موجة ثانية من كوفيد- 19 قد وصلت والحاجة ماسّة لتعاون أوثق في مجال اللقاحات
تجاوز عدد حالات الإصابة بكوفيد– 19 حول العالم الأربعين مليونا يوم الاثنين، مع تسجيل أكثر من 1.1 مليون حالة وفاة في جميع أنحاء العالم، وفقاً لما ذكره مركز علوم وهندسة النظم بجامعة جونز هوبكنز.
هذا المعلم القاتم الجديد جاء بشكل أسرع مما كان متوقعاً، ويطلق إنذاراً تحذيرياً للعالم بأن موجة ثانية من كوفيد-19 قد وصلت.
وفي مواجهة هذا الوضع الخطير، دعا قادة وخبراء في العالم إلى الالتزام الصارم بالتعليمات الصحية وتحقيق تعاون دولي أوثق في تطوير اللقاحات.
وتسارع زخم العدوى في جميع أرجاء العالم خلال الشهرين الماضيين. ففي الوقت الذي استغرق فيه الأمر 44 يوماً لارتفاع حصيلة الإصابات العالمية من 10 ملايين إلى 20 مليوناً و38 يوماً لارتفاعها من 20 مليوناً إلى 30 مليوناً، فقد استغرق الأمر 31 يوماً هذه المرة حتى يصل الرقم إلى 40 مليوناً من 30 مليوناً.
وصارت موجة ثانية من كوفيد-19 عبر القارة الأوروبية مدعاة للقلق.
ووفقاً للوحة بيانات منظمة الصحة العالمية الخاصة بكوفيد-19، فقد سجلت أوروبا 927433 حالة إصابة في الأسبوع الماضي، وهي الأعلى بين المناطق الست المدرجة على لوحة البيانات.
وقال متحدث باسم داونينغ ستريت يوم الاثنين إن “عدد حالات الإصابة المؤكدة في منطقة مانشستر الكبرى في بريطانيا تضاعف بواقع ثلاث مرات في غضون أسبوعين، وإن سعة وحدات العناية المركزة في المنطقة ستمتلئ عن آخرها بمرضى فيروس كورونا الجديد في غضون أقل من شهر إذا لم يتغير شيء”.
وارتفعت الإصابات في فرنسا بشكل حاد في الأسابيع الأخيرة، خاصة بين الشباب. وأبلغت البلاد عن 13243 حالة إصابة جديدة خلال الـ24 ساعة الماضية.
وفي بلجيكا، بلغ المتوسط اليومي لعدد حالات الإصابة الجديدة قرابة 7900 حالة في الفترة من 9 إلى 15 أكتوبر، بزيادة 79 في المائة مقارنة بالأسبوع السابق، حسبما ذكر معهد سينسانو للصحة العامة.
ومن ناحية أخرى، فإن “الوضع يفشل في الانحسار في الأميركتين والشرق الأوسط”.
فقد سجلت الولايات المتحدة أكثر من 8.2 مليون حالة إصابة وأكثر من 220 ألف حالة وفاة، وكلاهما أعلى معدل في العالم.
وتوصلت توقعات نموذج محدث، وضعه معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن، إلى أن “قرابة 390 ألف حالة وفاة قد تنتج عن كوفيد-19 في البلاد بحلول الأول من شباط 2021”، بناء على سيناريو التوقعات الحالي.
وتجاوز عدد الوفيات في البرازيل 154 ألفاً يوم الاثنين، مع تسجيل 271 حالة وفاة أخرى بكوفيد-19 في الـ24 ساعة الماضية، فيما أبلغت الأرجنتين عن 12982 حالة إصابة جديدة يوم أمس، ما رفع إجمالي عدد الإصابات في البلاد إلى أكثر من مليون حالة.
علاوة على ذلك، شهدت إيران يوم الاثنين أعلى حصيلة وفيات في يوم واحد منذ تفشي الفيروس في البلاد، بينما تجاوز إجمالي عدد حالات الإصابة المؤكدة في العراق 430 ألفا.
فيما يقول خبراء الصحة إن “الأسباب الكامنة وراء ارتفاع عدد الحالات هي برودة الطقس والانتهاك المتعمد للتدابير الوقائية”.
وأشار خبراء الصحة الأميركيون إلى أن “الأشهر الأكثر برودة ستدفع الناس إلى البقاء في الداخل وستساعد على انتشار الفيروس”، كما أشار مدير المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها روبرت ريدفيلد الأسبوع الماضي إلى أن “التجمعات الصغيرة أصبحت بشكل متزايد مصدراً للعدوى بكوفيد-19 في الولايات المتحدة”.
وحذرت لجنة، عينتها الحكومة لدراسة التقدم الحسابي لأرقام كوفيد-19 في الهند، من أن “بداية الشتاء والأعياد القادمة قد تزيد من تعرض الناس للإصابة بكوفيد-19”، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام المحلية.
كما حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس يوم الاثنين من أن “الأشهر المقبلة ستكون أكثر صعوبة مع حلول الشتاء المقبل في نصف الكرة الشمالي، لا سيما في أوروبا وأميركا الشمالية”.
لكن معظم الخبراء اتفقوا على أنه “مقارنة بالتغيرات في درجات الحرارة، فإن تجاهل بروتوكولات الصحة العامة هو السبب الأكبر”.
فعلى سبيل المثال، قالت وزارة الداخلية في مقدونيا الشمالية يوم الأحد إن “الشرطة فرضت غرامة على 702 من المواطنين خلال الـ24 ساعة الماضية لعدم امتثالهم للإجراء الإلزامي المتمثل في استخدام معدات الوقاية الشخصية مثل الكمامات”.
وذكر تقرير مشترك صادر عن مجالس إدارة المقاطعات السويدية “هناك خطر من اعتبار الجائحة أمرا طبيعيا مع مرور الوقت، وقد يؤدي ذلك إلى عدم الامتثال لتوصيات وكالة الصحة العامة”.
وقال أدريان إسترمان، خبير الإحصاء الحيوي وعالم الأوبئة بجامعة جنوب أستراليا، لوكالة أنباء “شينخوا” إن “ولاية فيكتوريا الأسترالية شهدت قيام عناصر فردية بتعريض القيود المفروضة لمكافحة كوفيد-19 للخطر من خلال انتهاك المتطلبات والتسبب في عدوى عنقودية”.
كما عزا العراق زيادة الإصابات بكوفيد-19 في البلاد جزئياً إلى “عدم امتثال الجمهور للتعليمات الصحية”.
وقال وزير الصحة السعودي توفيق الربيعة، في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية يوم الاثنين، إن “عدة محافظات تشهد موجة ثانية قوية من الإصابات عندما لا يتم اتباع الخطوات الاحترازية”.
وذكر وزير الصحة الكيني موتاهي كاجوي أن “الخبراء يقولون إن الانتهاك الصارخ لبروتوكولات الاحتواء هو المسؤول بالكامل عن الارتفاع المفاجئ”.
بدورها، حذرت جيتا جوبيناث، كبيرة الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، في مقابلة بالفيديو أجرتها معها وكالة أنباء “شينخوا” الصينية في الأسبوع الماضي، قائلة إنه “من المرجح أن يكون الانتعاش الاقتصادي العالمي طويلاً، ومتفاوتاً، ومشوباً بقدر كبير من عدم اليقين طالما أن جائحة كوفيد-19 لم توضع بعد تحت السيطرة”.
ولأن التأثير المتبادل بين كوفيد-19 والانتعاش الاقتصادي أصبح أكثر وضوحاً، فمن الأهمية بمكان تحقيق التوازن بين حماية الصحة العامة والاقتصاد.
فقد قال ريكاردو بوجليسي، الخبير الاقتصادي في قسم العلوم السياسية بجامعة بافيا في إيطاليا، إنه “يتعين على الحكومات تعلم مواجهة المخاطر الصحية دون وضع الكثير من العبء على الاقتصاد”.
وذكر جون فاز، كبير المحاضرين في كلية إدارة الأعمال بجامعة موناش في ملبورن، أنه “من المهم أن تركز جميع الحكومات على الأساسيات التي تساعد على كسر سلسلة انتقال العدوى وإنقاذ الأرواح وسبل العيش”.
ولأن بعض البلدان التي شهدت ارتفاعاً في عدد حالات الإصابة اختارت نهجاً أكثر اعتدالاً واستهدافاً – عادة ما يكون محلياً، ولا يشمل البلاد بأسرها – للتعامل مع الموجة الجديدة من فيروس كورونا الجديد، رأى العديد من الخبراء أن “فرض قيود أكثر صرامة قد لا يزال أمراً مطلوباً في المستقبل القريب”.
وخلال مؤتمر صحافي افتراضي عقد يوم الاثنين، قال المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية مايكل رايان إن لديه “أمنية ذهبية وهي أن يتم عزل كل مخالط لحالة إصابة مؤكدة على النحو الصحيح لكسر سلسلة انتقال العدوى”.
ولفت رايان إلى أن “دولاً مثل الصين وكوريا الجنوبية واليابان تمكنت من تنفيذ إجراءات أطول من نظيراتها في أماكن مثل أوروبا وأميركا الشمالية”، مضيفاً أن “الدول الآسيوية قامت بمتابعة جادة في عملية مكافحة الجائحة وشعوبها لديها قدر كبير من الثقة في الحكومات وتمتثل لها”.
وأعرب إسترمان عن اعتقاده بأنه “يتعين على الحكومات تقديم خطة واضحة وشفافة لمكافحة الجائحة تفاديا لنفاد صبر الجماهير وفي نفس الوقت التواصل بشكل فعال مع الجماهير لعرض سبب اتباع اللوائح الصحية”.
ومن ناحية أخرى، حث قادة وخبراء عالميون المجتمع الدولي على “تعزيز التعاون في تطوير اللقاحات”.
فقد قال فرانكو لوكاتيللي، رئيس المجلس الأعلى للصحة في إيطاليا وعضو اللجنة الفنية العلمية المعنية بتقديم المشورة لمجلس الوزراء الإيطالي في حالة طوارئ المتعلقة بكوفيد– 19، إن “الجهود العالمية المبذولة بشأن اللقاحات مكثفة للغاية في الوقت الحالي”.
ولدى إشارته يوم الاثنين إلى “أن 184 دولة واقتصاد انضمت الآن إلي كوفاكس”، وهي مبادرة عالمية تدعمها منظمة الصحة العالمية لضمان الوصول العالمي الفعال والعادل إلى لقاحات كوفيد-19، قال تيدروس “إن التقاسم العادل للقاحات هو أسرع وسيلة لحماية المجتمعات المعرضة للخطر، والعمل على استقرار النظم الصحية، ودفع انتعاش حقيقي للاقتصاد العالمي”.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف هنريتا فور في بيان صحافي يوم الاثنين إن “تطعيم العالم ضد كوفيد-19 سيكون أحد أكبر المهام الجماعية في تاريخ البشرية، وعلينا التحرك بأسرع ما يمكن في إنتاج اللقاحات”.