حسام نصرة… تجربة تشكيليّة تتصل بالتجدّد والأرض
النحت وسيلة تعبيرية بيد الفنان كما هي الكلمة بالنسبة للشاعر والكاتب، لا سيما أن كانت فكرة العمل تتصل بموضوع ضارب في القدم وقابل للتجدّد كالمرأة والخصوبة والأرض.
ومن هذا المنطلق يحدّد الفنان التشكيلي حسام نصرة تجربته النحتية إيماناً منه بأن النحات يعبر بالقطعة التي يبدعها عما يعتمل في داخله ويحوّلها لرسائل الى المجتمع والإنسان.
وحول حضور الأنثى في أعماله يوضح نصرة أن المرأة حظيت بمكانة كبيرة عند السوريين منذ القدم وهذا يظهر في المكتشفات واللقى الأثرية التي وجدت منذ آلاف السنين، حيث كانت لها قدسية كبيرة واعتبرت رمزاً للخصوبة والعطاء وظهرت شخصيات نسائية أثرت البشرية من جوليا دومنا وزنوبيا فضلاً عن الأساطير وكانت بطلاتها من الإناث مثل عشتار.
ويرى نصرة أن المرأة وجه آخر للوطن ويستطيع أن يحملها ما يشاء من الرموز والمعاني وأن يبحر في حركات الجسد والرأس واليدين والعينين بما توحي من الخصوبة والجمال.
وحول نوع المرجعيّة التي ينطلق منها الفنان إن كانت الدراسة الأكاديمية أو الموهبة يعتبر نصرة أن العلم مهم جداً ولكن الثقافة الفطريّة والعفويّة والتجلي تعكس ذات الفنان وقدراته، مشيراً إلى تجربة شيخ النحاتين السوريين سعيد مخلوف الفطرية والتي أتاحت له ترك بصمته على المحترف الفني السوري، فهو أول من مزج خامتي الخشب والحجر وهناك فنانون كثر تأثروا بتجربته.
وعن أعماله التي تناول فيها الأرض يشير إلى أنّها توحي بصورة رمزية إلى بلدنا الموغل بالحضارة والفكر والعطاء، لذلك عندما ينجز منحوتة لا يطلق عليها اسماً كي يبقى أكثر إيحاء ومتعدّد المعاني ويحمل جذوراً توحي بالتمسك بالأرض.
نصرة الذي كان يفضل العمل بمادة البرونز دفعه غلاء هذه المادة في السنوات الأخيرة لاختيار خامة الحجر الصناعيّ لأنه مادة مطواعة، مبيناً أن ما يعطي للعمل جماليته عند إنجازه هي اللمسات الأخيرة التي تأتي بعد مرحلة السكب.
كما يميل نصرة لعمل المنحوتات من الأحجام الصغيرة لأنها أنسب للاقتناء المنزلي وأكثر تداولاً، لافتاً إلى أن ما يهمه أن يحقق بصمة وأن يعرف المتلقي أن هذا العمل له من غير أن يرى توقيعه.
ولأن نصرة يصنّف نتاجه ضمن المدرسة التعبيريّة ولا سيما جسد الأنثى ويجد نفسه متخصصاً فيه فهو لا يحبّذ أن يغير الفنان أسلوبه مع كل عمل وينتقل فجأة من مدرسة إلى أخرى.
ويرفض نصرة اتجاه بعض الفنانين لنسخ منحوتات عالمية لأن الفن من وجهة نظره حالة إبداعيّة يجب أن تحقق تكاملاً بين الحرفية والإبداع، مشيراً إلى وجود منحوتات تكنيكها عالٍ ولكن قيمتها الفنية ضعيفة، وبالمقابل هناك أعمال فطرتها جميلة، ولكنها ضعيفة تكنيكياً لجهة السكب والتلوين والقاعدة والنسب وغيرها.
ويعتبر نصرة أن الفن النحتي في المشرق تأخر عن التشكيلي رغم أنه مغرق في القدم معيداً ذلك إلى الأثر المدمر للاحتلال العثماني الذي ظل جاثماً على صدورنا 400 عام حارب فيها الفن وأدّى لقطيعة مع تراثنا، لذلك نهل النحاتون في مطلع القرن الماضي من الغرب وتأثروا بمدارسه ولم تحمل أعمالهم هوية مشرقيّة.
النحات نصرة من مواليد سلمية مشارك دائم في معارض الربيع والخريف لوزارة الثقافة إضافة إلى مشاركاته بالكثير من المعارض الجماعية كملتقى الدلبة بمشتى الحلو والفردي كمعرضه صالة هيشون باللاذقية.