فورين بوليسي»: لماذا تجدّد حديث الجمهوريين عن «إيميلات هيلاري كلينتون» الآن؟
} عبد الرحمن النجار
قال روبي غرامر على موقع «فورين بوليسي» إنّ اندفاع وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، لاسترضاء ترامب بكشف المزيد من إيميلات هيلاري كلينتون يقلق الكثيرين في وزارة الخارجية، الذين يخشون من مخالفة ذلك للقانون وتأثيره في الانتخابات.
وأوضح غرامر أنّ هذا السلوك أثار ردّ فعل عنيفاً من الديمقراطيين في الكابيتول هيل، وانزعاجاً داخل وزارة الخارجية، وفقاً لأربعة مسؤولين والعديد من مساعدي الكونغرس.
جاءت هذه الخطوة بعد أن انتقد الرئيس دونالد ترامب بومبيو، أحد أكثر رجاله ولاءً، لعدم نشره رسائل البريد الإلكتروني لكلينتون من فترة عملها وزيرة للخارجية من 2009 إلى 2013. وسرعان ما أخبر بومبيو «فوكس نيوز» بأنّ الوزارة لديها رسائل البريد الإلكتروني، وأنه يدفع للكشف عنها «بأسرع ما يمكن».
لكن تصريحه ترك أسئلة أكثر من الإجابات – يستدرك غرامر – تتضمّن ما هذه الإيميلات بالضبط؟ ومتى ستنشر؟ ولماذا الإلحاح المفاجئ للكشف عن الرسائل بعد ثماني سنوات تقريباً من تنحّي كلينتون عن منصبها وزيرة للخارجية؟ وداخل وزارة الخارجية، يتساءل مسؤولون عما إذا كان اتباع أمر بومبيو قد يكون انتهاكاً لقانون هاتش، وهو قانون فيدرالي يحدّ من الأنشطة السياسية لموظفي الحكومة في سياق واجباتهم الرسمية.
مشرّعون ينتقدون بومبيو
اتخذ أحد المشرّعين الديمقراطيين خطوة بتحذير المسؤولين صراحة من أنّ مثل هذه الخطوة ستكون غير قانونية. غرّد النائب توم مالينوفسكي، وهو ديمقراطي من نيوجيرسي، ودبلوماسي سابق بوزارة الخارجية في إدارة أوباما: «أيّ موظف في وزارة الخارجية يساعده على التأثير في الانتخابات سوف ينتهك القانون».
وصف العديد من مسؤولي وزارة الخارجية السلك الدبلوماسي بالضعيف، وبانخراطه في المعارك السياسية في عهد ترامب. تخلى بومبيو عن الممارسة السابقة المتمثلة في بقاء وزراء الخارجية خارج السياسة الداخلية باتخاذ خطوات غير مسبوقة لخلط أولويات حملة ترامب الانتخابية مع الأعمال الرسمية لوزارة الخارجية. وشهد هذا العام أيضاً انخراط وزارة الخارجية في محاكمة عزل ترامب، بينما اشتبك بومبيو مراراً مع المشرّعين في الكابيتول هيل.
قال مسؤول تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «من السيّئ أن يقول بومبيو أشياء لإرضاء رئيسه فقط. ستشكل مثل هذه الخطوة خسارة كاملة لحيادية السياسة الخارجية، وإخضاعاً كاملاً للآليات الحكومية لأغراض انتخاب ترامب».
وانتقد مسؤول آخر تحرك بومبيو ووصفه بأنه «نفاق سياسي محض» – ينوّه غرامر – مشيراً إلى رفض بومبيو تسليم وثائق إلى لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب التي يقودها الديمقراطيون بشأن مسائل أخرى. قال المسؤول غاضباً: «كلنا نعدّها مجرد مزحة. كيف يؤدي هذا إلى تقدّم السياسة الخارجية؟ ما الذي يحتاج الشعب الأميركي معرفته بالضبط من رسائل بريد إلكتروني تعود لأربع سنوات؟».
ولم تردّ وزارة الخارجية الأميركية على طلب للتعليق من جانب المجلة.
هل فتح بومبيو النار على نفسه؟
وقال خبراء قانونيون آخرون إنّ هذه الخطوة قد تمهّد الطريق لإدارة جو بايدن المستقبلية لفتح تحقيقات حول إدارة بومبيو ومسؤولين سابقين آخرين لوزارة الخارجية. قالت مارغريت تايلور، زميلة في معهد «بروكينغز» وكبيرة المحررين في مدونة «Lawfare» للأمن القومي: «ماذا عن جميع الاتصالات بين مسؤولي إدارة ترامب الموجودة على خوادم وزارة الخارجية؟ يبدو أنّ هذا شيء يريد مايك بومبيو التفكير فيه عندما يدلي بتصريحات كهذه».
كشف تحقيق في وزارة الخارجية الأميركية حول البريد الإلكتروني لكلينتون أنّ 38 شخصاً ارتكبوا 91 انتهاكاً أمنياً من بين 33 ألف بريد إلكتروني جرى إرسالها إلى خادمها الخاص أو منه، خلال فترة عملها وزيرة للخارجية. ومع ذلك – يشدّد غرامر – خلصت إلى أنه لم يكن هناك سوء استخدام للمعلومات السرية.
خلص تحقيق وزارة الخارجية إلى أنه «بينما كانت هناك بعض الحالات التي جرى فيها إدخال معلومات سرية بشكل غير لائق في نظام غير سري، فإنّ الأفراد الذين جرت مقابلتهم كانوا على دراية بالسياسات الأمنية، وبذلوا قصارى جهدهم لتنفيذها في عملياتهم».
وكانت وزارة الخارجية قد أصدرت آلاف الرسائل الإلكترونية المتعلقة بفترة ولاية كلينتون وزيرة للخارجية.
استخدام رسائل كلينتون سلوك جمهوري تقليدي
وقد ركز ترامب على استخدام رسائل كلينتون خلال حملته الرئاسية ضدّها في عام 2016. كان بومبيو، بصفته عضواً جمهورياً في الكونغرس من كانساس، من أشدّ منتقدي كلينتون خلال فترة عملها وزيرة للخارجية، مستخدماً منصبه في لجنة مجلس النواب حول هجوم بنغازي للتدقيق في ردّها على الهجمات الإرهابية في عام 2012، والتحريض على استخدامها لخادم بريد إلكتروني خاص أثناء وجودها في وزارة الخارجية.
واصل بومبيو حملته ضدّ رسائل البريد الإلكتروني لكلينتون، بحجة أنّ وجود معلومات سرية على خادم خاص هو «سلوك غير مقبول».
لكن بالنسبة لبعض مسؤولي وزارة الخارجية، فإنّ المفارقة غريبة. فحتى أولئك الذين انتقدوا استخدام كلينتون لخادم بريد إلكتروني خاص لاحظوا أنّ كبار مسؤولي إدارة ترامب، بما في ذلك إيفانكا ترامب وزوجها جاريد كوشنر، يستخدمون حسابات البريد الإلكتروني الخاصة وحسابات «واتساب» لإجراء الأعمال الحكومية الرسمية، والتواصل مع المسؤولين الحكوميين الأجانب.
كما استخدم مسؤولو البيت الأبيض الآخرون، بما في ذلك رئيس موظفي البيت الأبيض السابق، رينس بريبوس، والمستشار ستيفن ميللر، حسابات البريد الإلكتروني الشخصية للأعمال الرسمية، كما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» في عام 2017. وأثارت الممارسات مخاوف بين خبراء الأمن السيبراني الذين شككوا في تشفير اتصالات «واتساب» وأمن البيانات منذ أن اشترى «فيسبوك» التطبيق في عام 2014.