الدعم العشوائيّ وهدر الأموال
– شكل تدخّل مصرف لبنان منذ مطلع العام لدعم استيراد الفيول والمشتقات النفطية والدواء والقمح والمواد الغذائيّة واعتماد أسعار عدة لصرف الدولار مخرجاً مناسباً لمشاركة الدولة في تحمل فروقات الأسعار عن اللبنانيين وحفاظاً على مستوى المعيشة بجعل نتائج ارتفاع سعر الصرف تنحصر في نسبة بين 20 و30% من الاستهلاك، بحيث بقيت فواتير الهاتف والكهرباء وأسعار محروقات والدواء وأقساط القروض وإيجارات المنازل والمحال التجارية على حالها عملياً وتراوحت زيادات أسعار المواد الغذائية بين 50% و200% حسب استفادتها من الدعم ووجهته.
– الكلفة العالية للدعم ناتجة عن العشوائيّة والفوضى وتحكم شريحة محدودة من التجار والمصارف بعائداته، فدعم المشتقات النفطية والغذاء يستهدف ذوي الدخل المحدود والأشد حاجة وهؤلاء يمثلون عملياً نصف اللبنانيين أي نصف مليون عائلة تقدر فروقات الأسعار عليها بنصف مليون ليرة شهرياً، لكل عائلة يمكن تسديدها بموجب حساب توطين خاص بدعم العائلات تعادل كلفته ملياري دولار سنوياً بدلاً من ثمانية مليارات تمثل الكلفة الحالية بسبب تسرب الدعم خارج أهدافه وتسببه بتشجيع التهريب، بحيث توفر كلفة سنة واحدة إمكانية مواصلة الدعم لأربع سنوات.
– بالإضافة لهذا الدعم لتغطية الفروقات في أسعار المحروقات والغذاء يتمّ حصر الدعم الدوائي بالأدوية الجنريك وأدوية الأمراض المزمنة والمستعصية ودعم القمح، بحيث تكون إجمالي فاتورة الدعم بما فيها دعم الكهرباء أقل من نصف الكلفة الحالية.
– الفوضى والعشوائية والإهمال والجشع عناصر حالت وتحول دون وصول الدعم لأصحابه المستحقين وتسببت بضياع موارد هائلة في غير مكانها الصحيح، بحيث استهلكت أموالاً طائلة يحتاجها لبنان كان ممكناً ولا يزال الحفاظ عليها بدلاً من ان يسارع مصرف لبنان لرفع الراية البيضاء والتلويح برفع الدعم. والغريب العجيب أن منظمات المجتمع المدني التي رفعت صوتها ضد السياسات المالية وهاجمت المصرف المركزي والمصارف والحكومات لم تبذل جهداً جدياً لبلورة بديل من هذا النوع.