الهمّ المعيشي هو القضية الأولى
} عمر عبد القادر غندور*
تتزامن الاتصالات والمشاورات بين أصحاب الشأن حول تشكيل الحكومة العتيدة وانطلاق مفاوضات ترسيم الحدود، فيما الشعب اللبناني بات تحت خط الفقر والبطالة والبؤس ولا يعنيه هذا الضجيج المستجدّ حول من يكون رئيس الحكومة الجديد وشكل حكومته وعدد وزرائها وألوانهم ولا إلى أيّ مدرسة سياسية ينتمون…
وبقدر ما تفرضه الضرورة لقيام حكومة جديدة تخلف حكومة تصريف الأعمال ينبغي إزالة المتاريس في وجه تشكيل الحكومة وعدم تأخير ولادتها لأسباب تتعلق بالتمثيل والحصص والمواقع، لأنّ الشعب اللبناني لم يعد يطيق هذه الممارسات، وبات على السياسيين ان يفهموا أنّ القضية الأولى التي تهمّ الناس هي لقمة عيشهم والدواء لمرضاهم، ومن يظنّ غير ذلك فهو واهم.
لبنان الذي طالما تغنّينا به درة على جبين الشرق ومفخرة ورسالة، هو في الواقع بلد مفلس هاجر منه عام 2019 وحده 61 ألفاً و 924 فرداً من خيرة شبابه ومثقفيه ولو أتيح لعشرات الآلاف من أبنائه الهجرة لفعلوا!
لبنان بلد استهلاكي يستورد الطحين والحبوب والزيوت والدواء وحتى المحارم الصحية والدبوس والطربوش وكلّ ما له علاقة بحاجات الناس اليومية، وحتى الكهرباء التي تتوفر للشعوب في مجاهل الأرض، فهي نادرة في لبنان، ولنتصوّر انّ حكومات الاستقلال على مدى سبعين عاماً لم تتمكّن من بناء منظومة كهربائية ثابتة، ولا حتى المعامل اللازمة للنفايات.
كفانا استغباء لأنفسنا، وتشدّقاً بما ليس فينا.. حتى ودائع اللبنانيين في المصارف جرى السطو عليها في عزّ النهار ولا من يحاسب!
المواجع كثيرة ويضيق المجال عن استعراضها، فيما الطبقة السياسية المتوحشة لا تكتفي ولا تشبع ولا تأخذها الرأفة بالعباد.
انّ المساعي الرامية الى تشكيل حكومة جديدة اليوم أشبه بمحاولة لإنقاذ مريض في العناية الفائقة، وعسى ان يتوفر له من عناية تنقذه، وأكثر ما نحتاجه اليوم صحوة ضمير تذلل العقبات أمام قيام حكومة نأمل ان لا تكون كسابقاتها.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي