«قيصر» الهزائم وانتصارات الأسد
} شوقي عواضة
عقد من الزمن وسورية تتعرّض للمزيد من الضغوط والعدوان الذي اتخذ أشكالاً متعددة من أجل إضعافها وإخضاعها. ورغم ذلك مُني حلف العدوان الأميركيّ الصهيونيّ الخليجيّ بهزيمة تاريخيّة في سورية، بل في المنطقة، وعلى أثر تلك الهزيمة تصعّد الولايات المتحدة من سياساتها تجاه سورية لا سيما بعد فشلها الذريع عسكرياً مع حلفائها وأدواتها من داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية وبعد توفير كافة أنواع الدعم العسكري والتكنولوجي، ورغم ذلك تحطّمت أحلام ترامب بفضل صمود وثبات الجيش السوري وحلفائه والشعب الذي كان عنصراً أساسياً في الصمود والانتصار.
ومع اشتداد الحصار على سورية اتخذ العدوان شكلاً آخر أكبر وأخطر من العدوان العسكريّ من خلال فرض عقوبات اقتصاديّة بما يُسمّى «قانون قيصر» أو عقوبات سياسية من خلال لجنة الصلاحيّات الرئاسيّة والدستوريّة وحروب نفسيّة سخّرت لها كلّ الوسائل الإعلامية التابعة لقوى العدوان ضمن حملة حرب نفسيّة في محاولة للتأثير على الشعب ولإضعاف موقف سورية في ظلّ موجة غلاء معيشيّ لم تشهدها سورية من قبل. تصعيد عدواني وصل الى حدّ محاربة الشعب بلقمة عيشه.
وسط ذلك انبرى الكثير من المنظّرين والمحللين المستسلمين الذين لا يرون أنّ على سورية أن تختار بين الاستسلام والانصياع للسياسة الأميركية الصهيونية والالتحاق بركب التطبيع تسهيلاً لعملية صفقة العار (صفقة القرن) او مواجهة الفوضى وتدمير مؤسسات الدولة والتقسيم. رؤية محدودة من منظار انصياعي لا يرى أنّ سورية لديها الكثير من الخيارات لمواجهة العدوان الجديد والخروج منتصرة، كما خرجت سابقاً منتصرة على محور العدوان. أولى تلك الخيارات تكون من خلال التصدّي للحرب الإعلاميّة والتي تشكل 75 في المئة من المعركة والردّ على أكاذيب الاعلام العدواني وإبراز قدرات الشعب السوري وتميّزه وتحفيزه أعلى الإنتاجية من خلال عملية تعاون متكاملة بين مؤسسات الدولة والشعب بفئاته كافة، إضافة الى العمل على تثمير التعاون السوري الروسي الإيراني وإشراك الصين في ذلك التحالف الشامل الذي لا يشمل فقط التعاون العسكري بل كافة أنواع التعاون، ومنها التعاون الاقتصادي لا سيما أنّ الدول الحليفة لديها الكثير من القدرات والخبرات التي يمكن الاستعانة بها من أجل تطوير المنظومة الاقتصادية المشتركة لا سيما إيران التي تمتلك خبرة واسعة في مواجهة الأزمات الاقتصادية اكتسبتها على مدى سنوات طويلة من الحصار وأثبتت نجاحها وجدواها في الإنتاج. إضافة الى ذلك هناك الخيار الزراعي الذي يشكل قطاعاً هاماً ورئيسياً في سورية حتى خلال سنوات العدوان إضافة إلى قطاع الثروة الحيوانيّة والذي يعتبر أيضاً من القطاعات المنتجة، إضافة الى القطاعات الصناعية المنتجة التي تضرّرت جزئياً خلال العدوان لا سيما على مستوى صناعة الأدوية والأقمشة وغيرها من الكثير المنتجات التي تميّزت بها سورية عن سائر الدول العربية. وقد أثبتت التجارب أنّ سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد وبجيشها وشعبها قادرة على مواجهة الحصار وجائحة كورونا التي ساهمت في عملية الركود الاقتصادي والتي تتعمّد إدارة ترامب وقوى العدوان استغلالها في العالم وليس في سورية وحسب. فالركود الاقتصادي يجتاح العالم في ظلّ جائحة كورونا حتى قبل تلك الجائحة شهدت دول خليجية كبرى عمليات ركود اقتصادي أدّت الى ارتفاع نسبة البطالة والفقر ومنها السعودية نتيجة الابتزاز الأميركي واستمرارها في العدوان على اليمن. ورغم امتلاكها أكبر منابع النفط عجزت عن تحقيق ايّ إصلاح لا سيما أنّ المجتمعات النفطية مجتمعات مرفّهة وغير منتجة على عكس سورية التي تمتلك الأيدي العاملة التي كان لها الدور الأكبر في إعمار لبنان منذ ما بعد الحرب الأهلية وصولاً الى عدوان تموز وحتى اليوم لا تزال الأيدي العاملة السورية تبني وتزرع وتقاوم رغم ما تعرّضت له من عدوان استطاعت ان تصمد وتقاوم وتنتصر. وهكذا سيكون الحال في مواجهة الحصار الاقتصادي لا سيما بعدما أثبت الشعب السوري قدرته على الإبداع في ظلّ الأزمات الكبرى.