بين بايدن وترامب
في كل مرة يكون فيها استحقاق انتخابي أميركي خصوصاً على المستوى الرئاسي تسود في منطقتنا مناخات الترقب التي تصل حد الاعتقاد بأن تحولات مصيرية ستلحق بقضايانا على إيقاع النتائج التي ستنتهي إليها الانتخابات.
خلال نصف قرن مضى تناوب رؤساء جمهوريون وديمقراطيون، من تمّت تسميتهم بالحمائم ومن تمّت تسميتهم بالصقور، ولكن لم يتغير شيء على الأقل في ثلاثة أمور، حجم الدعم الأميركي لكيان الاحتلال، وحجم التغطية الأميركية للأنظمة التابعة والملحقة بسياساتها رغم كل أزماتها مع شعوبها وانتهاكاتها لمعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان، ونهب ثروات المنطقة وخيراتها ومعاملتها كمجرد مصدر للثروات السائبة وسوقاً مفتوحة للاستهلاك.
خلال نصف قرن توسع الاستيطان في فلسطين وتمادى تهويد القدس، وخلال نصف قرن شنت الحروب وتم تدمير دول وتفكيك مجتمعات، وقتل مئات الألوف، وتشرّد الملايين، وصنعت منظمات إرهابية لا تحترف الا صناعة الموت، والراعي كان إدارات أميركية تعاقب عليها جمهوريون وديمقراطيون.
ليس معيباً أن تتابع نخب المنطقة ما يجري في الانتخابات الأميركية وأن تفهم المتغيرات التفصيلية التي سترافق تبدل الإدارات أو بقاءها، لكن المعيب هو الوقوع في الوهم القائل أن مصير بلادنا سيتقرر بنتيجة ما تنتهي اليه الانتخابات الأميركية لأن في ذلك ما هو أخطر من الوقوع في وهم كذبة التغيير في السياسات الأميركية التي قد يتغير فيها الكثير إلا عدائيتها وتوحّشها، والأخطر هو تعميم ثقافة الاستتباع والخضوع وفقدان الإرادة التي يراد لشعوب المنطقة أن تعيش في ظلالها.