«كل ما فيها جميل كل من فيها كريم» يحيى فتيان يصمّم هاضمات حيوية للمخلفات ليوفر الوقود تمت تجربته في قرى عدة
في وجه الحصار الغربي على توريدات المشتقات النفطيّة إلى سورية فجعلها شحيحة، بالتوازي مع نهب حقول النفط والغاز السورية التي يسيطر عليها الجيش الأميركي شمال شرقي البلاد، وما ينجم عن ذلك من صعوبة بالغة في تأمين احتياجات القطاع الزراعي والحياة الريفية إلى مصادر الطاقة، أصرّ مزارع سوري على إيجاد بدائل متوفرة لتأمين لقمة عيشه ومواصلة عمله الزراعي.
المزارع، والطبيب البيطري يحيى فتيان، لجأ إلى إنشاء (هاضم حيوي) محلي الصنع للمخلفات العضوية بهدف إنتاج غاز الميتان، وعمم التجربة على أهالي قريته وعدد من القرى المجاورة في ريف محافظة طرطوس، للتخفيف من حدة انعكاسات نقص الوقود الذي يتهدد أنشطتهم الزراعية.
الدكتور فتيان الذي استفاد من تجربته الناجحة عدد من فلاحي القرى المجاورة لقريته، يعمل حالياً لتصميم جهاز ضخم لإنتاج الطاقة الكهربائيّة.
في حديثه لـ»سبوتنيك»، شرح فتيان طريقة تصميم جهازه ومدى فاعليته في إنتاج الغاز وإمكانية توليد الكهرباء فقال: «تقوم فكرة الجهاز على إنشاء وحدات متنقلة منخفضة الكلفة وسهلة الاستخدام، للاستفادة من المخلفات العضوية بكل أنواعها من بقايا الطعام والشراب والفواكه التالفة وروث الحيوانات والدجاج وغير ذلك من المخلفات التي تتخمّر في وسط لا هوائي وتنتج غاز الميثان وبخار الماء وكبريتيد الهيدروجين».
وأكد الدكتور البيطري أن تكاليف هذا الجهاز بسيطة، والمواد الأولية لتصنيعه متوفرة بشكل أكثر من كافٍ في الريف على وجه الخصوص، ويمكن من خلاله إنتاج كميات وفيرة من الغاز تكفي احتياجات الفلاح لأغراض التدفئة والطبخ وغيرها من الاحتياجات المنزليّة، كما يمكن توليد الكهرباء وكذلك إنتاج سماد عضوي وبنوعية عالية الجودة للاستغناء عن استيراد الأسمدة الكيميائية.
ويضيف: «قمت حتى الآن بتركيب ثلاثة أجهزة في قرية (الدرية)، وأعمل حالياً على مثلها، إضافة إلى جهاز تجريبي في قرية (بيلة/ ريف طرطوس)، يستفيد منها الفلاحون».
وحول الطرق المتبعة في بلدان أخرى، قال فتيان: «هناك طرق مماثلة في الصين والهند من خلال حفر أرضية وصبها بالبيتون لكن تكاليفها باهظة من أجل إنشاء مستوعب الغاز في المكان المراد إنشاء المشروع فيه وتكمن مساوئ هذه الطرق بعدم القدرة على إجراء الصيانة عند حدوث تسرب، أما الفكرة الجديدة التي اشتغلت عليها فتقوم على إنشاء الهواضم الحيوية فوق الأرض باستخدام خزانات أو براميل عديمة النفع بحيث يسهل سد التسرب وإجراء الصيانات، ناهيك عن التكاليف المنخفضة لهذه الطريقة وتناسبها مع احتياجات المنازل الريفية».
وأشار فتيان إلى أن «الجهاز يتألف من وحدات عدة تركّب بشكل متتالٍ لتأمين تخمر المخلفات العضوية ومن ثم جمع الغاز الناتج عن التخمر في مجمع سهل الإنشاء لحين استخدامه بحيث يكون عامل الأمان موجوداً ومن ثم مد أنابيب الغاز إلى الأماكن التي يتم فيها استخدامه للتدفئة أو الطبخ وتوليد الكهرباء، أما المواد الأولية فهي عبارة عن خزانات أو براميل بلاستيكية مستعملة ورخيصة الثمن وسهلة الصيانة وأنابيب لنقل الغاز وتقتصر التكلفة المالية على أسعار الخزانات أو البراميل فقط، وبما أننا في بلد زراعي يمكن تركيب هذه الأجهزة لكل سكان الريف، وبالتالي توفير كبير على الفلاحين لمواد الغاز والمازوت والبنزين، وقد قمت بتصميم خمسة أجهزة صغيرة الحجم من هذا النوع وأعمل حالياً لاستكمال تصنيع جهاز كبير لإنتاج الطاقة الكهربائية».
ولفت إلى أن «هذا المجهود تم بشكل فردي من خلال الاستعانة ببعض الأبحاث، وفي حال تم تعميم هذه التجربة سيكون هناك توفير كميات كبيرة من مادة الغاز والمازوت والبنزين في الأرياف السورية».
وأردف قائلاً: «أستطيع أن أؤكد لك أنه بالإمكان أن نعيش حياة كريمة في بلدنا سورية ولن نضطر للاستيراد إلا ما ندر. وبالتالي لن نتأثر بأسعار الصرف، حتى في موضوع الأدوية فيمكننا أن نصنع الكثير منها محلياً فسورية غنية جداً بالأعشاب والنباتات الطبية ولديّ تجربة أيضاً في هذا المجال، كما أقوم حالياً بإعداد دراسة بحثيّة تهدف إلى الاستغناء عن المواد العلفيّة المستوردة والاستعاضة عنها بمواد تزرع وتنتج في بلدنا».
وختم الدكتور فتيان حديثه لـ سبوتنيك، بقوله: «علينا أن نرسم طريقة للخروج من الأزمة التي نعيشها في سورية من خلال تنفيذ مشروعات صغيرة سهلة التطبيق وذات جدوى اقتصادية كبيرة لكنها بحاجة إلى دعم ومساندة كي تكبر وتعكس أثراً وفائدة أوسع على اقتصادنا الوطني».
للاطلاع والمعاينة: