ترامب وبايدن في المناظرة الرئاسيّة الأخيرة واستطلاعات الرأي الأميركيّة..
تمكّن كل من المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة الرئيس دونالد ترامب والمرشح الديمقراطي جو بايدن من عرض برامجهما الانتخابيّة خلال المناظرة الأخيرة التي جمعتهما الخميس، قبل 12 يوماً من الانتخابات الرئاسيّة. وتمكّن كل منهما من إحراج منافسه في عدد من الملفات..
فكيف بدا كل من المرشحين خلال هذه المناظرة؟
وفق الإعلام الأميركي، بدا ترامب وكأنه استجاب لنداءات مستشاريه في المناظرة الثانية، وقدم أداءً أكثر تحفظاً عندما واجه منافسه جو بايدن، بالمقارنة مع المناظرة الأولى التي اتسمت بالفوضى. لكن وفق «سي أن أن »، لم يحدث شيء فيها لتغيير مسار السباق.
وذكر عدد من المواقع والصحف الأميركية أنه وفي حين كانت تصريحات ترامب أكثر هدوءاً من أدائه المدمر في المناظرة الرئاسية الأولى، إلا أنها لا تزال مليئة بالأكاذيب والهجمات الشخصية من حين لآخر، وفشل ترامب في تغيير قواعد اللعبة لمصلحته. في المقابل، لم يكن أداء بايدن جيداً مثلما كانت هيلاري كلينتون في هذه المرحلة من سباقها في عام 2016.
وكان النقاش أكثر تحكماً بكثير من المناظرة الرئاسية الأولى، حيث أبقى ترامب على أعصابه تحت السيطرة، ولم يحاول إخراج بايدن عن مساره مع مقاطعات متواصلة كما فعل خلال المناظرة الأولى، التي اتسمت بالفوضوية لدرجة أن لجنة المناقشات الرئاسية اتخذت خطوة غير مسبوقة لتغيير القواعد: قطع ميكروفونات المرشح بينما يردّ الخصم على السؤال في كل مقطع من الأجزاء الستة.
فيما انتقد بايدن قرار إدارة ترامب بفصل الآباء عن أطفالهم على الحدود، ولم يتمكن ترامب من تقديم إجابة لما حدث لأكثر من 500 طفل ما زالوا منفصلين عن والديهم. وبدلاً من شرح سياسة إدارته، أو التعبير عن الأسف بشأن العائلات التي انفصلت عن بعضها، حاول مراراً وتكراراً أن يجادل بأن «الأقفاص » التي احتُجز فيها بعض الأطفال بُنيت في ظل إدارة أوباما وتفاخر بسياسته. وقال إن هؤلاء الأطفال «تم الاعتناء بهم جيدًا. إنّهم في منشآت نظيفة للغاية ». واعتبر أن «سياسات إدارته كانت رادعة وتحدّث عن إنهاء السياسة التي تسمح للأشخاص الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني بالإفراج عنهم أثناء النظر في قضاياهم أمام المحكمة ».
وأتاح رد ترامب البارد فرصة أمام بايدن لتقديم إجابته، إذ قال إن «سياسة الفصل الأسري تتعارض مع كل ما تمثله أميركا، وتمّ انتزاع أطفالهم من أذرعهم وفصلهم. والآن لا يمكنهم العثور على أكثر من 500 مجموعة من هؤلاء الآباء وهؤلاء الأطفال بمفردهم. لا مكان يذهبون إليه. لا مكان يذهبون إليه. إنه أمر إجراميّ».
من جهة أخرى، ادعى ترامب خلال المناظرة أنه فعل من أجل السود أكثر من أي رئيس آخر منذ أبراهام لنكولن، ونفى مزاعم أنه عنصريّ، قائلاً: «أنا أقل شخص عنصري في هذه الغرفة ». وسخر بايدن من هذا الردّ بالقول إن: «أبراهام لنكولن هو أحد أكثر الرؤساء عنصريّة في التاريخ الأميركي ».
أما عن أزمة كورونا فطُلب من كلا المرشحين في بداية المناظرة أن يشرحا كيف سيخففان من زيادة حالات الإصابة بالفيروس التاجي في أميركا، فألقى ترامب مرة أخرى باللوم على الصين في الفيروس وقدّم دفاعاً عن طريقة تعامله مع الوباء. وفي مقدمة تصريحاته، أدلى بادعاء مضلل بأن رده منع مليوني أميركي من الموت.
وعلى الرغم من أن الولايات الأميركيّة في خضم موجة قاتلة ثانية، أصرّ ترامب على إبراز نبرة متفائلة، وقال: «نحن نقترب من الزاوية. إنها تختفي ».
وأضاف «لدينا لقاح آتٍ، إنّه جاهز، سيتم الإعلان عنه في الأسابيع المقبلة»، قبل أن يتهرّب من تحديد الموعد الدقيق لجهوزية اللقاح المرتقب.
يأتي ذلك في ظل تحذير المراكز الطبية الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، أنه سيكون هناك ما بين 235 ألف إلى 247 ألف حالة وفاة بفيروس كورونا في أميركا بحلول 14 تشرين الثاني. لكن ترامب تحدّث عن تجربته الخاصة في مكافحة كورونا وقلل من أهمية الزيادة الحالية في الحالات.
من جانبه، انتقد بايدن بشدّة طريقة تعامل ترامب مع الفيروس، مشيراً إلى أن 1000 شخص يموتون يومياً. وركّز على كلمات ترامب السابقة – مشيراً إلى تصريحه في آذار بأنه «لا يتحمل أي مسؤولية» عن المعدل البطيء لنمو اختبارات فيروس كورونا»، معتبراً بايدن أن تصريح ترامب «يستبعد أي شخص يسعى للحصول على أعلى منصب في البلاد».
وقال بايدن «أي شخص مسؤول عن هذا العدد الكبير من الوفيات يجب ألا يظل رئيساً للولايات المتحدة الأميركية»، مضيفاً: «سأعتني بهذا، وسأنهي ذلك، وسأحرص على أن تكون لدينا خطة».
وقدّم المرشحان رؤيتين مختلفتين بشكل حاد للأشهر المقبلة في وقت تتزايد فيه الحالات في أكثر من 30 ولاية. وحذّر بايدن من أن الولايات المتحدة ستواجه «شتاء قاتماً» حيث يبدأ الفيروس بالخروج عن السيطرة.
إلا أن ترامب رفض هذا الرأي مقدماً إحصائيات مضللة، وقال «لا أعتقد أننا سنواجه شتاء مظلمًا، وسنفتح البلاد، وأميركا ستتعلم كيف تتعايش مع الفيروس، ليس لدينا خيار ولا يمكننا حبس أنفسنا في قبو كما يفعل بايدن »، مشيراً إلى أن الأخير «سيغلق الاقتصاد ويعتمد بشكل مفرط على العلماء والخبراء الطبيين، بدلاً من وزن التكاليف الاقتصادية للبلاد ».
وفي إدانته لنهج بايدن الأكثر تحفظًا تجاه الفيروس، شدد ترامب على ما يعتبره عواقب وخيمة للعديد من القيود المفروضة على فيروس كورونا. وقال الرئيس الأميركي «لا يمكننا أن نبقي هذا البلد مغلقاً. إنه بلد ضخم فيه اقتصاد ضخم. الناس يفقدون وظائفهم، إنهم ينتحرون. هناك اكتئاب وكحول ومخدرات بمستوى لم يره أحد من قبل. علينا أن نفتح بلادنا. لقد قلتها كثيرًا – لا يمكن أن يكون العلاج أسوأ من المشكلة نفسها ».
وردّ بايدن بالقول: «سأقوم بالقضاء على الفيروس، وليس البلد، ترامب يقول إننا نتعلم كيف نتعايش مع الأزمة، لكن الناس يتعلمون أن يموتوا معها. أنتم في المنزل سيكون لديكم كرسي فارغ على طاولة المطبخ هذا الصباح».
فيما كان الأمن القومي من أبرز الملفات التي تناولتها المناظرة الأخيرة بين دونالد ترامب وجو بايدن قبل 12 يوماً من الانتخابات الرئاسية الأميركية. وتبادل المرشحان الاتهامات بشأن علاقة كل منهما بجهات خارجية وتلقيه لأموال أو لدعم من دول أجنبية.
ونفى جو بايدن ارتكاب ابنه هانتر بايدن أي مخالفات في تعاملاته التجارية الخارجية، وكانت هذه هي الطريقة الأكثر مباشرة التي خاطب بها نائب الرئيس السابق العلاقات التجارية الخارجية لابنه، والتي سعى ترامب وحلفاؤه إلى استخدامها لتصوير بايدن على أنه مرتبط بأموال أجنبية غير لائقة.
وقال بايدن «الرجل الذي واجه مشاكل في أوكرانيا هو هذا الرجل»، مشيراً إلى ترامب، «الذي يحاول دفع رشوة للحكومة الأوكرانية ليقول شيئًا سلبيًا عني، وهو ما لن يفعلوه».
وتعهّد بايدن من جهة أخرى أن تدفع كلّ من روسيا والصين وإيران ثمن تدخّلها في الانتخابات الرئاسية الأميركية إذا ما فاز بالانتخابات. وقال إنّ هذه الدول الثلاث «ستدفع الثمن إذا ما انتُخبت. إنّها تتدخّل في السيادة الأميركية».
أما ترامب فقال «لم يعامل أحد روسيا بالشدة التي عاملتها بها، وبايدن يتلقى أموالاً كبيرة من روسيا».
وقال ترامب إن سلفه باراك أوباما أخبره أن كوريا الشمالية تمثل أكبر مشكلة، مضيفاً «لكن تربطني علاقة جيدة مع زعيمها ولن تندلع أي حرب»، موضحاً أن اندلاع حرب بين بلدين نوويين كان سيؤدي إلى مقتل ملايين الناس.
وتبادل المرشّحان خلال المناظرة اتهامات بالفساد المالي، وقال ترامب لبايدن «أعتقد أنك تدين بشرح للشعب الأميركي» بشأن مزاعم فساد مالي لا ينفكّ رجل الأعمال السابق يتّهم نائب الرئيس السابق بالضلوع فيها، فردّ عليه بايدن «لم أتلقّ يوماً بنساً واحداً» من أيّ جهة أجنبية.
أما عمّن فاز بالمناظرة الأخيرة؟، فوفقاً لاستطلاع فوري أجرته «سي أن أن»، فقد قام بايدن بعمل أفضل في المناظرة الأخيرة. بشكل عام، قال 53% من الناخبين الذين شاهدوا المناظرة أن بايدن فاز بالمباراة، بينما قال 39% أن الرئيس دونالد ترامب فعل ذلك.
قال المشاهدون مرة أخرى إن «انتقادات بايدن لترامب كانت عادلة إلى حد كبير: 73% قالوا إنها عادلة، و 26% غير عادلة، وانقسموا حول ما إذا كانت هجمات ترامب على بايدن عادلة: 50% قالوا نعم، 49% لا».
بلغت الآراء الإيجابية لبايدن قبل المناقشة 55%، واستقرت عند 56% في المقابلات التي أجريت بعد المناظرة. وبالمثل، بقيت أرقام ترامب ثابتة، حيث قال 42% إن لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه الرئيس في المقابلات التي أجريت قبل مناقشة يوم الخميس و 41% قالوا الشيء نفسه بعد ذلك.
ومع ذلك، قال المزيد من مراقبي المناظرات إن أداء ترامب أثار مخاوف بشأن كيفية تعامله مع الرئاسة (55%) مقارنة بأداء بايدن (41%).
فضل مراقبو المناظرة الأخيرة ترامب على بايدن فيما يتعلق بالاقتصاد (56% يعتقدون أن ترامب سيتعامل معها بشكل أفضل مقابل 44% قالوا إن بايدن سيفعل ذلك، وانقسموا حول السياسة الخارجية بالتساوي (50% يفضلون بايدن، 48% ترامب).
أما حول التعامل مع أزمة كورونا، فيتمتع بايدن بثقة أكبر (57% بايدن مقابل 41% ترامب)، وتغير المناخ (67% بايدن إلى 29% ترامب) وعدم المساواة العرقية في الولايات المتحدة (62% بايدن مقابل 35% ترامب).
كما كان يُنظر إلى بايدن إلى حد كبير على أنه يقدم خطة أفضل لحل مشاكل البلاد (54% بايدن مقابل 42% ترامب، وانقسم الناخبون حول من يبدو أنه الزعيم الأقوى (49% لكل منهما).
على الرغم من أن حدث يوم الخميس كان أقل إثارة للجدل بكثير من المناظرة الرئاسية الأولى، إلا أن بايدن كان أكثر استعداداً لأن يُنظر إليه على أنه يجيب مباشرة على أسئلة الوسيط (قال 62% إنه فعل، و 31% قالوا ترامب).
كانت النساء أكثر ميلًا للقول إن بايدن قام بعمل أفضل في النقاش (60% من النساء قلن إن بايدن فاز، 35% ترامب، بينما بين الرجال 47% قالوا إن بايدن فاز، 44% قالوا إن ترامب فعل). كما شعر المستقلون إلى حد كبير بفوز بايدن (55% بايدن مقابل 36% ترامب)، كما صوّت المعتدلون (56% بايدن مقابل 37% ترامب) والناخبون البيض من حملة الشهادات الجامعية (64% بايدن مقابل 29% ترامب).
فيما نالت كريستن ويلكر الكثير من الثناء والمديح في التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، لأدائها «المتميّز » كمديرة للحوار في المناظرة الأخيرة بين المرشحين الرئاسيين، على وجه الخصوص «لنجاحها في منع المتناظرين من تجاوز الأوقات المخصصة لهما ومنعهما من تجاهلها وتجاهل دورها ». وكان أداؤها في المناظرة الرئاسية الأخيرة محل اهتمام 125 ألف تغريدة على «تويتر ».