المغرب يُطلق عملية عسكريّة في الصحراء الغربيّة والبوليساريو تردّ.. وإيطاليا تدعو إلى عدم تغذية التوتر
أعرب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيطالي، بييرو فاسينو عن قلقه بشأن الأنباء عن اشتباكات في المنطقة العازلة بالكركرات بين الجيش المغربي ومتظاهرين من جبهة البوليساريو.
وناشد فاسينو في بيان صحافي أمس، الأطراف بـ»عدم تغذية دوامة التوتر وتجنب أي استخدام للقوة واستئناف عملية السلام على أساس قرارات مجلس الأمن والالتزامات التي تعهّدت بها كل من المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو في محادثات جنيف».
كما حث البرلماني الإيطالي الأمم المتحدة على «تعيين مبعوثها الجديد إلى الصحراء الغربية»، حيث لا يزال المنصب شاغراً الآن، وذلك «من أجل استئناف عملية السلام» في المنطقة.
وكان قد أعلن المغرب، أمس، أنه «أطلق عملية عسكرية في منطقة الكركرات العازلة في الصحراء الغربية على الحدود مع موريتانيا، من أجل (إعادة إرساء حرية التنقل) المدني والتجاري في المنطقة»، مديناً «استفزازات» جبهة بوليساريو.
وقال بيان إن «هذه العملية تأتي بعد عرقلة أعضاء من جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو) منذ 21 تشرين الأول، الطريق الذي تمرّ منه شاحنات نقل بضائع نحو موريتانيا وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء».
وأبلغت المملكة المغربية بانتظام الأمين العام للأمم المتحدة وكبار مسؤولي الأمم المتحدة بهذه التطوّرات الخطيرة للغاية. كما تمّ استدعاء أعضاء مجلس الأمن ومينورسو كشهود، وكذلك دول مجاورة عدة، بحسب البيان.
من جهتها، أعلنت حكومة الصحراء الغربية، أمس، أن «الجيش المغربي أقدم على فتح ثلاث ثغرات شرق الثغرة»، التي وصفتها بـ»غير الشرعية» في منطقة الكركرات.
وجاء في بيان الحكومة: «في الساعات الأولى من الفجر أقدمت دولة الاحتلال المغربي على الإعلان نهائياً عن نسف وقف إطلاق النار وذلك بإقحامها مجموعة من البلطجيّة بزي مدني في هجوم على المدنيين الصحراويين المحتجين سلمياً أمام ثغرة الكركرات غير القانونية وفي الوقت نفسه أقدمت على ما هو أخطر بكثير وذلك بتجاوز قواتها المسلحة جدار الذل والعار قرب الثغرة من أجل الالتفاف على المنطقة وتطويقها»، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الصحراوية.
جبهة البوليساريو قالت إن «المغرب انتهك اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 1991 وبدأنا الرد بالصلابة اللازمة».
ووصف وزير الخارجية في جبهة البوليساريو محمد سالم ولد السالك ما حصل بالعدوان، وقال إنّ «قوات البوليساريو تردّ على الجيش المغربيّ» وأضاف «الحربُ بدأت».
بالتوازي أَعلن سفير «البوليساريو» في الجزائر عبد القادر طالب عمر، أنّ «الحرب اندلعت مع المغرب، وسقط وقف إطلاق النار».
وقال إنَ «المغرب أعاد الصراع إلى نقطة البداية بتدخله في كركرات»، معتبراً أنه «حاول لعب دور الضحية رغم تعدّيه على المدنيين، ما دفع البوليساريو الى التدخّل».
ومنذ أيام، عبّرت جبهة البوليساريو عن تخوفها من «التحركات العسكرية المغربية قرب معبر الكركرات والجدار الأمني العازل».
وقالت إن «المغرب أرسل في الأيام الأخيرة إلى منطقة تقع قرب الكركرات تعزيزات عسكرية وجرافات، لإقامة الأحزمة الرملية، ما يهدد المنطقة بالانفجار في أي لحظة والعودة إلى المربع الأول، أي استئناف الحرب من جديد»، بتعبيرها.
وشدّد عبد الله لحبيب البلال، القيادي في جبهة البوليساريو وما يسمّى بـ»رئيس لجنة الدفاع والأمن»، في حوار مع وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، على أن معبر الكركرات «مغلق بصفة نهائية وتامة»، وقال إن «المعتصمين صامدون في أماكنهم»، كما ذكر أن ميليشيات الجبهة المسلحة «ستتدخل لحماية الصحراويين المدنيين في حالة تمشيط الجيش المغربي للمنطقة».
ويأتي تلويح البوليساريو باستئناف الحرب من جديد بعد تأكيد مصادر موريتانية أن «جيش نواكشوط انتشر في المنطقة المتاخمة للحدود مع الصحراء المغربيّة تحسباً لأي طارئ، بعد إقدام البوليساريو على إغلاق المعبر الحدودي الكركرات».
وأوضحت المصادر ذاتها أن «الجيش الموريتاني دفع بعدد من وحداته إلى منطقة (بولنوار) المتاخمة للكركرات، بعدما توقعت نواكشوط تدخل القوات المسلحة الملكية لإنهاء فوضى البوليساريو، وبهدف تأمين الحدود الشمالية الغربية لموريتانيا».
وكان الملك محمد السادس قد وجّه، في خطاب الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء، رسائل واضحة بخصوص إغلاق جبهة البوليساريو لمعبر الكركرات الحدودي، إذ أكد «رفض المملكة القاطع للممارسات المرفوضة، لمحاولة عرقلة حركة السير الطبيعي بين المغرب وموريتانيا، أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني، أو أي استغلال غير مشروع لثروات المنطقة»، مشدداً على أن «المغرب سيظل، كما كان دائماً، متشبثاً بالمنطق والحكمة بقدر ما سيتصدى، بكل قوة وحزم، للتجاوزات التي تحاول المس بسلامة أقاليمه الجنوبية واستقرارها».