يازجي من جامعة الحواش: نحن أبناء الحياة وإرادة الحياة في سورية لا بدّ أن تكسر كلّ حصار
شدد بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي على «عراقة الوجود المسيحي في سورية وعلى الدور الريادي لكنيسة أنطاكية».
كلام يازجي جاء خلال افتتاح مستشفى الدكتور فرزات أيوب الجامعي في جامعة الحواش في وادي النصارى، بمشاركة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني كريم، وبطريرك أنطاكية والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك البطريرك يوسف العبسي، وحضور شخصيات رسمية وكنسية وحشد شعبي من الوادي والجوار.
وقال: «ينطلق هذا المستشفى اليوم لنقول إن إرادة الحياة في سورية لا بد وأن تكسر كل حصار. نقوم بذلك لنقول إننا أبناء الحياة التي لا تعرف استكانة ولا خنوعا ولا تذللا لأحد. نقوم بذلك لنقول إننا مع الحق نبقى ومن معين هذا الحق إلهنا نستمد الفرج في كل شدة»
وتابع: «نحن اليوم في وادي النصارى وفي وداي النضارة الذي يتشح مسيحيته ونصرانيته كينونة وهوية مستمدة من عراقة ونضارة إيمان أبنائه. كما ويستمد نضارته ورونقه من عيشهم دوما وأبدا في أفضل علاقة مع كل جوار. يختصر هذا الوادي شيئا من شخصية كنيسة أنطاكية. حافظ أبناؤه على عراقة إيمانهم التي عاشوها وسط شعابه وجباله وسهوله. لكنهم في الوقت نفسه لم يثملوا في مجد الماضي وفي التقوقع فكانوا دوما دعاة فكر وتلاق فكري ومجتمعي مع سائر أطياف هذا البلد».
أضاف: «صلاتنا اليوم وأبدا من أجل خير سورية وسلامها ووحدة أراضيها. صلاتنا من أجل كل مهجر ومحتاج ويتيم. صلاتنا من أجل العين الساهرة على أمنها واستقرارها. صلاتنا إلى العذراء مريم وإلى القديس جاورجيوس وسائر القديسين من أجل راحة نفوس شهداء الوادي وسائر الشهداء. صلاتنا من أجل المخطوفين كل المخطوفين ومنهم أخوانا مطرانا حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي. وما أتعسها أياما تمتهن فيها كرامة الانسان كائنا من كان تجويعا حصارا وعنفا وخطفا في سوق المصالح والاستثمار. ورغم كل شيء ورغم كل صعوبة، نبقى على الرجاء ونذكر دوما أن درب الصليب فتحت نور القيامة».
وقال يازجي: «نجتمع اليوم هنا في جامعة الحواش، ونحن العارفون بما يحمله اسم الحواش من عراقة وعزة، لنفتتح هذا المستشفى الجامعي الذي يحمل اسم الدكتور فرزات أيوب. نجتمع لنؤكد أولا وأخيرا، أننا من صلب هذه الأرض ومن رحمها نتطلع إلى خيرها بخير إنسانها أولا وأخيرا. نجتمع وفي قلب كل منا ترتسم صعاب هذي الدنيا وصليب هذا الشرق وجلجلة إنسانه. ورغم كل ذلك، نضع حجر أساس ونبني جامعات ومستشفيات ومؤسسات ونبذل من دمنا ومن قلبنا لنترك للأجيال القادمة غدا أفضل. الحضارة أولا وأخيرا حضارة الروح وحضارة الفكر. والتاريخ تاريخ فكر وتاريخ روح. والفكر السليم والروح السليم عماد كل حضارة وتمدن».
وأضاف: «نقول كل هذا واضعين نصب أعيننا أن مجد الوطن ومجد أبنائه وخيرهم هو تربية الجيل الخلاق والمبدع. ومن هنا أهمية الجامعات ودورها الأساس في بناء وطن ومجتمع سليم. مجد الأوطان جامعات تربي ولا تكتفي بنفع. مجدها جامعات تبني جسور التلاقي وتهدم أبراج التقوقع. مجدها جامعات تنظر بعين إلى روح الإنسان ونفسه وتنظر بالعين الأخرى إلى جسده ومحيطه.
ومن هنا أهمية العلم الطبي وأهمية هذا المستشفى. الجامعة وكما يدل اسمها هي «أم العلوم». والعلم أولا وأخيرا فكر متقد ومتضع وخلق نبيل نربي عليه أبناءنا. وهذا الأمر مطلوب في كل الفروع وفي كل الاختصاصات.
إلا أن ما يستوقفني دائما في كليات الطب والعلوم الطبية هو ذلك القسم الذي يتفوه به الخريجون ويتميزون به عن طلاب الفروع الأخرى. وهذا الشيء الأخير إن دل على شيء، إنما يدل على أن الله قد وضع الأرواح، التي نفخها هو وأعطاها شيئا من روحه، وديعة في أيديهم وعليهم دوما أن يتأملوا عظم هذه المهمة الملقاة على أكتافهم وأن يتذكروا دوما أن عين الله تراقبهم وتلحظهم وترعاهم وأن يده معهم في اجتراح كل ما هو للخير».