هل حدث انهيار سياسي في لبنان في موضوع ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الصهيوني؟
إبراهيم علوش
ثمة من يعادي المقاومة عموماً، والمقاومة في لبنان خصوصاً، مهما فعلت (ولو ضوّت العشرة!)، ممن راح يزايد أنّ المقاومة في لبنان انهارت ووافقت على الاعتراف بالكيان الصهيوني بموافقتها على مفاوضات غير مباشرة عبر وسيط دولي لترسيم الحدود مع الكيان الصهيوني.
لمثل هؤلاء لا نقول شيئاً، لأن لا شيء يفيد… أما أنصار المقاومة في المعسكر الوطني والقومي واليساري، ممن تشوّشوا من الحملة الإعلامية على المقاومة في لبنان في هذه الموضوع، فلا بدّ أن نذكّرهم أنّ الآلية الثلاثية (اللبنانية – الدولية – «الإسرائيلية») للتفاوض مع الكيان الصهيوني تمّ تأسيسها في تفاهمات نيسان عام 1996، التي حيّدت المدنيين، وأتاحت للمقاومة أن تواصل عملياتها من دون ارتدادات على المدنيين اللبنانيين، ولم يقل أحد وقتها إنّ المقاومة اعترفت بالكيان، لا بل انّ المقاومة لم تصدر يوماً تصريحاً أو بياناً يؤيد قرار 425 (ولم تعلن معارضته صراحةً أيضاً).
كذلك بعد الاندحار الصهيوني من جنوب لبنان عام 2000، وبعد حرب الـ 2006، كان للآلية الثلاثية دورٌ في ترسيم «الخط الأزرق» (حدود الانسحاب الصهيوني من الأراضي اللبنانية)، الذي يعتبر لبنان أنه لا يتوافق مع «الحدود» اللبنانية – الفلسطينية التي تمّ تكريسها عام 1920، ولم يقل أحد منا وقتها إنّ الآلية الثلاثية تمثل اعترافاً من المقاومة بالعدو الصهيوني!
نضيف انّ الاتفاق الإطار لترسيم الحدود البحرية بين لبنان والكيان الصهيوني عبر التفاوض غير المباشر يجري الحديث عنه في وسائل الإعلام منذ سنتين أو ثلاثة على ما أذكر، إنما يأتي إخراجه إعلامياً اليوم كـ «نصر» لمشروع التطبيع مع العدو الصهيوني في المنطقة ضمن الحرب الإعلامية على نهج المقاومة من جهة، والحسابات الانتخابية لترامب ونتنياهو من جهة أخرى.
فالصبر الصبر يا أنصار المقاومة… لو أرادت المقاومة أن تعترف بالكيان لاختلف المشهد اللبناني كله، ولما أتى الأمر بهذا الشكل الذي يستهدف تخليص ثروات غازية لبنانية من قبضة الكيان الصهيوني… ولو كان الحديث عن اتفاق إطار لعقد معاهدة سلام، مثل كامب ديفيد عام 1978 بالنسبة للمعاهدة المصرية – «الإسرائيلية» عام 1979، أو مثل «إعلان واشنطن» بالنسبة لـ «وادي عربة» عام 1994، لحق لنا أن ننتقد من قبل بهذا الأمر، وأن ندينه، لكن ليس هذا ما يحصل.
المقاومة لا خوف عليها ولا من يحزنون، إنما الخوف علينا من التشويش والفوضى والحرب الإعلامية.. فانتبهوا أيها الأخوة والرفاق الأحبة…