باقة بوردات أربع
} د.غصن زيتون*
للنور
الورود الخرساء…
أعلنتها ثورة…. لربما أهذي…
أن العطر صوت الوردة…
فكيف للوردة أن يصيبها الخرس؟…
تسألني جارتنا العجوز…
كم الساعة في توقيت الخوف… ؟.
لا أدري… فأنا لا زلت في قوقعتي الأولى…
يتثائب الأمل…صبراً جميلاً….
حتى الورود تهاجر في الشتاء…
كيف سنصنع عطرنا إذاً؟…. تسألني العجوز..
من ذكرياتنا يا جدتي…
***
جدل
أتجادل مع ذاكرتي… مع رائحة الزعتر من بيت جارتنا الصفدية وهي تنادي عليّ لآتي وآخذ عروسة الزعتر من يدها… كان المخيم باسمه الذي التصق بالهروب… بيتي ووطني الصغير المغفل عن الوجود… كانت المدرسة القريبة تبدو بعيدة وأنا أحاول أن أتعلم فن القفز فوق الوحل وفوق الخوف….
***
لعنة اللاانتماء
أمي كانت كعادتها تنتظرني في الشرفة… وأنا كعادتي لا أعرف أن لا ألتزم بموعد عودتي… رغم محاولاتي الطفولية في المرور على البسطات المقابلة للمدرسة لاشتري ممحاة تبع الليرة…. وكأنني أتجهز لأمحو ذاكرة ما… لكنها لا تمّحي…
كان المخيم… أول فصول غربتي…. ولم يكن الأخير…. لكنه كان فصلاً كريماً بالتفاصيل… بكل الطفولة التي انقسمت بين لوز القرية البعيدة وصوت بائع الغزلة…
الذاكرة شر لا بدّ منه… ولكنها وسادتي الأجمل حين اختلي بأحلامي بعيداً عن أرواح الجهلاء….
يتبع…
***
حكمة نملة
قرّرت نملة كبيرة أن تتجوّل فوق الحروف… لا أعلم ما الذي أعجبها؟… لم أسأل النملة لماذا خطوت فوق حروفي ولم تلوثيها..؟؟ أو ربما حروفي البشرية قد لوّثت طريق نملة؟… كانت النملة متفاجئة من ذاك الضوء المبهر القادم من شاشة الحاسب… فربما أعماها الضوء.. أو أعمتها الكلمات؟!… ليت لهذه النملة صوت.. كانت آنستني في ليلة خريفية معتمة!… فغياب الكهرباء بات طقساً مقدساً!.. نمارسه كرها و طواعية!… وكأن قدرك المعتم كان ينقصه انقطاع الكهرباء!… وكأن النملة أرادت أن تقول لي: لا تحلمي كثيراً والدنيا منيرة… احلمي حين العتمة!… ففي العتمة نرى أرواحنا بشوكها ووردها.. في العتمة تبدو التفاصيل التافهة مبهرة والتفاصيل العظيمة هزيلة!… لا تغتري بالضوء… فنحن جئنا من قاع العتمة وإليه نعود!… ما النور إلا رحلة.. إما أن نسكبه أو يسكبنا!!
*شاعرة سورية.