أولويات تتقاطع بين بايدن وترامب…
} ربى يوسف شاهين
من أهمّ أولويات المرشح إلى منصب ما، التركيز في إظهار برنامجه الانتخابي للتأثير على جمهور الناخبين، وكسب تأييدهم، فكيف إذا كان هذا المنصب هو رئاسة الولايات المتحدة الأميركية.
بعد سباق انتخابي وُصف بالأعنف لجهة التجاذبات التي أفرزها في الداخل الأميركي، وصل المرشح جو بايدن إلى نهاية السباق الانتخابي مُنتصراً، وفي أولوياته استعادة الريادة الأميركية كـ أفضل دولة ديمقراطية، والذي يعتبر أنَّ هذه الصفة قد أصابها التصدّع بحكم كونه عضواً في مجلس الشيوخ، ونائباً سابقاً للرئيس في عهد باراك أوباما.
فما أنتجته سياسات منافسه دونالد ترامب الداخلية والخارجية، يشكّل تركة ثقيلة في بعض ملفاتها، والأهمّ أنَّ المنافسة لم تنته على الرغم من حصول بادين على غالبية أصوات المجمع الانتخابي، فـ دونالد ترامب ومؤيّدوه ما زالوا يتواجدون على الساحة في الولايات المتحدة، وأيضاً في أصقاع العالم، وهذه حقيقة لا بدّ من الاعتراف بها.
فكيف سيتمّ التعامل مع العالم المضطرب الذي ورثه عن سلفه؟ في مجلة «فورين أفيرز» كتب بايدن «إنَّ مصداقية الولايات المتحدة وتأثيرها في العالم تراجعا منذ غادرت أنا والرئيس باراك أوباما السلطة». وعليه فإنَّ ما كتبه بايدن يأخذنا مباشرة إلى استشفاف ما يُريده الرئيس الجديد، ويمكننا من خلال ذلك قراءة السياسة الأميركية ببعديها الداخلي والخارجي.
ـ ملف الصحة وتداعيات فيروس كورونا، وما خلفه انسحاب ترامب من منظمة الصحة العالمية لأهميتها بالنسبة للشعب الأميركي، فسرعان ما تمّ الإعلان عن ظهور لقاح «فايزرز» عقب انتهاء الانتخابات، وما سينتجه هذا النجاح على الصعيدين الشعبي والاقتصادي لواشنطن وتعزيزاً لـ بايدن.
ـ اتفاق باريس للمناخ واستعادة المقعد الأميركي الذي تسبّب ترامب بخسارته، فالولايات المتحدة لا تقبل أن يُقام أيَّ مؤتمر أو اتفاق ما لم تكن من الدول المؤسسة فيه. وهذا يُعدّ أولوية لـ بايدن.
ـ دعا إلى «قمة للديمقراطيات» لإصلاح العلاقات مع الحلفاء الغربيين والتأكيد على التزام واشنطن بالتعددية القطبية، خاصة مع تأزم العلاقة الأميركية الفرنسية والألمانية نتيجة تداعيات الإرهاب على سورية وليبيا واليمن، وما يمكن أنّ ينتجه هذا العداء المبطن من شراكات أو تحالفات قد تضر بالولايات المتحدة.
ـ ملف الصين وكوريا الشمالية وإيران فمن منظور بايدن لا بدّ للصين أنّ تتحول الى الديمقراطية مع هذا الانفتاح الاقتصادي، ولا بدّ من الاستفادة من الشراكة التجارية التي كانت قائمة وتراخت خاصة أنَّ فايروس كورونا شكل بنداً إضافياً في الأزمة الأميركية الصينية.
الاتفاق النووي مع إيران، والذي تمّ توقيعه عندما كان بايدن نائباً للرئيس أوباما، وتدارك التبعات القانونية التي تسبّب بها خروج الولايات المتحدة من الاتفاق، والذي يشكل نقطة لصالح الأطراف الأُخرى لظهور واشنطن بمظهر المتمرد السياسي.
والملف النووي لكوريا الشمالية الذي يُؤدي تفاقم الخلاف حوله إلى قطيعة مع الدول الأسيوية، وبالتالي خسارة المكانة الأميركية عالمياً مع ازدياد عدد الدول التي قاطعها ترامب.
ـ ملف العنصرية الممنهجة واجتثاثها من جذورها مُقدماً شكره للذين أدلوا بأصواتهم له من السود، ووعدهم بالوقوف معهم ودعمهم.
ـ دعم برنامج الحماية من الترحيل والذي يتعلق بالمهاجرين إلى الولايات المتحدة، فالحديقة الخلفية لواشنطن تُشكّل ملفاً هاماً للعلاقات مع أميركا اللاتينية، وامتداداً طبيعياً لحدودها قد تؤدي إلى صراعات.
في المحصلة وبالنظر إلى خطاب جو بايدن الموجه للشعب الأميركي بالدرجة الأولى ولـ خارج حدود الولايات المتحدة، يُحاول أن يقوم بإصلاح الفوضى السياسية التي خلفها ترامب للولايات المتحدة، ابتداء من الداخل الأميركي الى خارجه، والآتي من الأيام سيكشف أين الالتقاء والتباعد في سياسة رؤساء أميركا، والتي لا تصبّ سوى في خدمة الكيان الاسرائيلي، الذي لم يغب عن خطاب بايدن، فما يهمّهم جميعاً أن لا تغيب واشنطن عن قيادة العالم.