في يوم الغضب الطويل والشامل رسائل عمالية احتجاجية على رفع الدعم وتدهور الأوضاع المعيشية الأسمر: مسلسل النهب مستمر والشعب لن يسكت وتحرّكنا سيتحوّل تصعيداً
على وقع التدهور الاقتصادي والمعيشي، كان «يوم الغضب والرفض التحذيري» الطويل، الذي دعا إليه الاتحاد العمالي العام فنُفذت التحرّكات في المحافظات كافة.
وفي هذا السياق، تجمّع عدد من ممثلي النقابات العمالية أمام مدخل مركز حليم وعايدة دانيال الأكاديمي الطبّي التابع لمستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، رافعين رايات الاتحاد العمالي العام. وشارك فيه رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر وممثلون عن نقابات: الضمان، إدارة حصر التبغ والتنباك، عمّال ومستخدمي الجامعة الأميركية في بيروت، اتحاد المصالح المستقلة والخاصة، إلى جانب أعضاء المجلس التنفيذي في الاتحاد العمالي العام.
وتحدث رئيس نقابة عمال ومستخدمي الجامعة الأميركية في بيروت جورج الجردي، فاعتبر «أننا أمام مؤسسة تُعدّ من أكبر المؤسسات في البلد وجرحنا لا يزال ينزف، نحن أكثر من دفع الضريبة في لبنان من خلال خسارتنا أكثر من 625 موظفاً نتيجة سياسات مالية خاطئة دفع ثمنها الموظف الفقير».
من جهته، انتقد الأسمر «ما تقوم به الصروح الطبية الكبيرة في لبنان من خلال رفع الدولار الطبي إلى 3900 ليرة ما سيؤدي إلى عجز الضمان والمواطن على دفع فارق الفاتورة الاستشفائية»، مؤكداً «أننا لن ندفع هذا الفارق وصولاً إلى اجتياح المرضى لتلك الصروح واجتياح الشعب اللبناني لصروح السياسيين»، محذّراً من وقوع الفوضى في حال رفع الدعم.
ورفض أن يُنسب التحرّك لأي جهة سياسية، مؤكداً أنه «تحرّك جامع وعنوانه إيقاف النهب والسرقة في البلد، وإلاّ وقف الحوار والاحتكام إلى الشارع»، معتبراً أن «تحرك اليوم رسالة تحذيرية وليس الهدف منه قطع الطرقات أو شل المؤسسات».
بعد ذلك توجّه المعتصمون للانضمام الى التجمّع امام مصرف لبنان حيث نفّذ الاتحاد وقفة احتجاجية، شارك فيها رئيس اتحاد النقل البري بسام طليس وممثل شركات توزيع المحروقات فادي أبو شقرا وعدد من النقابيين، ووصلت أيضاً تظاهرة لأصحاب الصهاريج.
وأكد طليس «التزام دعوة الاتحاد العمالي إلى تحقيق المطالب»، وقال «على الآخرين الذين قرروا رفع الدعم ولم يسألوا أحداً، أن يبادروا ويسألوا». أضاف «إننا ضد مبدأ رفع الدعم. مَن هي السلطة التي تقرّر السياسات الاقتصادية؟ هل هي السلطة الدستورية أو السلطة الإدارية؟ لأن من غير المقبول أن تقرر السلطة الإدارية سياسة الدولة بما فيها».
اعتصامان في المطار والمرفأ
ونفّذ اتحاد النقل الجوي في مطار بيروت الدولي اعتصاماً أمام مدخل المطار، بمشاركة الأسمر، احتجاجاً على إمكان رفع الدعم عن السلع الأساسية والدواء والمحروقات.
وألقى رئيس اتحاد النقل الجوي علي محسن كلمة، أعلن فيها أن «الاعتصام هو صرخة أوّلية سيليها إضرابات واعتصامات وصولاً إلى عصيان مدني. إنه يوم غضب في وجه السلطة ومافيات الاحتكار».
بدوره قال الأسمر «عندنا مافيا تهريب دواء، مافيا تهريب مازوت وبنزين. مَن المسؤول عن مافيات التهريب، الفقراء والعمال. نتطلع فنرى أن مافيات المال اللبناني تنهب، وبالأمس شاهدنا سياسة الدعم للسلة الغذائية التي نهبت من قبل بعض التجار. مسلسل النهب مستمر والشعب لن يسكت وسيأتي يوم يجتاح هذا الشعب هذه المافيات والمسؤولين وهناك الحساب الكبير».
ونفّذت نقابات موظفي وعمال مرفأ بيروت: إهراء الحبوب، مالكو الشاحنات العمومية اعتصاماً أمام المدخل 14 في المرفأ. وتوقف العمل لساعة واحدة، بمشاركة رؤساء النقابات الثلاث: الأسمر، سليم المعلوف وعيد ضو، وحشد من موظفي المرفأ والإهراء ومالكي الشاحنات.
وطالب الأسمر بـ»تشكيل حكومة مسؤولة لإنقاذ البلاد مما تتخبط فيه»، معتبراً أن «التحرك خطوة أولى، وبعد تقويم نتائج هذا اليوم (أمس) سنتخذ الخطوات التصعيدية المقبلة في ضوء المستجدات الطارئة». وأكد «أن الشعب لم يعد قادراً على الاستمرار في ظل الصعوبات الاقتصادية والمعيشية بحيث بات عاجزاً عن تأمين لقمة عيش كريمة».
وقال ضوّ بدوره «نحن كأصحاب شاحنات في مرفأ بيروت نعاني من مشاكل كثيرة وتفاقمت بعد الانفجار الكارثي الذي ألحق اضراراً جسيمة بأسطول الشاحنات في المرفأ ولم يُعوّض علينا بعد». وطالب بـ»تشكيل حكومة متجانسة لإنقاذ البلاد من الأزمات المتفاقمة».
ولبّت نقابة موظفي وعمال شركة «هولسيم» دعوة الاتحاد العمالي العام، لتنفيذ يوم «الغضب والرفض»، واعتصم العمال والموظفون أمام مدخل المعمل، استنكاراً «للوضع المعيشي الصعب، ورفضاً لرفع الدعم عن السلع الأساسية.
وشارك في الاعتصام الأسمر ورئيس النقابة أنطون أنطون، الذي رأى أن «الجميع مسؤول عن هذا التردي، ونحن من يدفع الثمن»، سائلاً «إلى متى نبقى صامتين؟»، معتبراً أن «المطلوب حكومة إنقاذ تتولى فوراً الإصلاحات الضرورية التي تخرج البلد من الانهيار، لذلك كله نحن هنا اليوم استنكاراً للوضع المعيشي الصعب الذي نعيش فيه ورفضاً لرفع الدعم عن السلع الأساسية: الدواء، المشتقات النفطية والطحين».
وألقى الأسمر كلمة، لفت فيها إلى أن «تحركنا هو باكورة تحركاتنا التي ستتحول إلى تصعيدية في حال عدم التجاوب مع مطالب الاتحاد العمالي العام». وطالب بـ»حوار فعلي وبنّاء وجدّي بين الاتحاد والحكومة وأصحاب الشأن المعنيين بهذه الملفات وبقضايا المواطنين».
قطع أوتوسترادات وطرق دولية
وفي السياق، قطع عمال وسائقون عموميون وممثلون عن قطاعات النقل البري واتحادها أوتوستراد طرابلس بيروت في الاتجاهين عند محلة البالما، احتجاجاً على التوجّه لرفع الدعم عن المحروقات والأساسيات وإنفاذاً لدعوة الاتحاد العمالي العام.
وعُقد لقاء نقابي شارك فيه الأسمر إلى جانب أعضاء هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد في مدينة طرابلس ونقاباته وحشد من القيادات العمالية.
وسأل الأسمر»كيف تكون المعالجات؟ إذا لم تكن هناك سلطة نتوجه إليها، وتكون قادرة على الحد من انهيار العملة اللبنانية وقيمتها الشرائية وتصاعد الدولار بشكل جنوني وهذا ما لا يمكن أن نقبل به كاتحاد عمالي عام»، وقال «إننا أمام معالجات ساقطة تدفعنا إلى التأكيد على تغيير حكومي سريع يعالج الأوضاع الاقتصادية الصعبة مع التأكيد أن رفع الدعم عن الأساسيات سيؤدي إلى مضاعفة الأسعار مرات ومرات، فيما الناس تئن من الفقر ومن عدم القدرة على الاستشفاء وحتى على إرسال الأبناء إلى المدارس. ومن هنا نحيي كل الاتحادات: اتحاد النقل البري اتحاد القطاع الصحي وكل القوى الحية».
وأقفل أعضاء اتحاد نقابات النقل البري في جبل لبنان الجنوبي وسائقو الباصات الطريق الدولية عند مفترق مدينة عاليه، حيث وُضعت باصات النقل وسط الطريق وبالاتجاهين، ما أدى إلى زحمة سير كثيفة. وشارك في الاعتصام رئيس الاتحاد النقابي كمال شميط الذي أكد أن هذا التحرك التحذيري اليوم هو «رسالة للحكومة والمعنيين للتراجع عن قرار رفع الدعم عن المحروقات والدواء والمواد الغذائية».
وتجمّع عدد من سائقي السيارات العمومية على المسلك الغربي لأوتوستراد صربا، مقابل ثكنة الجيش، للانطلاق إلى بيروت للمشاركة في «يوم الغضب» وسط تدابير القوى الأمنية.
كذلك نفذ موظفو مستشفى بعبدا الحكومي الجامعي وقفة تضامنية، وأُلقيت كلمة باسمهم طالبت وزارة الصحة العامة بصرف الأموال بصورة عاجلة بعيداً عن الروتين السيئ لحل أزمة الرواتب المتأخّرة لموظفي المستشفيات الحكومية اليوم قبل الغد، والطلب من جميع المكونات السياسية في لبنان تبني اقتراح القانون المقدم من النائب بلال عبدالله وهو إعادة ضم موظفي المستشفيات الحكومية في لبنان إلى ملاك وزارة الصحة العامة، وصرف مساهمات مالية عاجلة لزوم دعم المستشفيات الحكومية لتقوم بواجبها تجاه مرضى كورونا وغيرهم من المرضى العاديين. كما طالبت بإنصاف المتعاقدين تحت مسمى شراء خدمات ومعاملتهم أسوةً بملاك المؤسسة لما لهؤلاء من سنوات خبرة وخدمات في هذه المؤسسة.
كما طالبت الدولة بضرورة الإبقاء على الدعم المالي على الدواء والمحروقات والطحين.
وتجمّعت الفانات عند مستديرة السفارة الكويتية في اتجاه دوار الجندولين. كما تجمّعت السيارات والفانات والباصات والشاحنات عند مستديرة الدورة، استعداداً للانطلاق بتظاهرة سيارة في اتجاه مصرف لبنان للمشاركة في «يوم الغضب والرفض». وشهدت المنطقة زحمة سير وعملت القوى الأمنية على تسهيل حركة المرور.
ونفّذ موظفو «مستشفى رفيق الحريري» وقفة تضامنية في حرم المستشفى، تأييداً لمواقف الإتحاد العمالي العام. وأعرب المعتصمون عن قلقهم «تجاه رفع الدعم، الذي يشكل ضرراً مباشراً على الموظف الذي يتقاضى جزءاً من راتبه، كما يلحق رفع الدعم الضرر بالمستلزمات الطبية ومواد التعقيم وغيرها».
وأشاروا إلى أنهم يواجهون وباء «كورونا»، الذي يعرّضهم للخطر «في الوقت الذي لا نستطيع أن نعالج أولادنا في المستشفى بسبب الخلاف القائم مع الضمان»، وأعلنوا دعمهم «كل مواقف الاتحاد العمالي العام ، لأن حياتنا وعملنا في خطر، وإن أي إقرار لموضوع رفع الدعم، سيكون المتضرر الأول موظف مستشفى الحريري الحكومي».
كذلك تجمّع سائقو السيارات العمومية والفانات عند ساحة النجمة في مدينة صيدا.
وفي صور، تحرّكت النقابات والاتحادات العمالية كافة من مصلحة المياه والكهرباء والسائقين العمومين، حيث اعتصم العمال أمام مراكزهم، فيما اعتصم السائقون العموميون أمام دوّار البصّ وقطع أصحاب الفانات الطريق باتجاه صيدا حيث تم تحويلها إلى الطرق الفرعية. كما أقفل الضمان الاجتماعي في صور، فيما أضرب موظفو شركة «أوجيرو» واعتصموا أمام المصرف المركزي فرع صور.
ونفذت الاتحادات العمالية والنقابات اعتصاماً تحذيريا أمام مصرف لبنان فرع صور.
ولبّت مدينة النبطية أيضاً دعوة الاتحاد العمالي العام، وتجمع سائقو السيارات العمومية والباصات، وموظفو الضمان الاجتماعي، وعمال شركة الكهرباء في النبطية والزهراني، وعمال ومستخدمو مؤسسة مياه لبنان الجنوبي والنقابات العمالية على دوار كفررمان – النبطية وقطعوه بالسيارات والباصات وسط حضور للجيش وقوى الأمن الداخلي.
وتقدّم المعتصمين نائب رئيس الاتحاد العمالي حسن فقيه الذي قال «أعدلوا قبل أن يحترق البلد، فالبلد سائر نحو الزوّال بفضل سياساتكم العوجاء وبفضل نسف قواعد الحوار مع الطبقات العمالية ومع الفقراء والعمال والفلاحين. ندق ناقوس الخطر إنه الإنذار الأخير أمام الموجة المدمّرة، وصلت الأمور إلى ما لا تحمد عقباه بفضل تهريب الأموال وحجر أموال المودعين في المصارف، عودوا إلى وطنكم وسارعوا إلى تشكيل حكومة تنقذ الوضع اليوم قبل الغد».
كذلك نفذ عمال ومستخدمو منشآت النفط في الزهراني اعتصاماً أمام المصفاة، تلبية لدعوة الاتحاد العمالي.
وفي بعلبك، قطع أصحاب الفانات، مدخل بعلبك الجنوبي في محلة دوّار دورس بالاتجاهين، وسط إجراءات أمنية للجيش.
وفي ختام اليوم الطويل عاهد الاتحاد في بيان «جميع العمال وذوي الدخل المحدود الاستمرار في عمله الدؤوب دفاعاً عن حقوقهم في هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة من تاريخ لبنان».