لا استشارات ولا تكليف والمبادرة الفرنسية تنشط في باريس
} عمر عبد القادر غندور*
ربما مضيعة للوقت، الحديث عن استشارات نيابية وتشكيل حكومة جديدة تتأرجح بين حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري، أو حكومة تكنوسياسية برئاسة نجيب ميقاتي.
نقول مضيعة للوقت لأنّ المناخ العام في الوقت الراهن لا يوحي باستشارات ولا تكليف ولا حكومة أياً كانت في المدى المنظور، وبالتالي فإنّ الرأي العام الشعبي لا يولي هذا الاستحقاق الاهتمام الكافي، ويكاد اللبنانيون المثقلون بالهموم الاقتصادية والمالية والصحية لا يرجون أملاً بوجود حكومة من عدمها .
والسائد الذي يتردّد ان لا حكومة جديدة قبل الانتخابات الأميركية الشهر المقبل، هو السكون في قصر بعبدا وعين التينة والسراي بانتظار الجديد إقليمياً، وكل ما يتردّد عن استشارات وتكليف هو كلام في الهواء، لا بل الأسابيع الستة التي حدّدها الرئيس الفرنسي السيد ماكرون قابلة لمزيد من التمديد…
ومع ذلك، لا نرى المبادرة الفرنسية قد لفظت أنفاسها، ولا يجوز ولا يمكن لهذه المبادرة التي كلفت حضور الرئيس الفرنسي الى لبنان مرتين في أقل من شهر، أن تنتهي كما انتهت مهمة مصطفى أديب !
وسواء كان الفرنسيون قد نسّقوا مبادرتهم مع الأميركيين أو لم ينسّقوا، فالمبادرة تعني الكثير للرئيس الفرنسي على المستوى الشخصي، ولن يرضى ان يكون ضحية لثعالب الطبقة السياسية اللبنانية المحترفة… ورغم انّ الرئيس ماكرون الذي أخطأ في تحميل الأطراف كافة مسؤولية فشل مهمة مصطفى أديب، فإنه لم يضع مبادرته على الرفّ، بل أكد الاستمرار بها وأعطى مهلة جديدة لستة أشهر، وهو اليوم أكثر دراية ومعرفة بتعقيدات الأزمات اللبنانية، ولعلّ الزيارة الوداعية التي قام بها السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه إلى مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله السيد عمار الموسوي، بمناسبة عودته إلى بلاده، حملت رؤية فرنسية جديدة جاءت توضيحاً لما جاء في المؤتمر الصحافي للرئيس ماكرون، ما يشير إلى أنّ الرئيس الفرنسي بات متفهّماً لموقف الثنائي الشيعي، وهو في الأصل ألمح إلى تميّز اجتماعه برئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد ومدى صدقه وصراحته ووضوحه.
ولا شك انّ الفرنسيين لم يهدروا الوقت بل قاموا باتصالات مع دول الإقليم والوصاية غايتها توفير النجاح لقيام حكومة جديدة، ولكن ليس قبل تشرين الثاني، وما تلك «الروايات» عن شكل الحكومة المنتظرة ومن هو رئيسها واختيار وزرائها ومن يمثلون وعددها، ترجمة للمثل اللبناني العامي الذي يتحدث عن رجل «اشترى بردعة قبل شراء الحمار».
ولا ندري إلى متى سيستمرّ ثعالب السياسة في تعطيل المبادرات والحرتقة على الجهود المخلصة، والى متى تستمرّ العربدة السياسية على مساحة ما تبقى من العهد وطرح أسماء جديدة على سبيل جسّ النبض ولم يعد الفرنسيون بحاجة الى دليل يتحسّس لهم معالم الطريق.
*رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي