وَهْمٌ يأسُرُ مُستقبل اللبنانيين!
} السيد سامي خضرا
يُخيَّلُ للمرء أنّ اللبنانيين أحاطوا أنفسهم بدائرة وهمية وباتوا أسرى لها وهي تُفيد:
«أن لا مجال للتغيير أو التطوير أو التعديل في النظام القائم والصيغة الفريدة التي لا نظير لها في العالم!»
فمتى يُدْرك اللبنانيون حتمية التغيير وسُنَنه وأعرافه؟
فكثيراً ما نسمع من السياسيين والإعلاميين اللبنانيين عندما يريدون أن يُعبِّروا عن صعوبة الإصلاح أو تغيير الأوضاع المُزرية التي تسود.. كثيراً ما نسمعهم يقولون:
«هذا هو لبنان» أو إنها «التركيبة الطائفية التي تحكم البلد» أو «هي الصيغة اللبنانية التي لا يمكن لأحد أن يُبَدِّلها!»
فتتلمَّس يأساً من تغيير ما.
بينما في كلّ بلدان العالم وعلى فترات زمنية مُختلفة تقع حوادث أمنية أو عسكرية أو إقتصادية خارجية أو داخلية أو كوارث طبيعية أو حروباً أو مؤامرات أو اغتيالات أو انقلابات ويقع ضحايا وتقع أحداثٌ… ويمرُّ البلد بأزمات مُختلفة ثم يجدُ أهلُه مَخرجاً أو صيغةً مقبولةً نسبياً لاستتقرارهم بعد التحرُّر من القيود والصِّيَغ السابقة.
كلّ العالم يتغيّر ويتبدّل في صيغته ودستوره ونظام حكمه وحتى في حدوده الجغرافية في كثير من الأحيان، إلا نحن في لبنان نقع أسرى الوهم في أنّ صيغة لبنان الفريدة التي نتعامل معها كأنها لا مثيل لها ولا شبيه ولا عديل في كل تاريخ البشرية!
فكثيرون يعتقدون أنّ العُرف السياسي أو الإعلامي اللبناني يعتبر أنه من الجرائم الكبرى أن يتجرَّأ أحد على المطالبة بتعديل أو تبديل السائد من الأنظمة أو الأعراف أو المَوازين!
فهناك سيفٌ وهمي مُسلَّط يخافه الكلّ وممنوع عليك أن تطالب بمجرد تبديل أو تعديل أو تجديد أو تفعيل أو تنشيط… لِما فيه خير «الشعوب» اللبنانية!
فإلى متى يبقى الوهمُ سائداً؟
وهل من الممكن أن نبقى جميعاً أسرى ما نحن فيه منذ عشرات السنين مع إقرار الجميع بحسب الظاهر على الأقلّ أنّ ما نحن فيه تخلُّفٌ ولم نجنِ منه إلا الضرر؟!
فَلْنَنظُر من حولنا إلى كلّ بلدان العالم واحدة واحدة لنرى تجاربها التاريخية وأحداثها السياسية وما جرى فيها من تَغيُّرات وإنقلابات وحروب وإنقسامات ومؤامرات وخيانات وأحلاف وأطماع وفساد وظلم… ثم تغيّرَت الحالُ إلى حالةٍ أخرى لتستقرّ أمور الناس ولو نسبياً أو لمدة معينة.
إلى متى يبقى اللبنانيون مرهونين لوهم «مملكة الطوائف» هذه فلا يمكن لهم الخروج من «الشرنقة» التي حَبسْوا أنفسهم فيها؟
بل ما زلنا في كل مناسبة نجدِّد الحبس لنحكم على أنفسنا بسجنٍ مؤبَّد نعيشُ على أنه لن ينتهي… مع أنَّ في الحياة لكل شيءٍ نهاية.
أَلَا توجد جهة في لبنان تستطيع الوقوف والمُجاهرة بأننا «إذا أردنا أن نَستمر في هذا البلد فعلينا كخطوةٍ أولى أن نعترف بالمرض وضرورة العلاج بالتغيير وإلا سوف نبقى على ما نحن عليه من تَخَبُّط مُتوارَث عن الآباء وإلينا وإلى الأبناء والأحفاد!»
فَليَعلم اللبنانيون أننا إذا بقينا على الساحة السياسية والإعلامية والثقافية والجامعية نُسَلِّم بالاستسلام لِما استلمناه عن المُستسلمين من قَبلنا فإننا لا نُوَرِّثُ الأجيال الآتية إلا استسلاماً يؤدي إلى موتٍ قبل الممات!
فلكلّ بلد في العالم جانب خسارة وجانب ربح وجانب مُظلِم وجانب مُضيء والأمثلة على ذلك تشمل كل البلدان، ونذكر إنْ كان لا بُدّ ألمانيا وبريطانيا واليابان وفرنسا وإسبانيا وسويسرا… واللائحة لا تنتهي.
فبكلّ سهولة نستطيع ذكر مئات الأحداث والحروب التي غيَّرت بلداناً وشعوباً بأكملها.
فمتى يعترف اللبنانيون ويُقِرُّون بِسُنَن وأعراف الحياة التي لا يستطيع أحد في العالم أن يخرج من نواميسها؟