العودة إلى المدارس… تدابير وإجراءات ولكن
رنا حمود*
انطلق العام الدراسي لهذا العام في بعض المناطق التي لم يشملها إلاغلاق كما كان مقرّراً، في ظلّ الخطة التي وضعتها وزارة التربية، والتي تقسم الدوام إلى قسمين، جزء حضوري وجزء عن بعد. كما تضمنّت الخطة تعليمات تؤمّن التباعد الاجتماعي والإجراءات الصحية. ولكن هذه العودة لا تزال تحت التجربة بسبب العديد من المخاوف والعقبات لدى الهيئات التعليمية والتربوية والأهالي في ظلّ الانتشار التصاعدي لفيروس كورونا، وهذا ما انعكس على الجو السائد في المدارس الرسمية لجهة وجود معالم إرباك حيال السبل الممكنة لاعتماد اجراءات الحماية داخل الصفوف، وفي الملاعب تجنباً لإاصابات، وهناك مخاوف كبيرة من صعوبة اتباع التزام التلاميذ وضع الكمامات خلال ساعات التدريس، كما انّ المخاوف تطال المعلمين من الفئات العمرية الكبيرة الذين سيكونون عرضة للعدوى المحتملة.
من ناحية الوقاية والتعقيم، يتّم توزيع المواد المعقمة والكمامات والموازين الالكترونية للحرارة على المدارس والمعاهد المهنية والثانويات الرسمية بالتعاون مع اليونيسف والصليب الأحمر.
السؤال هنا: هل جميع المدارس لديها القدرة على التزام التباعد الاجتماعي وتأمين الإجراءات الصحية اللازمة لجهة الصفوف والمراحيض؟
الأمر يتفاوت بين مدرسة وأخرى، فالمدارس الرسمية ليست على درجة كافية من الجهوزية من حيث المباني والتي لا تتوفر فيها الشروط الملائمة للوقاية ولأخذ الإجراءات الصحية اللازمة.
بالنسبة للقرطاسية، فقد أمّنتها وزارة التربية للمدارس الرسمية مجاناً حتى الصف السادس. أما المنهج فتمّ تقليصه الى ٥٠ بالمئة، ولكن الكتاب المدرسي لا يزال حتى الآن غير متوفر بالرغم من انطلاق العام الدراسي، ولكن قامت الوزارة بالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والإنماء بإطلاق الكتاب الرقمي وهو عبارة عن نسخة الكترونية من الكتاب الوطني لتسهيل التعليم عن بعد حيث تمّ إحداث تطبيق CRDP_Ebooks الذي أطلقه المركز التربوي ليلبّي حاجات المعلمين والمتعلمين عن بعد.
إلا أنّ تجربة التعليم عن بعد ما زالت بحاجة الى وسائل وتقنيات، وتواجه عقبات لوجستية متعلقة بانقطاع الكهرباء وضعف شبكة الانترنت وعدم توفرها للطلاب والأساتذة مجاناً.
انّ نجاح عملية التعليم مرهون بإيصال المادة التعليمية الى جميع الطلاب والتلامذة بشكل عادل، حفاظاً على الإنصاف والمساواة الاجتماعية بين الجميع، ولكن هذا الأمر لا يتوفر بشكل متساو في جميع المدارس الرسمية وعند جميع الأهالي لأسباب عديدة ومنها انّ تدريب المعلمين والأساتذة على استخدام برامج التعليم عن بعد لم يتمّ العمل عليه من قبل وزارة التربية، ولكن هناك مبادرات خجولة قامت بها المدارس الرسمية واتحاد البلديات، إلا أنها ليست كافية من حيث المدة والمتابعة مقارنة ببعض المؤسّسات الخاصة والتي عملت على تدريب الكادر التعليمي لديها ولفترات طويلة على كيفية استخدام المنصة، وكيفية إنتاج فيديو تعليمي لجميع المواد وبالتالي استحداث تطبيقات تختص بالتعليم عن بعد. ومع دخول العام الدارسي كان لهذه المؤسسات خطة جاهزة ورؤية واضحة لكيفية سير العام الدراسي في ظلّ جائحة كورونا واستخدام التعليم عن بعد. على العكس تماماً فإنّ المدارس الرسمية ما زالت تتخبّط لحدّ الآن، وما زالت تعاني من الكثير من العقبات والتحديات بما يظهر أنّ العام الدراسي الحالي محفوف بالمخاطر وضبابية الأمور، انْ كان بالنسبة لأفراد الهيئة التعليمية أو للأهالي. هذا فضلاً عن الوضع الاقتصادي الضاغط، وخاصة انّ تأمين الأجهزة الالكترونية التي وعدت بها وزارة التربية للمدارس والطلاب لا تزال غير متوفرة. كما أنّ جزءاً من مستحقات المدارس للسنة الماضية لم تدفع بعد، لهذا فإنّ صناديق بعض المدارس قد تكون فارغة، وبالتالي فإنّ هذا الوضع يحمل عبئاً آخر على المدارس الرسمية في ظلّ غلاء الأسعار الجنوني وبالتالي ينعكس على عدم قدرتها على تأمين أبسط المستلزمات المدرسية من ورق وغيرها.
من هنا فإنّ روابط المعلمين في المدارس الرسمية تطالب الوزارة بتأمين المستلزمات الضرورية للوقاية ووضع خطة إشراف صحي تواكب ذلك بالتعاون مع وزارة الصحة، وتأمين أجهزة كومبيوتر للطلاب والاساتذة، وعمل دورات تدريبية للأساتذة والإداريين، وتأمين الكتاب المدرسي بالإضافة إلى تحسين خدمة الانترنت وتوفير الكهرباء بشكل دائم.
إنّ المسؤولية مضاعفة على الجميع، كل من موقعه. من هنا لا بدّ من الجميع تحمّل المسؤولية، وأن يكونوا على درجة عالية من الوعي في هذه المرحلة الحرجة. كلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته.
*باحثة تربوية