لماذا بندر بن سلطان في دائرة الصعود الإعلاميّ مجدداً؟
د. وفيق إبراهيم
تثير المقابلة الإعلامية التلفزيونية التي أجرتها محطة العربية مع الأمير المتقاعد بندر بن سلطان الاستغراب. فالرجل ترك العمل السياسي والدبلوماسي منذ أكثر من عقد تاركاً الأضواء متقاعداً في قصوره ويملأ شيب الثمانين مع العمر رأسه وتجاعيد وجهه.
وبما ان هذا الأمير لم يفعل شيئاً يستدعي تنظيم حلقات إعلامية معه، بالإضافة الى ان محوره في العائلة المالكة كان منحازاً الى فريق الأمراء السعوديين المعادين لمحمد بن سلمان.
لذلك يجب البحث عن عناصر أخرى ترتبط بالاستفادة من تاريخ بندر في العلاقات السعودية الدولية، خصوصاً أنه احترف العمل الدبلوماسي في سفارة بلاده في الولايات المتحدة الأميركية لعقدين أشرف فيها على حروب الاحتلال الأميركية للعراق وافغانستان ونزاعات اليمن والصومال، مساهماً في الحرب على إيران والدور الأميركي في الكويت ولبنان.
بندر هذا هو أهم سفير سعودي أدّى دوراً استثنائياً في خدمة المصالح الاميركية والسعودية وكان أميناً عاماً لمجلس الأمن الوطني في بلاده ورئيساً لاستخباراتها قبل ان ينتقل إلى العمل الدبلوماسي في واشنطن من خلال خبراته الاستخبارية والأمنية والاستشارية حتى أنه بدا الغطاء السعودي الإسلامي العربي لكل الاجتياحات الأميركية للعالم واللاعب الاساسي للتراجعات الفلسطينية التي انتابت سلطة محمود عباس ورعيله.
ماذا تضمنت المقابلة؟ وهل يكشف مضمونها الأسباب الحقيقية لإجرائها؟
ركز بندر على دور السعودية العالمي في نصرة المسلمين من خلال علاقاتهم الدولية والإقليمية، وكيف انها لم تخذل أحداً مستعرضاً نجاحاتها في اكثر من بلد.
ويتضح فوراً ان بندر نسي ان التدخل السعودي في الصومال مثلاً حوله منذ ثلاثة عقود الى دائرة حرب مفتوحة على اسس الإسلام الإرهابي والفوضى الاقتصادية والقبائل المتنوّعة والعربي والزنجي…
فلم تهدأ الصومال منذ تدخّله فيها الذي أتاح للعالم السياسي المتصارع عليها إقفالها وترك حروبها الداخلية على مصراعيها.
كذلك نزاعات اليمن التي يتباهى ابن سلطان بحلّها تحوّلت عدواناً سعودياً إماراتياً عليها على شكل حرب مستمرة حتى الآن.
اما افغانستان فعندما اراد بندر الاستجابة لوقف تعاملات الأميركيين والسعوديين مع القاعدة وطالبان انفجرت حروب داخلية وصلت الى حدود احتلال أميركي لها لا يزال موجوداً حتى اليوم ويريد الفرار منها ولا يعرف الطريقة.
اما آخر اختراعات بندر التي تكشف عن الأسباب الحقيقية لإعادته الى الضوء الإعلامي فهي سرده للعلاقات بين آل سعود والفلسطينيين معتبراً ان الانحياز الفلسطيني لإيران اساء الى القضية الفلسطينية، مؤكداً أن الجمهورية الاسلامية منعت بلاده من إيجاد حلول عادلة.
والطريف انه اكد ان السياسة السعودية المتعاقبة كانت دائماً مع فلسطين في حين أن قياداتها القوا بها في فشل ذريع لأنهم ينحازون دائماً الى اطراف عربية ودولية تتصف بالديكتاتورية وعداء فلسطين، مؤكداً أن الحوار مع الأميركيين هو الحل لقضية فلسطين.
هنا تظهر الأهداف في الجزء الأول من المقابلة وهي ان ايران والقيادات الفلسطينية دمّروا القضية الفلسطينية، فيما يحاول الاميركيون بمواكبة من أمراء آل سعود ايجاد حلول منطقية لها.
فيصبح الجزء الثاني من المقابلة الذي لم يُعرَض بعد الوسيلة الاساسية لتبرير التطبيع البحريني الإماراتي مع العدو الاسرائيلي وتقديمه كوسيلة للتوصل الى حلول للقضية الفلسطينية.
وبما انهما بحاجة الى أوزان عربية اكثر ثقلاً واعتمادية فتنبري السعودية كعادتها في نجدة الأشقاء العرب الى التطبيع مع الكيان الاسرائيلي كطريقة لإيجاد حل لأعدل قضية فلسطينية، كما وصفها بندر في الجزء الاول من ملحمته الإعلامية.
فيبدو ان رئيس وزراء الكيان المحتل انتبه الى محاولات بندر، فاستبقها بالإعلان عن ثمانية آلاف وحدة سكنية في الضفة الغربية المحتلة.
بذلك يحق للكثيرين سؤال بندر عن الطريقة التي منعت بها إيران السعودية عن تحرير فلسطين؟ وهل منعت الجيش السعودي من اقتحام فلسطين من خلال الأردن؟ ام ان الدعم الايراني لغزة الذي أتاح لها هذا الصمود الأسطوري عبر مقاوماتها وشعبها هو الذي عرقل الحلول السعودية لقضية فلسطين؟
وهل هو حزب الله الذي طرد الإسرائيليين من لبنان والإرهاب من سورية هو الذي أساء الى القضية الفلسطينية.
لذلك فإن المقابلات مع بندر هي مقدمات إعلان التطبيع السعودي – الإسرائيلي تمهيداً لإعلان حلف المطبعين العرب مع «اسرائيل» بإدارة اميركية لمجابهة إيران وروسيا والصين وقطاع غزة وحزب الله في لبنان والدولة السورية الصامدة والباسلة، هناك إضافات لأهداف بندر وتتعلق بإنتاج العشرات من أمثال السيسي الذي يتكلمون ولا يفعلون شيئاً.