«العائدون من الغياب».. بداية نهاية قابلة للتأويل!
} محمد صالح
الكتابة عموماً مهنة صعبة وشاقة جداً، والرواية فنّ يحتاج الى أدوات ومهارة لإتقانه، والذين يتوجهون للكتابة من أجل الشهرة والمال أنصحهم كقارئ بالاتجاه للغناء او الرقص او أي فنّ آخر يحقق لهم ما يبتغون..
الكتابة بحر عميق مليء بالصعاب وبالعقبات المفترسة، فمن ملايين السابحين ينجو القليل ليصل الى يد القارئ وعقله وقلبه ومن ثم شاطئ النجاة، ليحقق بعدها في الغالب قليلاً من الشهرة ولا مال!!
ما دفعني لهذه المقدمة هو انتهائي مؤخراً من قراءة رواية «العائدون من الغياب» للصديق طلال مرتضى، اعتقد بأنها ستكون المفتاح لنقله لعالم الناجين من الكُتاب، إذا استمر بالنسق نفسه، فهذه الرواية أخذت مني كثيراً من الوقت في التأمل بها وبأحداثها، أنا لا ناقة لي في النقد ولا جمل، إنما قارئ نهم يشدّه الحرف والحبر .
أستطيع القول بأن طلال مرتضى قد تفوق على نفسه وارتقى سُلما في طريق المجد، عندما يبدأ الكاتب بخلق عالمه الخاص الذي تدور أحداث روايته فيه.. فأنا اعلم بأنه متمكّن من حرفته وواثق من قدراته وعارف بأدواته وأدوات مهنته، فأحداث الرواية تدور في مدينة ابتكرها طلال من مخيلته الخصبة، مدينة غير موجودة في خريطة المدن، تتميز بأحداث وشخوص يتحركون وفق خطوات درسها جيداً لتشكّل هذه الرواية الممتعة .
الرواية كُتبت لقارئ متمكن، نهم، مطلع، لقارئ ملم بالأحداث السياسية والاجتماعية، والمتغيّرات المصاحبة للإنسان في العصر الحديث، السلطة السياسية والدينية، وسلطة المال ولعبة المصالح والأصدقاء الأعداء هي التي تشكّل أحداث الرواية، بلغة سلسة وشخصيات محُكمة تلعب دورها بإتقان، يجعل التنقل بين صفحاتها ومجاراة أحداثها عملية غاية في المتعة والشغف والرغبة باكتشاف ما تخبئه السطور والصفحات، هي إضافة حقيقية للمكتبات ولا بد أن تكون كذلك وأحداثها تدور في عالم الكتب.
* كاتب سوداني/ فيينا.