمس، توقف في مستهله عند ما جاء في بيان نادي رؤساء الحكومة السابقين الأربعة من مغالطات، في خلال ردهم على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، مؤكداً «أن الرؤساء الأربعة حاولوا الدفاع عمّا قاموا به من محاولة فرض حكومة أمر واقع تحت ذريعة أن المبادرة الفرنسية بنيت على ضرورة تعليق كل ما يمت إلى السياسة الداخلية التقليدية ومسألة تنافس الكتل والأحزاب لأشهر معدودة، بحيث تتفق الكتل الرئيسية على حكومة إنقاذ مصغرة من الاختصاصيين الأكفّاء لا تسميهم الأحزاب لتنفيذ برنامج إصلاحي اقتصادي مالي نقدي وإداري بحت، فتح الباب أمام البدء باستعادة الثقة وعودة التمويل الخارجي للبلد».
ولفت إلى أن هذاالكلام «يتضمن مغالطات عدة، فالرؤساء يدّعون أن المبادرة بنيت على ضرورة تشكيل حكومة اختصاصيين أكفّاء لا تسميهم الأحزاب، وهذا غير صحيح لأن المبادرة لم تنص على ذلك ولم تتطرق إلى هذا الأمر أصلاً، وكلام الأمين العام لحزب الله لهذه الناحية يستند إلى ما جاء في نص المبادرة وإلى ما جرى من نقاش في قصر الصنوبر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون».
وتابع اللقاء «وعلى افتراض أن ذلك هو التوجه، هل جرى إتفاق بين الكتل النيابية الرئيسية على ذلك، ومتى تم الإتفاق على أن الأحزاب والكتل لن يسموا الوزراء الإختصاصيين الأكفاء وأن الحكومة ستكون مصغرة من 14 وزيراً؟، وإذا كانت الكتل النيابية لن يكون لها دور في تسمية الوزراء فمن هو المصرح له بتسميتهم، هل الرئيس المكلّف مصطفى أديب الذي تمت تسميته وترشيحه من قبل نادي الرؤساء، وهذا ما قاله البيان، فمعنى ذلك أنه كان يراد فرض تشكيلة حكومية يختار أعضاءها نادي الرؤساء الأربعة الذين يمثلون جزءاً من فريق الأقلية النيابية، ما يعني سيطرة هذا الفريق وحيداً على قرار السلطة التنفيذية، الأمر الذي يشكل انقلاباً على إتفاق الطائف، واستمراراً للسياسات الإقتصادية والمالية والنقدية التي تسببت بالأزمات التي يكتوي بنارها اللبنانيون، والتي انتهجها هذا الفريق على مدى سنوات وجوده في السلطة منذ عام 1993».
وسأل «كيف يمكن أن يوافق فريق الأكثرية النيابية على القبول بذلك ويسلم السلطة إلى الفريق الذي كان سبباً في الأزمة التي فجرت الاحتجاجات الشعبية».
أضاف اللقاء «زعم البيان أيضاً أن نادي الرؤساء لم يفرض الوصاية على رئاسة الحكومة، بل انطلق «من الدعوات التي أطلقتها أكثرية اللبنانيين، التي تقاطعت مع المبادرة الفرنسية ووجوب قيام حكومة مستقلين بعيداً عن المحاصصة والولاء الحزبي والسياسي. والسؤال هنا، من هو الذي يحدّد ما إذا كانت أكثرية اللبنانيين تريد ذلك أم لا؟، ومن أعطى لنادي الرؤساء هذا الدور بوجوب العمل على تشكيل حكومة مستقلين عن المحاصصة والولاء الحزبي والسياسي، وهل نادي الرؤساء هو المنزّه عن كل هذه الصفات، وليس له مصالح سياسية وحزبية ومنغمس من رأسه حتى أخمص قدميه بالمحاصصة وزرع أزلامه في مراكز ومفاصل مؤسسات الدولة على أساس الإستزلام والمحسوبية وعدم الكفاءة والجدارة؟».
وتابع «زعم البيان «أن رئيس الحكومة لم يكن بمقدوره التشاور مع رئيس الجمهورية أو مع الكتل السياسية في الأسماء والحقائب في ظل ما سمّاه العقدة التي رفعها في وجهه ثنائي أمل وحزب الله». لكن هذا الكلام فيه مخالفة واضحة، لآليات تشكيل الحكومات ما بعد الطائف، وهدفه حرف الأنظار عن الإمعان في امتناع الرئيس المكلّف، بدفع من نادي الرؤساء، عن القيام بإجراء المشاورات مع جميع الكتل وأخذ رأيها، وهو ما اضطر رئيس الجمهورية إلى لفت نظر مصطفى أديب إليه وضرورة القيام بذلك، وعندما لم يستجب قام رئيس الجمهورية بعقد لقاءات مع رؤساء الكتل للوقوف على موقفها من طبيعة وشكل الحكومة».
وأشار إلى أن بيان نادي الرؤساء «زعم أنه «جرى الإلتفاف على مبادرة الرئيس سعد الحريري بالإبقاء على التمثيل الشيعي في وزارة المالية لمرة واحدة، مع التأكيد على مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية «، وأنه تم التمسك بتسمية الوزراء في الحقائب الباقية في ضرب مكشوف للقواعد التي انطلقت منها المبادرة الفرنسية، وللدستور».
وأكد اللقاء أن «هذا الكلام يتضمن تحريفاً للحقائق وإمعاناً في عدم الإقرار بمحاولة فرض قواعد جديدة لتشكيل الحكومة من قبل نادي الرؤساء الأربعة، وتفسير المبادرة الفرنسية وفق رغباتهم ومصالحهم، بما يؤدي إلى الإنقلاب على نتائج الانتخابات النيابية والنظام البرلماني الديمقراطي ودستور الطائف».
وتابع اللقاء «زعم البيان أن «أمين عام حزب الله تعمّد افتعال اشتباك طائفي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف. غير أن مثل هذا الزعم محاولة مكشوفة لتجاهل دور رئيس الجمهورية وصلاحياته المنصوص عليها بوضوح في اتفاق الطائف والتي تؤكد في المادة 53 على أن رئيس الجمهورية «يصدر بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء أو إقالتهم. ولهذا فالنص واضح بأن رئيس الجمهورية شريك في عملية تشكيل الحكومة وأن الرئيس المكلّف، عليه الاتفاق معه، وهذا يتطلب التشاور في كل أمور التشكيل وكيفية تذليل ومعالجة العراقيل أو الصعوبات التي قد تنشأ في خلال عملية التشكيل، وهو ما لم يحصل، ودفع رئيس الجمهورية الى توجيه انتقاد علني للرئيس المكلّف.
فكيف يكون الأمين العام لحزب الله يفتعل إشكالاً طائفياً عندما يتحدث عن مخالفة لإحدى مواد الدستور، التي تحدّد صلاحيات رئيس الجمهورية الأساسية والمهمة؟».
ورأى اللقاء في بيانه «أن اتهام أمين عام حزب الله بنسف المبادرة الفرنسية من زاوية محتواها الاقتصادي والمالي، عبر ما سمّاه البيان «المقاربات الخاصة بصندوق النقد الدولي والإصلاحات الاقتصادية والمالية»، إنما يشكل التفافاً على حقيقة الموضوع، فالإتفاق على أولويات إجراء إصلاحات اقتصادية ومالية كما جاء في المبادرة شيء، وتحديد ماهية ومضمون هذه الإصلاحات شيء آخر، وهو أمر يحتاج إلى اتفاق مسبق، ولاسيما عندما يربط صندوق النقد بين إعطاء القروض للبنان وبين الإستجابة لشروطه القاضية ببيع ممتلكات الدولة عن طريق خصخصتها، أو فرض ضرائب جديدة تمسّ الطبقات الشعبية، ورفع الدعم عن المواد الأساسية، وهذا أيضاً ما يفرض الإتفاق المسبق على طبيعة الحكومة وبرنامجها، وهو أمر لم يكن يريده نادي الرؤساء لأنه مع حكومة تنفذ طلبات صندوق النقد دون نقاش، ولاسيما أن عين نادي الرؤساء الأربعة، خصوصاً أصحاب الثروات منهم، على قطاع الخليوي والمرافئ للإستيلاء عليها بأقل الأسعار، باعتبارها قطاعات رابحة وتدرّ عائدات كبيرة على الخزينة العامة، ويريدون تعويض الخزينة عن هذه العائدات بفرض المزيد من الضرائب التي تصيب الطبقات الشعبية».
وإذ وضع اللقاء هذه الملاحظات على بيان نادي الرؤساء السابقين الأربعة، كاشفاً حجم المغالطات الذي تضمنه «إنما ليؤكد للبنانيين أن ما كان يجري إنما هو محاولة من هذا النادي للتحكم بعملية تشكيل الحكومة وفرض شروط جديدة لتأليفها، على نحو مخالف للدستور ولنتائج الإنتخابات النيابية، بهدف تنفيذ انقلاب على المعادلة السياسية استجابة للخطة الأميركية السعودية، الساعية إلى إعادة إخضاع لبنان للهيمنة الإستعمارية وفرض ترسيم للحدود البحرية والبرية بما يحقق الأطماع الصهيونية في الإستيلاء على جزء من ثروات لبنان النفطية والغازية، والعمل على تمرير شروط صندوق النقد الدولي، وصولاً إلى محاصرة المقاومة والعودة إلى طرح نزع سلاحها الذي يقلق العدو والصهيوني ويردع عدوانيته، خصوصاً الصواريخ الدقيقة. ولهذا كان من الطبيعي والواجب إحباط هذه المحاولة الانقلابية، ووضع النقاط على الحروف، وكشف الدور التخريبي الذي قام به نادي رؤساء الحكومة السابقين الأربعة لتعطيل تشكيل حكومة تعمل على وضع حدّ للتدهور والانهيار الاقتصادي والمالي».