شدّوا الأحزمة!!

كرامة الإنسان أن يعيش كإنسان، أن يحصل على متطلبات الحياة الضرورية للحياة كحد أدنى، لكن يبدو أنّ مثل هذا الكلام أضحى من الزمن الغابر..

كلما وصلت أحدنا رسالة مستهلة بكلمة: عزيزي المواطن، أو أخي المواطن ينبغي عليه أن يتفقد محفظته. فالجهات المعنية تهيئك نفسياً قبل عملية الدفع!!

من روائع ابن خلدون رائد علم الاجتماع العربي، أنه كتب في مقدمة ابن خلدون الشهيرة في القرن الرابع عشر الميلادي (( عندما تكثر الجباية تشرف الدولة على النهاية)).

فكيف لو كان ابن خلدون اليوم بيننا في زمن الطوابير الذي يضاهي زمن الضرائب في الحضور الدائم؟ فرضوا ضرائب على كل شيء من مأكل وملبس وطبيعة عمل والأهم بل الأكثر أهمية ضريبة الرفاهية، لأننا نعيش حياة لم يسبق لابن آدم العيش مثيلها. نعم ينبغي بل تقتضي الضرورة أن ندفع ضرائب على كل مفاصل حياتنا والأهم ينبغي إصدار ضريبة مفادها: عزيزي المواطن أو أخي المواطن إذا كنت تشعر أنه بمقدورك الاستمرار في الحياة هنا عليك دفع ضريبة بقاء أو ضريبة عيش..

كذلك إصدار قانون لقوننة الفساد وذلك لحماية الفاسد من القدح والذم. فالضرورة تستوجب أن نحترم مشاعر الفاسدين وقد يكون أيضاً مثل هذا القانون على شكل ضريبة، ادفع الضريبة لتحمي الفاسدين!!

يبدو أننا تجاوزنا مرحلة الأزمات ومقبلون على مرحلة الكوارث لذا ينبغي شد الأحزمة جيداً، يبدو أن العيش بكرامة أصبح مسألة فيها بعد نظر، هل المطلوب أن تصدّر الكرامة مع أخواتها خارج زماننا ومكاننا؟؟ ألا يعلمون أن المال لا يصنع رجالاً وكيف إذا كان المصدر من مال الشعب!!

خسرنا مصانع ومعامل وجلّ الأبنية التحتية ووصل الأمر للقمة العيش، ترى ماذا سيخسر هذا الشعب بعد!!

يصرّون بأفعالهم على التأكيد أن البقاء لم يعد للأفضل بل للأقوى، وهذا ما أشار إليه (جينس جاليشيوت) الذي اشتهر بعبارة ـ البقاء للأسمن ـ التي تؤكد ما آل إليه واقعنا المرير بعد ما تفشى فيه الفساد وتغلغلت في جنباته شهوة السلطة!!

فقد أظهر جينس معاناة الفقير في صورة غلام يحمل امرأة بدينة ترمز إلى العدالة الغائبة وسوء توزيع الموارد، فبينما تبدو على ملامح الغلام الأسى ورقة الحال، تغمض المرأة عينيها متعمدة، كأنها لا ترغب برؤية الظلم الذي يستشري حولها!!

ومنذ بروز هذا الشعار (البقاء للأسمن) عام 2002، انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض له، لكن يبدو لأنّ الدول العربية تأخذ بالشعارات وتطبقها قولاً وفعلاً!!

الشعارات التي تغلف بشريطة حمراء هي التي وصلت بنا إلى هذا الحال..

 صباح برجس العلي