باريس تصف تصريحات أردوغان بحق ماكرون بـ«الفظة»
استدعت سفيرها في أنقرة وتطالبه بتغيير مسار سياسته لأنها خطيرة من جميع النواحي
أعلنت فرنسا، أنها استدعت سفيرها في أنقرة عقب تصريح للرئيس التركي رجب طيب أردوغان شكك فيه بـ«الصحة العقلية» لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأمر الذي اعتبرته باريس «غير مقبول».
ونقل عن مسؤول فرنسي قوله إن «تصريحات الرئيس أردوغان غير مقبولة. الإفراط والفظاظة ليسا وسيلة. نطالب أردوغان بتغيير مسار سياسته لأنها خطيرة من جميع النواحي».
وتتواجه باريس وأنقرة في عدد من الملفات، بدءاً بالتوتر السائد في شرق المتوسط والنزاع في ليبيا وأيضاً في سورية، وصولاً إلى الاشتباكات التي اندلعت أخيراً في ناغورني قره باغ.
بيد أن أنقرة بدأت الآن تعرب عن غضبها تجاه حملة يقودها ماكرون «لحماية قيم العلمانية في بلاده في مواجهة الإسلام المتطرف» على حد تعبيره، في قضية اكتسبت زخماً إضافياً إثر قتل المدرس صامويل باتي الشهر الحالي لعرضه رسوماً كاريكاتورية للنبي محمد أمام تلامذته.
وقال أردوغان في خطاب متلفز ألقاه في مدينة قيصري (وسط)، «ما الذي يمكن للمرء قوله بشأن رئيس دولة يعامل الملايين من أتباع ديانات مختلفة بهذه الطريقة؟ قبل أي شيء، افحص صحتك العقلية». وأضاف «ما هي مشكلة المسمّى ماكرون مع الإسلام والمسلمين؟».
وأردف «يحتاج ماكرون فحصاً عقلياً»، متوقعاً في الوقت نفسه ألا يحقق الرئيس الفرنسيّ نتائج جيدة في الانتخابات الرئاسية عام 2022.
وفي خطوة مفاجئة، أعلن مسؤول في الرئاسة الفرنسية أن باريس استدعت سفيرها لدى أنقرة للتشاور، موضحاً أنه سيلتقي ماكرون للتباحث بشأن الوضع في أعقاب تصريحات أردوغان.
وقال المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه، إن «تصريحات الرئيس أردوغان غير مقبولة. تصعيد اللهجة والبذاءة لا يمثلان نهجاً للتعامل. نطلب من أردوغان أن يغيّر مسار سياسته، لأنها خطيرة على كل الصعد. لن ندخل في سجالات عقيمة ولا نقبل الشتائم».
وأشار المسؤول في الإليزيه إلى «غياب رسائل التعزية والمساندة من الرئيس التركي عقب اغتيال (المدرس) صامويل باتي» بِقَطع الرأس قبل أسبوع في اعتداء نفذه إسلامي من أصول شيشانية قرب مدرسته في الضاحية الباريسية.
ووصف ماكرون الإسلام هذا الشهر بأنه ديانة تعيش «أزمة» حول العالم، مشيراً إلى أن الحكومة ستقدم مشروع قانون في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، لتشديد قانون صدر عام 1905 يفصل رسمياً بين الكنيسة والدولة في فرنسا.
كما أعلن تشديد الرقابة على المدارس وتعزيزها على التمويل الخارجي للمساجد.
وتطوّر النقاش حول الإسلام في فرنسا في أعقاب قتل المدرس على يد شاب شيشاني (18 سنة) كان على تواصل مع متشدد في سورية، وفق ما ذكر المحققون.
توجه الرئيس التركي إلى نظيره الفرنسي قائلاً «لماذا تحاول الانشغال بأردوغان مراراً وتكراراً، الانشغال بي لن يكسبك شيئاً»، وفق ما أوردت وكالة أنباء الأناضول الرسمية التركية.
ونقلت الوكالة عن الرئيس التركي قوله إن فرنسا «ستشهد انتخابات بعد نحو عام، وسنرى مصير ماكرون حينها، وأعتقد أن نهايته ليست بعيدة، لأنه لم ينفع فرنسا بشيء، فكيف له أن ينفع نفسه».
وبرزت أحدث الخلافات بين الرئيسين في ملف النزاع في إقليم ناغورني قره باغ، الذي تقطنه غالبية أرمنية وأعلن انفصاله عن أذربيجان إثر تفكك الاتحاد السوفياتي، ما قاد إلى حرب بداية التسعينيات خلفت 30 ألف قتيل.
وتدعم تركيا أذربيجان في النزاع الذي أودى بحياة المئات منذ تجدّده في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها تنفي اتهامات ماكرون لها بإرسال مئات المقاتلين السوريين دعماً للقوات الأذربيجانية.
واتهم أردوغان السبت، فرنسا التي ترأس مع روسيا والولايات المتحدة مجموعة مينسك، بأنها «تقف خلف الكوارث والاحتلال في أذربيجان».
وتوجّه إلى باريس بالقول «أنتِ جزء من ثلاثي مينسك. ماذا فعلتِ حتى الآن؟ هل أنقذتِ الأراضي الأذربيجانية من الاحتلال؟ لا. فقط ترسلين الأسلحة إلى الأرمن». وأضاف «هل تظنين أنكِ ستستعيدين السلام بالأسلحة التي ترسلينها إلى الأرمن. لا يمكنكِ ذلك لأنكِ لستِ نزيهة».
غير أن الإليزيه أوضح مجدداً عبر المسؤول الذي تحدث إلى وكالة الصحافة الفرنسية، أن لدى أردوغان شهرين لتغيير الموقف بما يضع حداً لـ»المغامرات الخطيرة» في شرق المتوسط و»السلوك غير المسؤول» لأنقرة في ناغورني قره باغ. وقال «يجب إقرار إجراءات في نهاية هذا العام».