موسكو تجدّد دعوتها لإنهاء النزاع.. وأنقرة تعلن استعدادها للعمل معها ..ودعوة إيرانيّة للتهدئة
استمرار المعارك وتبادل الاتهامات في ناغورني قره باغ
رغم الدعوات الدولية المتتالية لوقف إطلاق النار لكن المعارك في إقليم ناغورني قرة باغ بين القوات الأرمينية والأذربيجانية، تتواصل لليوم العاشر على التوالي. ويستمر معها تبادل الاتهامات بين الجانبين اللذين أعلن كل منهما تحقيق إنجازات ميدانية، وعرضت القوات الأذربيجانية أمس، مشاهد لمواقع قالت إن «القوات الأرمينية انسحبت منها مخلفة وراءها عتاداً ومعدات».
وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان، أمس، إنها ألحقت «خسائر فادحة في الأرواح والمعدات العسكرية بخصومها»، مشيرة إلى أن «القوات الأرمينية أجبرت على الانسحاب».
وكانت سلطات ناغورني قرة باغ الأرمينية أعلنت أن جيشها ينسحب تكتيكياً من بعض مناطق الاشتباك من أجل تجنب الخسائر غير الضرورية.
فيما جدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعوة موسكو إلى «عقد لقاء بين وزيري خارجية أذربيجان وارمينيا، بمشاركة ممثلي مجموعة مينسك لبحث وقف القتال في قرة باغ».
وكان لافروف قد أعلن أنّ بلاده على «تواصل مع تركيا وإيران بشأن هذا النزاع».
وقال وزير الخارجية الروسي خلال لقائه ممثّلي رابطة رجال الأعمال الأُوروبيين في روسيا، إن «موسكو تتواصل أيضاً مع الجانبين الأرميني والأذِربيجاني».
وتأتي تصريحات لافروف في وقت أعلنت فيه أنقرة أن «وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو سافر إلى أذربيجان، بهدف مناقشة الوضع في ناغورني قرة باغ مع الرئيس الأذري إلهام علييف».
من جهته، أعلن وزير الخارجية التركي، أمس، أن «تركيا مستعدة للعمل مع روسيا على تسوية النزاع في إقليم قرع باغ»، مشيراً إلى أن «النزاع يحتاج إلى حل جذري وعمل مشترك بين أنقرة وموسكو».
وقال جاويش أوغلو في مقابلة مع قناة «TRT Haber»: «يجب أن يقف كل شخص إلى جانب الحقيقة. هناك محتل وهناك ضحية للاحتلال، وأن العدل في صف أذربيجان، ويجب على الدول، بما في ذلك روسيا، أن تقف إلى جانب العدل».
وأضاف أن «روسيا عضو في ثلاثية مينسك ولديها علاقات مع كل من أذربيجان وأرمينيا، ويجب على روسيا العمل بشكل أكبر في هذه العملية».
وتابع «الجميع يعلم كم عملت روسيا لحل هذا الصراع حتى اليوم»، مشيراً إلى أن «تركيا مستعدة للعمل مع روسيا لحل المشكلة جذرياً».
وفي الوقت نفسه أعلن جاويش أوغلو أن بلاده «ستواصل دعم أذربيجان لاستعادة منطقة ناغورني قره باغ من أرمينيا».
كما ودعا وزير الخارجية التركي المجتمع الدولي إلى «عدم اتباع ازدواجية المعايير بشأن مسألة قره باغ»، زاعماً أن «تركيا تدافع عن وحدة الأراضي الأذربيجانية كما تدافع عن وحدة أراضي جورجيا وسورية والعراق».
وقال الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، أول أمس، إن «على تركيا المشاركة في تسوية نزاع قره باغ».
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال، بوقت سابق، إن «السلام سيتحقق في منطقة جنوب القوقاز فور انسحاب القوات الأرمنية من أراضي أذربيجان المحتلة».
ويقول علييف إن «إقليم ناغورني قرة باغ أرض أذربيجانية ولا بدّ من استرداده وسوف نسترّده»، مؤكداً أن «شرط أذربيجان الوحيد هو تحرير أراضيها»، مشيراً إلى أن «أرمينيا وبعض القادة الأوروبيين مسؤولون عن الوضع الحالي».
وترى أذربيجان أن «على أرمينيا القبول بأن إقليم ناغورني قرة باغ ليس أرمينياً، وأن تضع جدولاً زمنياً للانسحاب منه».
وتتهم أرمينيا أذربيجان باستقدام مقاتلين مرتزقة من الشرق الأوسط للقتال إلى جانب قواتها، لكن باكو ترد بأن هذه «ادعاءات كاذبة ومضللة لا أساس لها من الصحة»، وأن لا حاجة لها بمقاتلين أجانب.
وفي خطوة تعكس إصرار أرمينيا على مواصلة القتال، عرضت مشاهد لمتطوعين أرمن يتوجهون للمشاركة في القتال في إقليم ناغورني قره باغ.
في السياق نفسه، أكد أستاذ العلوم السياسية و العلاقات الدولية في جامعة يريفان أبراهام غسبريان أن «التصعيد العنيف مستمر في قرة باغ، وأن القوات الجوية الأذربيجانية قصفت بصواريخ إسرائيلية محظورة دولياً».
وقال غسبريان إن «تركيا أججت الصراع في إقليم ناغورني قرة باغ، وهي الوحيدة التي تتخذ موقفاً انحيازياً مع العدو، والدور التركي غير فعّال في الإقليم، وهو دور إرهابي، وأنقرة تريد حل مشاكلها مع روسيا في القوقاز»، مشدداً على أن «أذربيجان هي من أشعلت الحرب بتحريض تركي».
واعتبر أن «إيران هي الدولة الوحيدة في العالم الإسلامي التي تمثل نموذجاً جيداً لحوار الحضارات، وهي معنية بالتطورات الساخنة في الإقليم لكون أرمينيا وأذربيجان جارتين لها».
كما شدد غسبريان في حديثه على أن «أرمينيا لم تحتل أي جزء من أذربيجان وهي الضامن الوحيد لأمن قرة باغ»، مناشداً «المجتمع الدولي بذل أقصى الجهود لوقف القتال برعاية مجموعة مينسك».
فيما دعا مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي أرمينيا إلى «الانسحاب من الأجزاء التي تحتلها من أذربيجان».
ولايتي قال إن «بعض الأجانب يشعل الحرب كالكيان الصهيوني وتركيا».
كما دعا تركيا الى أن «تشجّع الطرفين على السلام بدلاً من تشجيع أحد طرفي النزاع أو كلاهما على خوض الحرب».
وأكد ولايتي أن بلاده «لن تسمح بأْن تبني الجماعات الإرهابية التابعة لأميركا وإسرائيل أوكاراً لها بالقرب من الحدود الإيرانية».
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة شدد على أن «إيران ترصد باهتمام تطورات الأحداث على حدودها الغربية»، موضحاً أن «طهران على اتصال بأطراف النزاع وأنها على استعداد للمساعدة في حل أزمة ناغورني قرة باغ».
في سياق متصل، قال وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي إن «إيران لا تحتمل زعزعة الاستقرار في المناطق الحدودية لها».
وأضاف «نصحنا دول الجوار وحذرنا من أننا لن نتسامح مع أي انعدام للأمن قد يعرض شعبنا في المناطق الحدودية للخطر».
وأكد فضلي أن «بعض قذائف الهاون أصابت مناطق من أرضنا وطلبنا السيطرة على الوضع»، في إشارة إلى المعاركة القائمة بين أذربيجان وأرمينيا في إقليم ناغورني قرة باغ.