اتفاق نهائيّ للسلام في جنوب السودان
بعد مفاوضات استمرّت عاماً كاملاً توّجت الحكومة السودانيّة ومجموعات مسلحة المباحثات التي استضافتها عاصمة جنوب السودان بالتوقيع بصورة نهائية أول أمس، على اتفاق للسلام لإنهاء النزاعات المسلحة.
ووقع على الاتفاق عن الحكومة السودانية الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتى) وقادة المجموعات المسلحة المنضوية تحت تحالف (الجبهة الثورية).
وحظي حفل توقيع اتفاق السلام الذي نقله التلفزيون السوداني، بحضور إقليمي ودولي واسع.
وشارك في مراسم الاحتفال الذي أقيم في ميدان الحرية في جوبا كل من رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت ورئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك ورؤساء كل من تشاد، الصومال، إثيوبيا وجيبوتي، إضافة إلى رئيس وزراء كل من مصر وأوغندا، وممثلين عن دول السعودية، الإمارات، قطر، كينيا، أريتريا، إضافة إلى ممثلي منظمات منها الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي.
وتعهّد رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في كلمة خلال مراسم الاحتفال بـ«عدم العودة للحرب».
وقال «لا رجعة للحرب ولن نحيد عن السلام ونؤكد حرصنا على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه».
من جانبه، قال رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، فى كلمته «كانت هناك شكوك حول قدرة جنوب السودان على التوصل لاتفاق سلام السودان، إن احتفال اليوم بدّد تلك الشكوك».
وأكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك «التزام حكومة الفترة الانتقالية بتحقيق السلام الشامل»، وقال «أعلن اليوم أن السودانيين قد توصلوا للسلام الذي كان وسيظل أولى أولويات حكومة الثورة».
وأضاف «أن السلام يعدّ أولى خطوات التعمير والتنمية والبناء».
ودعا الهادي إدريس رئيس الجبهة الثورية الموقعة على الاتفاق المجتمع الدولي إلى «دعم تنفيذ اتفاق السلام».
وقال إدريس خلال كلمته «إن اتفاق السلام الذي توصلنا اليه اليوم خاطب قضايا المصلحة الحقيقية من النازحين واللاجئين والضحايا».
وأكد رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي موسى فكي، في كلمته، «دعم الاتحاد الأفريقي لاتفاق السلام في السودان»، وتابع «أن تنفيذ الاتفاق يعتبر أصعب من توقيعه، والاتحاد الأفريقي سيدعم هذا الاتفاق».
من جانبه، أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي «دعم مصر لاتفاق سلام السودان».
وقال مدبولي، خلال كلمته « أؤكد عزم مصر الراسخ على استمرار العمل مع الأشقاء في السودان لتعزيز أوجه الشراكة القائمة بين بلدينا».
ورحّبت مصر، بتوقيع الحكومة السودانيّة والحركات المسلحة المعارضة على اتفاق السلام بشكل نهائي أول أمس، في جوبا عاصمة جنوب السودان.
واعتبرت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، أن «التوقيع على اتفاق السلام خطوة فارقة على صعيد الجهود الممتدة على مدار عقود طويلة لإحلال السلام الشامل في شتى أنحاء السودان، وبداية لصفحة مشرقة في تاريخه العريق».
وأكد البيان «وقوف مصر، حكومة وشعباً، بجوار السودان وتضامنها الكامل معه في هذه المرحلة الفارقة من تاريخه».
وأشارت مصر إلى أنها «لن تألو جهداً للعمل على دعم الاستقرار والرخاء والتنمية في كافة ربوع السودان، بما يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوداني الشقيق نحو غد أفضل، وذلك في إطار وحدة المصير وروابط الإخاء والتضامن التي تجمع البلدين ببعضهما البعض منذ قديم الأزل».
وشاركت مصر، بتكليف من الرئيس عبدالفتاح السيسي، في مراسم توقيع اتفاق السلام التاريخي بوفد رفيع المستوى ترأسه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، وضم رئيس جهاز المخابرات العامة عباس كامل.
ووقعت مصر كشاهد على اتفاق السلام، بجانب دول ومنظمات إقليمية ودولية.
ويُنهي الاتفاق الذي تمّ توقيعه أول أمس، نحو 17 عاماً من النزاع المسلح في إقليم دارفور في غربي السودان، ونحو 9 سنوات من الحرب في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وخلف النزاع في إقليم دارفور الذي اندلع في العام 2003 نحو 300 ألف قتيل و2.5 مليون نازح ولاجئ، حسب بيانات الأمم المتحدة.
وبدأت الحرب في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق العام 2011 وتضرّر بسببها مليون شخص.
وتتكوّن الاتفاقية من ثمانية بروتوكولات تتعلق بقضايا ملكية الأرض والعدالة الانتقالية والتعويضات وتطوير قطاع الرحل والرعوي وتقاسم الثروة وتقاسم السلطة وعودة اللاجئين والمشردين، إضافة للبروتوكول الأمني والخاص بدمج مقاتلي الحركات في الجيش الحكومي ليصبح جيشاً قومياً.
واتفقت الحكومة الانتقالية السودانية، مع 9 حركات ومجموعات مسلحة ومعارضة منضوية تحت تحالف (الجبهة الثورية)، لكن فصيلين رئيسيين هما جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور الذي يقاتل في دارفور والحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو التي تنشط في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق لم تنخرطا في مفاوضات السلام.
واستضافت جوبا عاصمة جنوب السودان منذ تشرين الأول الماضي مباحثات سلام بين حكومة السودان والمجموعات المسلحة في إقليم دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وحركات معارضة من شمال ووسط وشرق السودان.
وشاركت في المفاوضات إلى جانب حكومة السودان، كل من حركة تحرير السودان جناح منى اركو مناوي وحركة العدل والمساواة بزعامة جبريل إبراهيم والحركة الشعبية قطاع الشمال فصيل مالك عقار، ومجموعات معارضة من شمال السودان، وسط السودان وشرق السودان.