شركاء جدد للعدوان الخليجيّ على اليمن؟
د. وفيق إبراهيم
تراجع الحلف السعوديّ – الإماراتيّ ومرتزقتهم في حربهم على اليمن والأزمات التي يتخبّط بها حليفهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب تضع حكام السعودية والإمارات في مأزق تاريخيّ.
فلا هم قادرون على الانسحاب بعد خمس سنوات على هجوم قواتهم على اليمن بدعم أميركي بريطاني بالتسليح والتخطيط والتدريب ومرتزقة من السودان وبعض بلدان العالم العربي والإسلامي، مع شراء مفتوح للسلاح من بلدان أوروبية ومشاركات إسرائيليّة متنوّعة ودعم مصري بحريّ.
هؤلاء لم يعد بوسعهم إكمال حربهم التي ادركت في جوانب منها مرحلة الخسارة المتدحرجة، فها هو جيش دولة صنعاء على وشك تحرير منطقة مأرب بما يعنيه من انهيار الدور العدوانيّ السعوديّ في كامل اليمن، والقضاء على طموحه في الاستيلاء على حضرموت والجوف.
كذلك الإمارات التي لم تتمكن حتى الآن من توطيد احتلالها لمدينة عدن وبعض أنحاء الجنوب وجزر سقطرى.
ما أدى الى ولادة معادلة تقوم على ان الانسحاب من حرب اليمن ممنوع بقرار أميركي والانتصار فيها مستحيل لقوة المدافعين عن بلادهم في دولة صنعاء.
هذا الى جانب الذعر الذي أصاب حكام الخليج بسبب تراجع حظوظ وليهم الأميركي ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في الثالث من تشرين الثاني المقبل.
هناك الآن فارق يزيد عن ثلاث عشرة نقطة تؤكد مكاتب استطلاعات الرأي الأميركية ان منافسه بايدن يحوز عليها، وقد تزداد في مقبل الأيام لتخوف الأميركيين من الحالة الصحية المتفاقمة لترامب التي يحاول إخفاءها بالتهريج والضجيج والادعاء انه تمكن من القضاء على وباء الكورونا المصاب به.
لذلك يجب الربط بين الانسداد العسكري للعدوان على اليمن ونجاح الحُديدة في إجهاض كل محاولات إسقاطها من قبل السعوديين والإماراتيين، وأزمات ترامب هي من العوامل التي دفعت مفتي السعودية آل الشيخ لمطالبة المسلمين عموماً بالدعاء لشفاء ترامب.
إلا أن السفير الاميركي في «اسرائيل» ديفيد فريدمان كشف المستور مسقطاً التوريات الدينية، فأعلن أن فوز بايدن على ترامب يمثل خطراً كبيراً على جهود واشنطن وحلفائها في حرب اليمن من جهة والتطبيع الإسرائيلي – الخليجي العربي من جهة ثانية.
فإذا كان الأميركيون أنفسهم يتوجّسون على مشاريعهم الاستعمارية، فماذا حال أدواتهم في الشرق الأوسط وهل لديهم سياسات بديلة؟
ليس لدى السعودية والإمارات إلا العمل لإنجاح ترامب بضخ كميات وافرة من المساعدات لحملاته الانتخابية والإعلامية، علماً ان الفوارق في الأهداف بين الحزبين الأميركيين الجمهوري والديموقراطي هي في اسلوب التطبيق وليس في الأهداف، فالطرفان يعملان على السطو على موارد بلدان الشرق الاوسط وافريقيا وآسيا، لكن الحزب الديموقراطي يميل الى الربط بين الدبلوماسية والنفوذ الجيوبوليتيكي والصفقات الاقتصادية، فيما يسطو الحزب الجمهوري على اقتصاد المرتبطين به بشكل مباشر ومن دون حوارات على الطريقة الترامبية المليئة بالغطرسة والاستكبار.
كما أن الحزب الديموقراطي يميل الى حل الدولتين في فلسطين المحتلة مع تسويات لمصلحة الكيان المحتل، فيما يريد الحزب الجمهوري منح «إسرائيل» كامل فلسطين والجولان والأراضي اللبنانية المحتلة، معززاً فرصها في علاقات كاملة مع العالم الغربي على اساس حل بينهما معادٍ لإيران وروسيا والصين.
فأين المهرب الذي قد يفر اليه الخليج لإجهاض التداعيات المحتملة لخسارة ترامب الانتخابات الرئاسية؟
يبدو ان الخليج ذاهب الى تعميق تطبيعه مع العدو الإسرائيلي الى درجة تقديم دعم مالي مفتوح لهذا الكيان مقابل خدمات عسكرية جوية وبحرية وتقنية وتدريبية ويريد السعوديون والإماراتيون التعجيل في التطبيع السوداني مع «اسرائيل» لهدفين: الاول هو الكسر المعنوي لجبهة الأول الرافضة للعلاقات مع «اسرائيل» فيما يذهب الهدف الثاني إلى مسارعة الكيان الإسرائيلي إلى تدريب قوات سودانية بأعداد كبيرة قد تصل الى ثمانين الف جندي، يعمل نصفها تقريباً على حماية العائلات الحاكمة في السعودية والإمارات فيما يجري زج القوات الباقية داخل معارك اليمن للمحافظة على الأقل على «الستاتيكو» القائم في مأرب وبعض الوسط والجنوب وللدفاع ايضاً عن الجهة السعودية في نجران وجيزان المواجهتين لأعالي صنعاء.
هناك ايضاً محاولات سعودية – إماراتية لطلب مساعدات عسكرية أوروبية لها ميزتان: الاحتراف العسكري والتغطية السياسية لحرب الخليج على اليمن، الأمر الذي يزيد من مناعة النظامين السعودي والإماراتي في الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة بالإضافة الى الدور العسكري، فهل تنجح هذه المساعي الشديدة الكلفة في زمن يتراجع فيه استهلاك البترول والغاز، وتختفي موارد الحج والعمرة ومختلف انواع العلاقات الاقتصادية؟ الصمود اليمني المتحول الى هجوميّ لن يتيح لكل هؤلاء فرصة ترقب تحولات ميدانيّة لمصلحتهم. لكن عملية طرد الغزاة السعوديّين والإماراتيّين من اليمن أصبحت مسألة وقت بانتظار تشكل موقف جنوبي يمني يلتقي مع الشمال والوسط المحرّر لإنقاذ بلادهم والمحافظة على ثرواتها ودورها اليمني والإقليمي وبالتالي العربي.