ترامب وريغان أيهما أكثر نجاحاً في كسب تعاطف الأميركيّين..
عندما تعرّض الرئيس الأميركي الاسبق، رونالد ريغان، لمحاولة اغتيال رمياً بالرصاص، التف الشعب حوله، ولكنه لم يمضِ ثمانية أشهر في الاستهانة بخطر المسلحين المختلين عقلياً، بحسب ما ذكرته صحيفة «لوس أنجلوس تايمز».
وفي الوقت الحالي، يعيد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إصابته هو وزوجته ميلانيا بفيروس كورونا، إلى الأذهان، أحداث المرة الأخيرة التي واجهت فيها البلاد حالة من الذعر البالغ بسبب القلق على الحالة الصحية لرئيسها، كما يسترجع ما حدث في الأيام القليلة المثيرة التي شهدها ربيع عام 1981.
وكان جون دبليو هينكلي جونيور قد قام بإطلاق النار على ريغان في 30 من آذار عام 1981، عندما كان الرئيس يهم مع الوفد المرافق له بمغادرة فندق «هيلتون واشنطن»، بعد أن ألقى خطاباً هناك. وكان ذلك بعد 70 يوماً فقط من تولي ريغان فترة ولايته الأولى من منصبه كرئيس للبلاد.
إلا أن ريغان، الذي تولى رئاسة الولايات المتحدة لفترتين، منذ كانون الثاني من عام 1981 وحتى كانون الثاني من عام 1989، خرج من المحنة بعلاقة أقوى بكثير مع المواطنين الأميركيين، صاحبته طوال بقية فترة توليه الرئاسة.
وترى صحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن «قدرة ترامب على اكتساب نفس التعاطف الذي حصل عليه ريغان، أمر مشكوك فيه، وذلك ليس فقط بسبب الأحداث التي سبقت مرضه، ولكن بسبب الاختلافات الحادة بين شخصية كل منهما، والتي يمكن ملاحظتها من خلال ردود فعلهما الفورية تجاه الأزمة الصحية التي تعرّض لها كل منهما».
فقبل أن يبدأ الجراحون عمليتهم لإزالة الرصاصة التي أصيب بها ريغان ووقف النزيف، ارتفع الرئيس الأميركي الراحل بجسده بصورة مذهلة متكئاً على مرفقه، حيث قال: «أتمنى أن تكونوا جميعاً من الجمهوريين».
ومن جانبهم، حرص المسؤولون في البيت الأبيض آنذاك على نشر تلك النكات والمزحات سريعاً في الصحف، حيث فهم المواطنون في ذلك الوقت ما كانت تعنيه، وهو أن ريغان كان شجاعاً، وكان قلقاً أيضاً بشأن من حوله. لقد دفعته غريزته الأولى إلى تهدئة زوجته. ثم مازح الأطباء لتهدئتهم أيضاً، لأنه كان يعلم أنهم جميعاً في حالة شديدة من التوتر. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع شعبيته.
والسؤال الذي تطرحه صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الآن هو، «هل يمكننا توقع حدوث قفزة مماثلة من تعاطف المواطنين وارتفاع الشعبية مع الرئيس ترامب؟ علماً بأن الدولة آنذاك لم تكن تعاني من الاستقطاب والانقسام كما هو حادث حالياً».
وترى الصحيفة أنه «إذا كانت حالة ترامب جيدة بالقدر الكافي، فإنه يمكننا أن نفكر فيما إذا كان سيتصرف بتواضع وشرف وترفع، مثلما فعل ريغان». ولكن، هل يمكننا أن نتوقع أن يقوم ترامب وهو على سرير المرض بنشر تغريدات ينتقد فيها ذاته، مما قد يساعد في ترسيخ روابط بين الناخبين وبين رئيس يعاني محنة المرض؟
كما أن تصرفات ترامب بعد تشخيص إصابته بالفيروس، تتناقض مع تصرفات ريغان، حيث أنه التزم الصمت لساعات عدة على حسابه على موقع «تويتر» الذي يعد قناة التواصل الرئيسية الخاصة به، منذ أن أعلن عن تشخيصه في حوالي الساعة الواحدة صباحاً (بحسب التوقيت الشرقي) في واشنطن، كما أنه لم يعقد مؤتمراً عبر الهاتف كان مقرراً يوم الجمعة مع حكام الولايات.
من ناحية أخرى، كان البيت الأبيض في عهد ريغان يرغب في أن يُظهر أن الرئيس يهيمن على دفة القيادة تماماً، حتى وهو راقد في سريره بالمستشفى. ففي صباح اليوم التالي لإطلاق النار عليه، وبعد أن أمضى الرئيس الأسبق ليلة مضطربة في غرفة الإنعاش، وقع ريغان على مشروع قانون خاص بمنع الدعم الممنوح لأصحاب مزارع الألبان.
وقال متحدث باسم البيت الأبيض للصحافيين إن «ذلك الإجراء أثبت أن ريغان يقوم بمهام الرئاسة، على الرغم من تعرّضه لإطلاق نار إثر محاولة اغتياله يوم الاثنين»، بحسب ما نقلته وكالة «أسوشيتيد برس».
وعلى الرغم من أن الأطباء قللوا في البداية من خطورة إصابات ريغان (الذي وصل إليهم قبل دقيقة أو اثنتين من لفظ أنفاسه الأخيرة)، إلا أنهم قدموا في النهاية تحليلاً كاملاً ومفصلاً إلى حد ما بشأن كيفية تعاملهم مع الرئيس وتوقعات الشفاء بالنسبة له.
ورغم تلك العثرات، كان المواطنون على استعداد للوثوق في الأطباء المعالجين لريغان وإدارته الشابة، بحسب ما ذكرته صحيفة «لوس أنجلوس تايمز».
لقد استفاد ريغان من التجربة، حيث كتب في مذكراته أنه «صلى من أجل الرجل الذي أطلق عليه النار». فقد تسبب الحادث في حدوث تغيير جذري في نظرة الرئيس للعالم.
ولكن، هل نتوقع أن يتغير ترامب ويتعاطف بصورة أكبر مع هؤلاء الذين أصيبوا بالفيروس؟ إن الادلة التي تشير إلى ذلك تعد قليلة حتى الوقت الحالي، إلا أن مثال ريغان قد يأتي بفائدة لترامب والبيت الأبيض.