مؤتمر النازحين في سورية
أن يصل وفد روسي رفيع إلى لبنان للتداول في شأن مؤتمر النازحين الذي سيعقد في سورية، فهذا ليس مجرد أمر سياسي شكلي يمكن قبول مقاربته من زوايا صغيرة مثل إخضاع الموقف اللبناني لحسابات المراعاة والمجاملات وتسليف المواقف لهنا وهناك عربياً ودولياً، فلبنان دولة أولى معنية بقضية النزوح السوري وليست مجرد طرف متفرّج يملك ترف الخيارات.
المبادرة السورية التي تحظى بدعم روسيّ تشكل فرصة لبنانية وليست إحراجاً للبنان ولا تشكل عبئاً سياسياً عليه، فالنازحون السوريون في لبنان عنوان من عناوين الأزمة اللبنانية الراهنة سواء على الصعيد الاقتصادي أو على صعيد التداعيات الكثيرة أمنياً وصحياً وتربوياً لأعباء النزوح، والطبيعي أن يكون لبنان معنياً أول بالتشجيع على إنجاح أي مبادرة تتصل بحل قضية النازحين.
بالتوازي يبدو التعامل اللبناني باهتاً مع كل شأن مشابه يتصل بالعلاقة مع سورية، فالمسؤولون والسياسيون يتناوبون على قضيتين، بعضهم يطرح ملف النازحين كأولوية ويخشى أن يتجه نحو سورية للبحث فيها كي لا يغضب أطرافاً لا هم لها سوى بقاء لبنان معلقاً على حبال الأزمات واستعماله للضغط على سورية وبعضهم يطرح قضية التهريب ويعلم أن ضبط التهريب يتوقف على تنسيق لبناني سوري فيتهرّب منه ذاهباً الى تحويل الملف نحو طروحات لن تبصر النور لتدويل الحدود خدمة لسياسات خارج لا يعنيه لبنان إلا كساحة لتمرير الرسائل والضغوط.
مع الحكومة الجديدة لا يمكن تخيّل درجة من الجدية في مقابلة القضايا الملحة من دون شجاعة سياسية تنطلق من مصلحة لبنانية صرف تقول بأولوية التعاون مع الحكومة السورية في ملفات كثيرة منها النزوح ومنها الحدود، لكن منها التعاون الكهربائي والتبادل التجاري والترانزيت عبر سورية، ومن دون هذا التعاون ستبقى الحكومة الجديدة حكومة تصريف أعمال مهما أوحت وعودها بالنيات الحسنة.