رياضة

رحل شبارو … وداعاً لمن ارتاح قلبه وبصره

} إبراهيم موسى وزنه

بالأمس، ارتاح عبد الرحمن شبارو (77 عاماً)، أغمض عينيه بشكل نهائي بعدما أتعبه النظر بعين واحدة في وطن يتحكّم فيه العميان. توقّف قلب ذلك «العبد» الصالح، الدائم الابتسام، القليل الكلام، وهو الحارس الذي كان اسمه على كل شفة ولسان، فقفزاته كانت بمثابة الدروس لكل حارس طامح، لقّب بـ «العملاق» ولا يليق هذا اللقب إلا به.

فالعملاق الذي حرس مرمى المنتخب الوطني بجدارة واقتدار، لعب مع النجمة والأنصار، وكان حبّه واحترامه نقطة التقاء للفريقين اللدودين

فمع النجمة أمضى أجمل سنواته (1962 ـ 1970)، علماً أن توقيعه الرسمي الأوّل كان على كشوفات الأنصار (1958 ـ 1962) بتسهيل من صديقه مصطفى البابا، لكن شقيق شبارو الأكبر سليم أعاد الأمور إلى نصابها بعد أربع سنواتوفي حديث الذكريات عنه، فهو ضيّع العديد من الفرص، وأبرزها الاحتراف في ايطاليا مع إنتر ميلانو في العام 1965 مذعناً لنصيحة غير موفّقة من عرّابه ومكتشفه سمير العدو. وفي تلك الفترة تسابقت الأندية المصرية لاستقدامه ففاز الأولمبي بجهوده لموسم واحد (1966 ـ 1967)، كما سعى منتخب المغرب جاهداً لتجنيسه بغية إشراكه في مونديال 1970 لكن رئيس نادي النجمة الحاج عمر غندور لم يشجّعه على تلك الخطوة

هو المجلي مع جميع الفرق، وما أكثر المستعينين بخدماته، أصيب خلال إحدى مبارياته مع النجمة ولاحقاً أدّت مضاعفات الإصابة إلى تركيبه عيناً اصطناعية لم تحجب الرؤية عن قلبه المفعم بحب اللعبة واللاعبينعمل في شبابه في مخرطة أخيه الأكبر. ودّع الملاعب من دون وظيفة تحفظ له العيش الكريم، وللأسف لم تتجاوب الأندية مع رغبته بالتوظّف.

بعد سنوات تألقه الكروي (1958 ـ 1983) راح يعمل في مجال أحبّه حتى الرمق الأخير، فدرّب حراس المرمى في النجمة والأنصار ومن ثمّ في العهد والراسينغ وشباب الساحل، وبفضل المبادرات الإنسانية من قبل العارفين بتاريخه وتضحياته وأحواله استمر في حياته ناقماً ومقهوراً.

وجد في ملاعب قصــقص القريــبة من بيته في الطريــق الجــديدة راحته النفسية، لأنه أراد أن يبقى فــي الملاعب قريبــاً من اللعبة التي أفنى حياته في ميادينها ومدرّجاتها، كان يتنقّل بين ملاعــب قصــقص وعينه على الحرّاس الواعدين، يرشدهم ويعلّمهم بقلب عطوف وهو المشهود له بطيبة قلب لا حدود لها.

على هامش صياغتي لكتاب (يوسف الغولحكاية كروية للأجيال)، بكى شبارو عندما أخبرته عن وضع صديقه الصحي، وتوجّه شاكراً وقفاته الإنسانية العديدة إلى جانبهوعندما باشرت بكتاب (شبل هرموشأسد الملاعب)، أخبرت الشيخ شــبل بواقع شبارو الصحي والمعيشي، فاقترح أن يعود ريع الكتاب في حفل التوقيع للحارسين الكبيرين المتعبين، عبد الرحمن شبارو وبسام همدر، نظراً لمعاناتهما في مواجهة الحياة وظروفها ومرارتها في هذا الزمن الرديء.

رحم الله فقيد العائلة الكروية في لبنان، الذي ووري جثمانه في الثرى أمس في مدافن الشهداء ـ شاتيلا، وسط حضور متواضع جداً!

نعم لقد غاب الأحباب والأصحاب ولم يحضر من رفاق الملاعب إلا عدنان بليق وناصر بختي! مع الإشارة إلى أن مبادرة رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم السيد هاشم حيدر بدفع ما تبقى من مصاريف وفروقات للمستشفى (8 ملايين ل. ل) أسهمت بإطلاق سراح جثمانه من مستشفى سان جورج حيث فارق الحياة

تغمّد الله فقيد ملاعبنا بواسع رحمته وألهم ذويه الصبر والسلوان. وإنا لله وإنا اليه راجعون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى