عباس فواز لـ «البناء»: المغتربون هم الذخر الذي لا ينضب لدعم لبنان
الرئيس العالمي للجامعة اللبنانية الثقافية أكد تشجيع كلّ المبادرات الاستثمارية والإنتاجية
علي بدر الدين
لطالما تمنّى المغتربون اللبنانيون أن يتحقّق حلم وحدة الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، باعتبارها الممثلة الشرعية لهم والحاضنة للجميع من دون استثناء أو تمييز. ورغم ما أصابها من أمراض انقسامية وصراعات واستهدافات، نجحت الجامعة في تجاوز أكثر من قطوع كاد أن يطيح بها ويحوِّلها إلى رماد يتطاير في مهبّ الريح، إلى أن جاء «رجل من أقصى المدينة» اسمه عباس فواز، ولد من رحم الاغتراب ومعاناته، وكان الشاهد من خلال مسؤولياته الجسام في الجامعة على مستوى الفروع والمجلس القاري، رئيساً فاعلاً ومؤثراً.
خاض فوّاز تجارب ناجحة من خلال وضعه برامج إنقاذ وخلاص ترجمها إلى واقع ملموس، تجسّد في ما أحدثه من نقلة نوعية في الأداء والتعاون الجماعي والانفتاح والحوار بروح وطنية وعقلانية أنتجت وحدة على مستوى الجامعة كانت مفقودة وصعبة.
ولأنها تدرك حجم الاغتراب وقوّته وطاقاته وضرورة حمايته والحفاظ على مؤسّسته الأمّ الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم في مرحلة صعبة ومعقدة يمرّ فيها لبنان بمقيميه ومغتربيه بسبب جائحة كورونا وتراكم الأزمات الاقتصادية والمالية، سألت «البناء» الرئيس العالمي للجامعة عباس فواز عن الجامعة ودورها، وعمّا قدّمتهُ وأنجزتهُ منذ انتخابه والهيئة الإدارية الجديدة، فأجاب أنّ الهيئة الإدارية المنتخبة هذا العام «عملت كخلية نحل وبكلّ تفانٍ وكانت عوناً فعّالاً ومحفّزاً لاستمرار الانطلاق بالجامعة نحو مستويات جديدة، ووضعت برنامج عمل وفق الأولويات التي تصدّرتها إعادة توحيد الجامعة، وهذا ما تمّ إنجازه بتعاون الجميع، ثم قمنا باتصالات بفروع الجامعة ومجالسها ونجحنا في إسقاط كلّ الدعاوى القضائية التي كانت بين عدد من المسؤولين السابقين».
وأضاف رئيس الجامعة: «من الإنجازات أيضاً إعادة تسجيل الجامعة وفق القانون اللبناني في الوزارات والدوائر اللبنانية المختصة، ومنها وزارتا الداخلية والخارجية، وعودة الاعتبار لها والاعتراف الرسمي بها، كممثل شرعي وحيد للاغتراب اللبناني».
{ ماذا بعد نجاحكم في توحيد الجامعة؟ هل من نجاحات وإنجازات أخرى حصلت أو هي قيد التحقق؟
ـ تمّ تفعيل العديد من الفروع والمجالس الوطنية والقارية من خلال التواصل الدائم مع مسؤولي الجامعة وفاعليات اغترابية في معظم دول العالم حيث يتواجد المغتربون، كما تمّ تجديد بعضها وتأسيس فروع أخرى في أماكن بعيدة، اليابان على سبيل المثال، ونعمل حالياً على تأسيس فروع جديدة في الفيليبين وماليزيا وسنغافورة ودول أخرى في أوروبا وهي حالياً قيد الإنجاز، بالإضافة إلى تفعيل مجالس غير فعّالة في الأميركيّتين.
كما أقمنا مؤتمر البحث العلمي الأوّل من نوعه والذي يوثِّق الحركة الاغترابية منذ 200 عام والذي شكّل قفزة نوعية متقدّمة مع المستوى الراقي والمميّز من المشاركة والدراسات والأبحاث التي كانت على درجة عالية من العلمية والموضوعية وسلّطت الضوء على الهجرة اللبنانية إلى كلّ أصقاع العالم، بأزمنتها وأمكنتها وأسبابها ودوافعها ونتائجها وتداعياتها السلبية والإيجابية على لبنان، بجناحيه المقيم والمغترب وعلى الدول المضيفة. إنه خطوة، بل فرصة مهمة وغير مسبوقة لاستكمال الأبحاث العلمية حولها ولفتح طريق الانتقال من طابع العموميات ومخاطبة المغتربين بلغة العاطفة والحنين إلى الوطن الأمّ، إلى لغة الحقائق، وقد أصدرنا كتاباً يتضمّن حوالى 600 صفحة عن الدراسات والمحاضرات التي تضمّنها هذا المؤتمر. ونعمل حالياً على إصدار كتاب «الطريق إلى أفريقيا» وهو نوع جديد من التوثيق التاريخي بطريقة اجتماعية.
على صعيد آخر، تمّ تعيين لجنة قانونية تضمّ خبراء عملت على دراسة وتحديث النظام الأساسي والداخلي للجامعة الثقافية، وقد أقرّته الهيئة الإدارية بعد تحديثه ورفعه إلى مستوى يحفظ مستقبل الجامعة وسيتمّ طرحه في أول اجتماع للمجلس العالمي للموافقة النهائية.
وفي ظلّ جائحة كورونا والأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية، وزعت الجامعة 8 آلاف حصة غذائية في جميع المناطق اللبنانية، وجرى أيضاً نقل العديد من المغتربين من أماكن وجودهم في دول عديدة، ممّن رغبوا في العودة إلى لبنان، للوقاية من جائحة كورونا المتفشية في هذه الدول، وقد نجحت اتصالاتنا في فتح العديد من المطارات الدولية، تحديداً في أفريقيا، كما سيّرت شركة طيران الشرق الأوسط «ميدل إيست» رحلات إلى دول لم تطأها من قبل بالتعاون مع وزارتي الخارجية والصحة لتأمين عودة آمنة لهؤلاء المغتربين.
{ برأيكم ما هي أسباب تجاهل الاغتراب اللبناني عند تأليف الحكومات، أو حتى محاولات التأليف، مع أنّ المغتربين هم ثروة لبنان البشرية والاقتصادية والمالية وغيرها؟
ـ باعتبار أنّ الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم مؤسّسة غير سياسية، فنحن لم ولن نتدخل في الشؤون السياسية للدولة، ولسنا في وارد طلب أيّ دور سياسي لأيّ مسؤول في الجامعة. أما في ما يخصّ المغتربين، فإننا نشجع من يريد الانخراط في العمل السياسي على أن يقوم بذلك بعيداً عن إقحام الجامعة، وأن يكون لديه برنامج عمل هادف لتحسين أوضاع المغتربين والمقيمين، لكنّ هذا لا يعني أننا خارج الدولة، بل نناشدها أن تأخذ مصالح المستثمرين من المغتربين على محمل الجدّ، والحفاظ على استثماراتهم في الوطن وودائعهم في المصارف اللبنانية، وتشجيعهم على الاستمرار في ضخّ استثمارات جديدة لتوفير مقوّمات استمرارهم في دعم الاقتصاد الوطني اللبناني وشعبهم وأهلهم في لبنان، لكونهم الذخر الذي لا ينضب في دعم لبنان اقتصادياً واجتماعياً وإنمائياً…
كلّ المبادرات الاستثمارية التي قام بها المغتربون في لبنان، ناتجة عن قناعاتهم الشخصية وحافزها الأساسي حبّ الوطن وتعلُّق المغترب اللبناني بأرضه وأهله ووطنه. وهذا إنْ دلّ على شيء، فهو يدلّ على إخلاص المغترب واستعداده للتضحية بالغالي والنفيس من أجل بلده وأهله ولتحسين أوضاعهم بأيّ حال من الأحوال ومهما كانت الصعوبات. ورغم التطورات السلبية وغير المشجعة والإجحاف اللاحق بالمغتربين وبودائعهم في المصارف اللبنانية، لا تزال تحويلاتهم المالية من الخارج تتدفق، بشكل متواصل، وهذا ما ساهم في عدم تدهور قيمة العملة الوطنية إلى الحدّ الذي كان يتوقعه بعض المحللين الماليين والاقتصاديين.
{ ماذا فعلت الجامعة لحماية أموال المودعين المغتربين في المصارف اللبنانية وفكّ أسرها؟
ـ أجرينا سلسلة من اللقاءات والاتصالات مع مسؤولين سياسيين وماليين وقانونيين، لاستيضاحهم ومعرفة موقفهم من أموال المودعين المغتربين، والأجوبة التي حصلنا عليها أنّ عليهم أن يصبروا، لكنهم طمأنونا إلى أنّ ودائعهم «في الحفظ والصون»، وعلى الجميع انتظار تحسُّن الظروف.
{ هل تشجعون المغتربين على الاستمرار بالاستثمار في لبنان؟
ـ بالتأكيد، نشجعهم على الاستثمار في لبنان، خاصة في القطاعات الإنتاجية… قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة والمعلوماتية، لأنّ في لبنان مهارات وقدرات تمكنه من تعويض معظم المواد المستوردة وتصنيعها في لبنان الذي يمكن تحويله إلى مركز معلوماتية يصدّر خيراته ومنتجاته إلى كلّ العالم.
{ ما هي كلمتكم الأخيرة للمغتربين؟
ـ العالم يمرّ بأزمات متسارعة وغير متوقعة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وصحياً، لذلك نتوجه إلى أبنائنا وإخوتنا في دنيا الاغتراب وندعوهم إلى التحلي بالصبر وحماية وجودهم في بلدان الاغتراب من خلال التحصُّن بالقوانين المرعية الإجراء وإقامة أفضل العلاقات مع حكومات الدول المضيفة وشعوبها والاستمرار في التفاعل معهم والانخراط في الدورة الاقتصادية والاجتماعية والإنمائية لتلك الدول، والعمل على إبراز الوجه الحضاري اللبناني المضيء والفعّال أمام حكومات هذه الدول وشعوبها من خلال الوقوف معهم في السراء والضراء وفي أوقات البأس والشدائد، وعليهم أن يعملوا بجدّ على حماية أنفسهم وعائلاتهم والمحيطين بهم من جائحة كورونا والالتزام بالإجراءات الوقائية المعتمدة عالمياً، فهو مرض خطير وقاتل ومتفشٍّ في كلّ العالم، وندعو لهم بالصحة والعافية والنجاة من هذا المرض وغيره…