مشروعان حكوميّان على الطاولة: تكنو سياسيّة برئاسة ميقاتي… أو وحدة وطنيّة برئاسة الحريري/ مفاوضات الترسيم تنطلق منتصف الشهر… ورعاية رئيس الجمهوريّة بين المادتين 49 و52
لقاء فوشيه ـ الموسويّ الوداعيّ أعاد الأمور إلى نصابها بين حزب الله والفرنسيّين وفتح طريق تفعيل المبادرة
كتب المحرّر السياسيّ
لا يزال إعلان اتفاق الإطار لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية اللبنانية، بالتلازم مع تثبيت الحقوق اللبنانية في الحدود البرية المرسّمة، محور الحياة السياسية والتعليقات الإعلامية. فالحدث الكبير الذي خرق الجمود بما أوحى به لجهة تقاطع غير مباشر بين المقاومة التي تقف وراء مسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قاد التفاوض بتفويض وطني شامل كانت المقاومة في قلبه، من جهة، والأميركيين الذين يقفون كجهة مرجعيّة محورية في هذا الاتفاق ومن بعده التفاوض، ما أطاح بالعديد من التكهنات حول اتجاه الأمور بعد فشل الرئيس المكلف مصطفى أديب بتأليف حكومته وصولاً لاعتذار، إلى مزيد من التصعيد في المواجهة التي يشكل الأميركيون والمقاومة طرفيها المباشرين، فبدت التجاذبات التي رافقت الملف الحكومي ومن خلالها العقوبات الأميركية وفتح ملف وزارة المال، أوراق تفاوض أميركية أملاً بتعديل اتفاق الإطار، انتهت مفاعيلها بفشلها في تعديل المواقف. وما جاء في الإعلان ينهي الوظيفة التفاوضية لهذه الأوراق مع انطلاق المسار التفاوضي منتصف الشهر الحالي بعد زيارة لمعاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر لبيروت.
لبنان الذي يستعدّ لدخول المفاوضات تحت رعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعدما أعلن بري انتهاء مهمته، أمام نقاش دستوريّ لمرجعية الرعاية الرئاسية للتفاوض، بين المادة 52 التي يجري الحديث عنها كإطار مرجعي للإشراف الرئاسي، وهي تنص على تولي رئيس الجمهورية المفاوضة على المعاهدات الدوليّة وإبرامها بعد عرضها على مجلس الوزراء، وإقرارها بقانون إذا كانت لها جوانب مالية. وهذا هو الحال في الترسيم والثورات النفطية، وخطورة أن يشكل الإطار لجهة تضمنه الربط بالتفاوض على معاهدات دولية فتح الباب لتحويل الترسيم الى معاهدة سياسيّة لا يريدها لبنان، ويسعى لتفاديها. وبين مرجعية المادة 49 التي تنص على أن رئيس الجمهورية يرأس المجلس الأعلى للدفاع وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، فيشرف على المفاوضات من هذا الموقع وبهذه الصفة لضمان بقاء التفاوض ضمن الإطار التقني العسكري، ينتهي بتوقيع محاضر وخرائط تودع لدى الأمم المتحدة ضمن ملف الحدود الدولية للبنان، ولا ينتهي بمعاهدة يوقعها لبنان وكيان الاحتلال برعاية أممية وشراكة أميركية فتصير أقرب لمعاهدة سلام، واعترافاً بالكيان. وبانتظار حسم دوائر القصر الجمهورية للسياق الدستوري لإشراف الرئيس على المفاوضات تتبلور تدريجياً الصورة الوفد عسكري الذي تقوم قيادة الجيش بتكوينه وتسمية أعضائه بعناية فائقة تراعي التاريخ العسكري والخبرة التفاوضية والتخصصات التقنية الجغرافية والاقتصادية والقانونية.
السؤال الرئيسي الذي طرحه إعلان اتفاق الإطار يطال كيفية التعامل الأميركي خلال التفاوض مع الملف الحكومي والمبادرة الفرنسية، مع ترجيح أن تتلقى المساعي الحكومية والمبادرة الفرنسية جرعة تنشيط. فالمطلوب حكومة ترعى التفاوض وتطبق نتائجه، والكلام الأميركي عن انفراجات اقتصادية في وضع لبنان بحصيلة التفاوض، يرتبط بوجود حكومة.
في الملف الحكومي قالت مصادر على صلة بما يجري تداوله في الكواليس من سيناريوات، إن الأمور بين خيارين حكوميين، ينتظر الحسم بينهما موقف أميركي يترجم بموقف سعودي وحراك فرنسي. والخياران هما، حكومة وحدة وطنية وفقاً للصيغة الأولى للمبادرة الفرنسية. وفي هذه الحال يكون الرئيس سعد الحريري هو المرشح لترؤس الحكومة. أو حكومة تكنوسياسية تضم وزراء دولة سياسيين ووزراء تقنيين بخلفية سياسية. وفي هذه الحالة يكون الرئيس نجيب ميقاتي صاحب الطرح هو المرشح بدعم من الرئيس الحريري.
على مستوى التحركات الفرنسية كان اللقاء الوداعيّ الذي جمع السفير الفرنسي برنار فوشيه ومسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي، فرصة لتنقية العلاقات بين الطرفين وإعادتها إلى نصابها بعد كلمتي الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وقالت مصادر أتيح لها الاطلاع على أبرز ما دار في الاجتماع إن الاتجاه لتفعيل وتزخيم المبادرة الفرنسية شكّل عنوان اللقاء.
لقاء فوشيه – الموسوي
مع غياب الملف الحكوميّ بشكل تام وبعد إعلان الرئيس نبيه بري عن اتفاق الإطار لترسيم الحدود مع فلسطين المحتلة، سيطرت حالة من الاسترخاء السياسي على المشهد السياسي وسط ترقب داخلي – خارجي لأمرين: حركة اتصالات جديدة تبدأها فرنسا مع الدول الفاعلة في الساحة اللبنانية ويواكبها رئيس الجمهورية ميشال عون بمروحة مشاورات مع الرئيس برّي والكتل النيابية، والثاني انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي في الناقورة برعاية الأمم المتحدة ووساطة أميركية منتصف الشهر الحالي.
وخرق رتابة المشهد لقاء متوقّع بين السفير الفرنسي برونو فوشيه ومسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي في حارة حريك، لقاء وصفته مصادر مطلعة بالبروتوكولي قبيل مغادرة فوشيه لبنان.
وأشارت قناة «أو تي في» إلى أن فوشيه حاول خلال لقائه الموسوي أن يفسّر ما الذي حصل مع الفرنسيين بالنسبة للمبادرة، مشيرة إلى أن السفير قال بأن الفرنسيين شعروا بخيانة من أطراف مقرّبة منهم.
جمود حكوميّ
ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» إلى أن الملف الحكومي لم يخرج من دائرة الجمود الكلي حيث لم يرصد أي اتصال أو لقاء على هذا الصعيد»، مشيرة إلى أن «لا اقتراحات ولا مبادرات جديدة سوى اقتراح الرئيس نجيب ميقاتي بتأليف حكومة تكنوسياسية من 20 وزيراً 14 تكنوقراط و6 وزراء دولة يمثلون الطوائف والكتل النيابية»، لكن مصادر في فريق المقاومة توضح بأن «الطرح لم يتبلور بعد ولم يطرح جدياً ولم يعرف إذا كان مجرد طرح شخصي من ميقاتي أو من رؤساء الحكومات السابقين الأربعة»، لافتة إلى أنه من «المبكر الحديث عن حلول والأمور معقدة».
عين التينة
وفيما علمت «البناء» أن المبادرة الفرنسيّة في طور التفعيل وهي الوحيدة القابلة لإيجاد الحل، يجري ترطيب الأجواء على خط الضاحية – قصر الصنوبر – عين التينة التي لفتت أوساطها لـ»البناء» إلى تمسّكها بالمبادرة الفرنسيّة وتطلّعها لاستئناف الفرنسيين دورهم على قواعد وأسس ومعايير جديدة بالتكليف والتأليف لعدم تكرار الأخطاء والالتباسات في تجربة مصطفى أديب».
قبلان
واعتبر المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان أن «المبادرة الفرنسيّة التي رأينا فيها بصيصاً من الأمل، لا نزال نعوّل عليها، على الرغم من كل الافتراءات الظالمة وغير العادلة التي ساقها صاحبها باتجاه الثنائي الوطني الشيعي، واتهمه بالعرقلة ووضع العصي في الدواليب، آملين من صاحب المبادرة أن يكون واقعياً وغير منحاز، وعلى مسافة واحدة من الجميع، وليس لديه أي توجّهات خفيّة سوى تعافي لبنان وإنقاذه، والحفاظ على وحدته».
بيت الوسط
أما مصادر بيت الوسط، فأعادت التأكيد بأنها غير معنية بأي اقتراحات كاقتراح ميقاتي، مشيرة إلى أن «الحريري أكد في بيانه الأخير أنه ليس مرشحاً لرئاسة الحكومة ولن يسمّي أحداً مع تمسكه بالمبادرة الفرنسية والتعاون مع أي مسعى جديد يؤدي إلى إنقاذ البلد».
بعبدا
فيما لم يرصد في بعبدا أي توجّه لبدء مشاورات سياسية في عطلة نهاية الأسبوع، مرشحة أن يطول «أمد الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة على أن عون سيعمل على ضمان اتفاق كامل يسبق استشارات التكليف»، وتعوّل مصادر سياسية على زيارة مرتقبة لوزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف إلى لبنان نهاية الشهر المقبل وعلى مؤتمر الدعم الفرنسي الذي تعتزم فرنسا عقده لدعم لبنان وعلى بدء مفاوضات الترسيم منتصف الحالي، مشيرة إلى أن التوصّل إلى اتفاق على الترسيم سيفتح الباب على انفراجات اقتصاديّة في لبنان.
الترسيم ليس اتفاق سلام
وفيما تتردّد أصوات في الداخل تشكك باتفاق الإطار وتفسّر مضامينه وتوقيته بمنحى تشكيكي وبأن لبنان قدّم تنازلات وأن المفاوضات تمهيد لعقد اتفاق سلام مع «إسرائيل» ما يفقد سلاح حزب الله قيمته وجدواه، لفتت مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» إلى أن «الطرف الإسرائيلي الأميركي هو الذي تنازل عن شروطه في التفاوض لا سيما موضوع التفاوض غير المباشر وبرعاية الامم المتحدة وتلازم المسارين البري والبحرين، وبالتالي هذا إنجاز يسجل للبنان الذي فرض شروطه على «إسرائيل» ما يمكنه من تثبيت حقوقه النفطية في مياهه، وبالتالي فرصة لإنقاذ لبنان من الانهيار وبناء اقتصاد منتج وحيوي». وأكدت المصادر بأن مفاوضات ترسيم الحدود لا تعني اعترافاً بـ»إسرائيل» ولا اتفاق سلام معها ولا تعديل بحدود لبنان البرية»، موضحة أنها مفاوضات غير مباشرة وعلى ملف محدّد ولمدة محددة وضمن ثوابت واضحة لا تمسّ بالحقوق السيادية والقوانين اللبنانية ولا تغير بأن «إسرائيل» عدو للبنان».
الفرزلي
وأشار نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، إلى أن «الولايات المتحدة الأميركية تعهدت بشكل غير رسمي أن تنتهي مفاوضات ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان و»إسرائيل» خلال 6 أشهر».
ولفت الفرزلي، في حديث صحافي إلى أن «موقف لبنان الذي يفاوض باسمه رئيس مجلس النواب نبيه بري، كان موقفاً واضحاً وصارماً، يتعلق بجهة الحفاظ على مبادئ عدة، وهي أن تجري المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة، وأن تكون المفاوضات غير مباشرة مع «إسرائيل»، وأن تعتمد الحدود البرية في الاتفاقية التي توصلوا إليها كالترسيم على الحدود البرية، النقطة التي توصلوا إليها أن تنطلق من الحدود البرية إلى الحدود البحرية، وليس العكس كما كان يحاول المفاوض الإسرائيلي». كما شدّد على أن «المنطقة المتعلقة بمزارع شبعا والمناطق المحتلة، هي خارج إطار الترسيم، والترسيم البري الذي أتحدث عنه، هو الخط الأزرق المتعارف عليه في لبنان حالياً، حددت هذه الحدود».
سلامة: الأزمة الحادة باتت وراءنا
على صعيد آخر، برز تصريح لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي أكد بأن «الأزمة الحادة باتت وراءَنا وأن مصرف لبنان ولجنة الرقابة سيقومان بكل الإجراءَات المتاحة قانوناً، لإعادة تفعيل مساهمة القطاع في تمويل الاقتصاد. فالرسملة والسيولة أساسية لتمويل الاقتصاد واستمرارية القطاع ترتبط بقدرته على تجديد نفسه».
وأشار سلامة خلال اللقاء الشهري الذي عُقد بين مصرف لبنان ولجنة الرقابة وجمعية المصارف، إلى أنه «أبلغ الحكومة بعدم المسّ بالاحتياطي الإلزامي لديه بالعملات الأجنبية لأغراض الدعم ما يتيح الدعم عملياً لشهرين أو ثلاثة أشهر للمواد الأساسيّة وتحديداً المحروقات والقمح والدواء بسعر صرف 1500 ل.ل. للدولار وللمواد الغذائيّة بسعر صرف 3900 ل.ل. للدولار. وأمِلَ أخيراً أن تنجز الحكومة مقترح البطاقات لحماية القدرة الشرائية للفئات الأكثر انكشافاً على الأوضاع المعيشية».
أما بالنسبة للقانون الذي أقرَّه المجلس النيابي (الدولار الطالبيّ) لفت سلامة إلى أن «مصرف لبنان سيدعم الدولار الطالبي كما القمح والدواء لكن مع ضرورة إيجاد آلية مركزية لئلا يُسَاء استعمال القانون باللجوء إلى أكثر من مصرف من قبل ذوي العلاقة. وتمَّ التوافق على انتظار التعميم التطبيقي لتوضيح كافة هذه الجوانب والذي من المفترض أن تصدره وزارة المال».
ارتفاع الدولار
وسجل سعر صرف الدولار ارتفاعاً جديداً في السوق السوداء تراوح بين 8550 للشراء و8650 للمبيع. وفسر خبراء ماليون هذا الارتفاع بأنه نتيجة اقتراب موعد رفع مصرف لبنان الدعم عن السلع والمواد الغذائية وبالتالي ارتفاع أسعارها ما دفع بالتجار الكبار الى شراء كميات كبيرة من الدولار لتمكينهم من استيراد المواد من الخارج.
اعتراض على قرار الداخلية
وتصاعد اعتراض رؤساء عدد من البلديات على قرار وزير الداخلية محمد فهمي إقفال 111 بلدة بسبب تفشي فيروس كورونا فيها. وأرسل رؤساء البلديات رسائل اعتراض الى القائمقامين والمحافظين ووزير الداخلية مطالبين بالتراجع عن قرار الإقفال، لأن القرار مبني على معطيات ومعلومات وإحصاءات اما قديمة واما مغلوطة، بينما هناك قرى كثيرة فيها عدد إصابات بالعشرات ولم يشملها القرار.
وعُلِم ان من بين البلدات والقرى التي ارسلت رسائل اعتراض او هي بصدد ارسال الكتب، بلديات الزلقا – عمارة شلهوب، وسوق الغرب ورعشين وشقرا وخربة قنافار في البقاع الغربي والشيخ طابا في عكار ورشعين قضاء زغرتا وإبل السقي في الجنوب ورومين قصاء صيدا.
على صعيد آخر تفاعلت أزمة المستشفيات، حيث اعتبر وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أن «من يكون بموقع المسؤولية يرى الأمور بمنظار وطني». وقال خلال حديث تلفزيوني: «نحن مع حقوق المستشفيات، لكننا أمام وضع صعب، وهذه مسؤولية وطنية». وأضاف: «اجتمعنا في السراي الحكومي مع رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان، وجرى بحث موضوع دعم الدواء، وأنا مصرّ على الاستمرار في دعمه».