من دفاتر أكتوبر
معن بشور*
1- الفريق محمد فوزي
اسمحوا لي في السادس من أكتوبر التي كانت نصراً عسكرياً باهراً لجيش مصر وسورية والجيوش العربية في الميدان اجهضته السياسة، أن أتوجه بالتحية إلى كلّ من ساهم بصناعة الانتصار أو سعى إلى تحصينه بالتمسك بالثوابت… بل بالتحية إلى كلّ الشهداء من المحيط إلى الخليج الذين عبّروا بتضحياتهم عن وحدة الأمة التي يسعى اليوم أعداء الأمة إلى تدميرها بكافة الوسائل، لا سيما بضرب فكرة العروبة الجامعة، الحضارية الديمقراطية التقدمية…
اسمحوا لي بهذه المناسبة أن أحيّي أحد أبرز مصمّمي هذا النصر مع الخالد الذكر جمال عبد الناصر وهو الفريق الراحل محمود فوزي وزير الدفاع بعد هزيمة حزيران والذي كان في السجن يواكب بطولات جيش مصر في العبور الذي كان من أبرز من وضع الملامح الأولى لخطة الحرب مع الشهيد عبد المنعم رياض الذي كان بحق أول شهداء حرب أكتوبر يوم استشهد في الخطوط الأمامية في ٩ آذار/ مارس ١٩٦٩…
يروي لي صديقي العزيز مجدي المعصراوي (الأمين العام للمؤتمر القومي العربي حالياً) كيف دخل مرة إلى أحد المصارف ليزور صديقه مدير المصرف فيُفاجأ بالفريق فوزي واقفاً في الطابور ينتظر دوره ليقبض راتبه التقاعدي… فبلغ صديقه المدير الذي سارع إلى الذهاب إلى فوزي والاعتذار منه…
هكذا. هم القادة الذين يصنعون انتصارات لبلادهم… تواضع… شفافية… إخلاص… تفان في سبيل الوطن والأمة…
انهم الرفاق الحقيقيون لجمال عبد الناصر…
2 – مجزرة الطائرات الصهيونية في سورية
كانت حرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 1973، حرب «المفاجآت» للعدو الإسرائيلي، سواء على الجبهة المصرية حيث جرى تحطيم خط بارليف على قناة السويس الذي يُقال إنه محصّن ضدّ القنابل النووية، او في جبهة الجولان حيث جرى اقتحام خط آلون الشهير على يد بواسل الجيش العربي السوري، أو حيث نجحت القطاعات الجوية السورية بإسقاط أكثر من 90 طائرة حربية إسرائيلية في الأجواء السورية وخلال 10 ساعات فقط…
المفاجأة في مجزرة الطائرات الصهيونية في الأجواء السورية لم يكن فقط في سقوطها «كالعصافير» أمام صواريخ الدفاع الجوي السوري، بل انّ القيادة العسكرية الإسرائيلية كانت مطمئنة من عدم وجود سلاح دفاع سوري متطوّر (صواريخ سام 7) لدى الجيش السوري، لا سيما بعد ان قامت في 13 سبتمبر/ أيلول (أيّ قبل 23 يوماً من الحرب) بسلسلة من الغارات الإسرائيلية على سورية بهدف تحديد مرابض الصواريخ السورية، ولكن صاروخاً واحداً لم يُطلق يومها بل تصدّت المقاتلات السورية للمقاتلات الصهيونية وسقط منها 13 مقاتلة سورية وسط استغراب كثيرين. ومزايدات البعض، عن سبب عدم التصدي بالصواريخ لتلك الغارات يومها…
كانت القيادة السورية، وعلى رأسها الفريق الطيار رئيس الجمهورية الراحل حافظ الأسد يعدّون لحرب تشرين المجيدة، وبالتالي كانوا حريصين على عدم كشف مواقع دفاعاتهم الجوية ونوعية الصواريخ الموجودة، وتحمّلوا النقد والمزايدات من أجل إنجاح خطة الهجوم في ظهر ذلك اليوم التاريخي 6 أكتوبر/ تشرين الأول أو 14 رمضان…
ولعلّ في استحضار هذه المعلومة الهامة عن حرب تشرين ضروري، تماماً كما استحضار مواقف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في يوليو/ تموز 1970 على مشروع وزير الخارجية الأميركي روجرز بوقف حرب الاستنزاف مع العدو من أجل إفساح المجال لبناء؛ «حائط الصواريخ» الذي شكل حماية لا تقدّر بثمن لفيالق الجيش المصري وهي تعبر قناة السويس الى سيناء.
يومها أيضاً تعرّض عبد الناصر لمزايدات رخيصة من أكثر من جهة، وهي مزايدات رفضناها في بيروت وتحمّلنا ظلماً وجوراً بسبب رفضنا الانضمام اليها، فقد كنا نثق بوطنية وعروبة ناصر وبحنكته…
رحم الله الشهداء من ابطال أكتوبر جنوداً وضباطاً وقادة…
رحم الله الرئيسين جمال عبد الناصر وحافظ الأسد ومعهما كلّ من شارك في تلك الحرب من أبناء أمتنا العربية…
_ المنسّق العام لتجمّع اللجان والروابط الشعبية