مفاهيم لا تُحصى.. وكمنجات!

} الشاعر المغاربي مصطفى بدوي

في الطريق إلي :

في الطريق الي ارتطمت بأعشاب الندم ..

لم يكن سهلاً عليّ أن أؤجج الأعداء ضدي

ولا الكلمات حولي..

لم يكن للقصيدة أن تحملني ما يكدر لوز الطفولة في جبهة الريح

والكمنجات تحصي خسارتها خوفاً على سيرة الورد ..

في الطريق الي انثنيت نحو اليسار

راهنت  ما راهنت. .(……)

وانتخبت الندوب التي أبرقت في دم القحوان

لم أجد في الأفق خيلاً ..

وحدَها زمجرات الجمر عضت خطاي

فأسرجت  في حمأة التيه لظاي

كان يكفي أن ألوذ بدمعتي في العراء

كان يكفي الضلوع في مستحمات الجنون

وعلى صيغة الرمل اشتعلت..

فعانقت رعود سماي!

***

قلعة جعبر

يا قلعة جعبر.. يا حارسة الفرات العظيم

لماذا تهاطلت المجانيق عليك من كل بر وماء؟

يا المنذورة للحفيف المعربد في هودج التاريخ اذ يلقي بجثته على كتف المساءات فيك ..

يا المكسوة بالصراخ الوثني.. بالتباشير البعيدة وأنت  بشارة الأشياء..

يا المتلاطمة كأبراجك الواقفة..

يا المنيعة.. يا البليغة.. يا الغريبة غرّدي ليزرورق الفجر في ينبوع جمرك..

وصبايا الفرات يرشقن موجك بجدائلهن النازفات من فرط سحرك..

دثريني برنين الشذى يا عصف المرايا والزوايا والتكايا لأشق ليلك..!!!

جريمة قتل في حانة  nine fine Irishman :

للسيد روبنسون مشاغله اليومية، مثلا: في الصباح يحتسي قهوته بسرعة البرق ثم  يفتح صفحته على التويتر ليتفقد ما عليه أن يسويه مع شركائه في عالم المال والاعمال.. يرد على رسالة هاتفية عاجلة من  خليلته النيويوركية (باولا ب.) التي تطلب منه تأجيل موعدهما المرتقب في مقهى (ستامب تاون)  توجساً من زوجها الذي بدا يشك في تحركاتها.. وقد يتذكر أيضاً دعوة مكتب فريق (نيويورك يانكيز) الذي يعدّ السيد روبنسن من داعميه الأقوياء..

قد يتصل  من باب الاطمئنان على ابنته  بمركز (باراسيلسوس) لمحاربة الإدمان في زيوريخ كما قد لا ينسى استشارة فريقه القانوني لمقاضاة بعض الصحافيين الذين شككوا في وضعه الضريبي الملتبس .

في المساء وبعد حصص الركض بين مكاتب شركاته المتعدّدة، يحس السيد روبنسون بحاجته للبكاء لأن شركاءه قرروا التخلي عنه في اجتماعهم السري الطارئ بحسب مدير  مكتبه الإعلامي المقرب من مواقع القرار ..

في الليل، وهو يتنزه في منتجعه الفاخر يؤثر الدخول  الى حانة  nine fine irishmanفيجد (باولا) مع عشيقها الشاب الزنجي الثلاثيني ذي العضلات المفتولة. يستلّ السيد روبنسون مسدسه  بهدوء  فيردي الشاب برصاصة  في الصدر ثم يصوّب رصاصته الثانية نحو  باولا. تكتظ الحانة بالفوضى والهلع  فيقهقه السيد روبنسون بهستيرية غامضة  وهو يغني على انغام  الرولينغ ستونز  : you can> t  always get what you want

***

تنهيدة

1/ لاندلاع الورد في عينيك أطلقت تنهيدة في الهزيع وأنت قاب قهرين أو أعلى من المستحيل..

2/ لارتخاء الألم في أضلع الطين ما يوازي رماد الندم..

3/  لاهتزاز الزوايا في مقدّمة الحب ما يذكرني برعشة اللوز تحت مظلة الماء..

4/ لانمحاء صورتها في دم الذكرى تجهش المفردات ..

5/  لانحدار المروج استعار شاعرها الرذاذ وانتمى للغياب..

***

رعد الطين

أيتها البراري اشتعلي ببكاء حار وارتطمي باللغة الضنكى إن مسّني الهذيان..

شدّي على ليل المعنى بقفازات من ظمإ وحنين..

هذا الماء تشظت ألوانه يا شمس الدين حتى ضيعني الطين ..

ما رجت اضلعي الأطلال ولا الواح الطوفان ..

يا شمس الدين.. ادركني فالغيب يجلجل في ناي الروح وما أدركني بعد حفيف القبس المسنون

يا شمس الدين ها دمي الآن يمشطه رعد الطين!!!

***

فائض حاجة

لم تكن محتاجاً إلا لأغنية وخرير حلم لتذرع الدنيا على مشيئة أحزانك الأولى متخففاً من كل انضباط سخيف..

لم تكن محتاجاً الا لسيجارة شقراء في لحظة الخذلان  لتنفث  فيها أوجاعك القصوى وتزدري الوجود..

لم تكن محتاجاً إلا لعزلة في تلال الأرق لتغرق فيما يسوي أوتارك الظمأى على شهوة في الغياب..

لم تكن محتاجاً إلا لشرفة تنشر فيها جثتك وعيناك على عناقيد النجوم تحاورها إلى أن ترتخي في ضلوع المنام..

لم تكن محتاجاً إلا لعكاز قصيدة لتهش به على الوقت وتصفق بأصابع الورد للوهم المدلى من ميازيب الروح..

لم تكن محتاجاً إلا لصفصافة كي تسند في الظلال عليها دمعتك وتشرب من نبضها قامتك كيما تؤوب الى غصتك ..

لم تكن محتاجاً إلا لموجة تمتطيك او فكرة ترتديك لتمضي خفيفاً لطيفاً الى ضفة في مرايا الجنون ..

لم تكن محتاجاً إلا لنظرة في بريق عيني أبيك لتعلنها تنهيدة في الفراغ تطوي بها كل الفصول على الفصول وتشعلها راية في الجبال !!!

***

مفاهيم مفبركة

القرابة: وهم استعاريّ جليل تربّى على مقربة من اصطبلات  الغنائم والمواريث

الأمل: رغوة سراب يلهث خلفها الخاسرون وفقاعة قد يصدقها المهزومون..

الجدية: عملة انتهازيّة سمجة تكرس المالنخوليا والصداع النصفي والربو.. وأصحابها عادة بلداء، ثقيلو الوزن والظل، منتفخو الأوداج متهدلو الرقاب.. وفي اغلب الأوقات يتفاخرون في استعراض منجزاتهم التافهة..

الحب: لعنة تطارد الفراشات وحدها ولا دليل للشعراء على سردية تؤكد خرائبهم الرومانسية التي أبادوا من أجلها تلالاً من الأوراق وأنهاراً من الحبر..