رئيس «القومي» وائل الحسنيّة: فعل التأسيس قطعَ بين زمنين وعيّن الحقّ وثبّت الهويّة واتّخذ الصراع نهجاً لأجل قضية قوميّة تساوي كلّ وجودنا
أكد في العيد الـ 88 لتأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الاعتزاز بمسيرة حزبنا الحافلة بالمحطات والتضحيات والشهداء
بمناسبة السادس عشر من تشرين الثاني عيد تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي أصدر رئيس الحزب الأمين وائل الحسنية البيان التالي:
يقول سعاده: «قبل وجود الحزب السوري القومي الاجتماعي كان مصير هذه الأمّة معلَّقاً على إراداتٍ خارجية (…) أمّا الآن فقد غيّر وجود الحزب السوري القومي الاجتماعي الموقف.
إنّ إرادتنا نحن هي الّتي تقرّر كلّ شيء فنحن نقف على أرجلنا وندافع عن حقّنا في الحياة بقوّتنا. ومن الآن فصاعداً تدير إرادتنا نحن دفّة الأمور».
لقد شكّل تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي قبل 88 عاماً، قطعاً بين زمنين. بين زمن كانت فيه الأمة مكبّلة الإرادة، مستلبة الهوية، فاقدة السيادة نتيجة الإرادات الاستعماريّة الغاشمة، وبين زمن جديد افتتحه سعاده في 16 تشرين الثاني 1932 بتأسيس الحزب، «فكرة وحركة تتناولان حياة أمة بأسرها»، فعيّن الحق وثبّت الهوية، واتخذ الصراع نهجاً لأجل قضية قومية قائمة بنفسها، وتساوي كلّ وجودنا.
في عيد التأسيس، نستحضر البدايات منذ بزوغ فجر النهضة القوميّة، وكلنا اعتزاز بمسيرة حزبنا الحافلة بالمحطات والتضحيات والشهداء، فتحية إلى هذه المسيرة وإلى شهدائنا الذين هم طليعة انتصاراتنا الكبرى، وتحية الى المضحّين وهم يحملون قضية حزبهم، وقد وضعوا دماءهم على أكفّهم دفاعاً عن حزبهم ووحدة أمتهم السورية.
في مناسبة عيد تأسيس حزبنا، كما في كلّ محطة وزمان، نهتدي بتعاليم سعاده، بعقيدة حزبنا التي هي سلاحنا الأمضى في مواجهة كلّ التحديات. فالعقيدة القوميّة هي الأساس الناظم لحركة صراعنا القوميّ ضدّ يهود الداخل والخارج وضدّ مشاريع التجزئة والاحتلال وضدّ كلّ الآفات المجتمعيّة. وهذه العقيدة المحيية هي السبيل لخلاص أمتنا وارتقائها، أمة حرّة سيدة قوية في زمن تنازع الأمم البقاء.
إنّ الأمم التي تنأى بنفسها عن حمل قضاياها والدفاع عن مصالحها الحيويّة ومعاركها المصيرية ومصالح شعوبها، لن يكون لها مستقبل. أما أمتنا السوريّة، فإنها أمّة ناهضة تصوغ مستقبلها بالفداء والتضحية والاستشهاد، وعلى هذه الطريق استشهد باعث النهضة ومؤسّس الحزب الفادي أنطون سعاده وآلاف الرفقاء الأبطال.
ولأننا أصحاب قضية، نؤمن بها، ونعمل لانتصارها، فإننا على نهج الصراع مستمرون، حزباً قوياً، فكراً وثقافة، وفعلاً مقاوماً، وإننا لفاعلون.
في عيد تأسيس حزبنا، التحية لشهدائنا، ولكلّ السوريين القوميين الاجتماعيين في الوطن وعبر الحدود، الذين بالتفافهم حول مؤسسات حزبهم، وانخراطهم الجدّي في النضال الحزبي صراعاً ومقاومة، شكلوا صمام أمان صان الحزب منذ التأسيس إلى اليوم، وعهدنا هو عهد الثبات على النهج الصراعي المرتكز على العقيدة، وصون تضحيات وبطولات القوميين الاجتماعيين من خلال التمسك بالخيارات الواضحة التي ميّزت القوميين وحزبهم.
وانطلاقاً من التأكيد على النهج وصحة الخيارات نرى ما يلي:
أولاً: يشهد لبنان وضعاً مأزوماً في بنيته العامة، وفي اقتصاده ومعيشة أبنائه، ومردّ هذا الوضع المأزوم أنّ النظام الطائفي شكل ويشكل عائقاً أمام انتقال لبنان من الواقع الطائفي والمذهبي، إلى دولة المواطنة المدنية الديمقراطية، وعائقاً أمام انتقال المواطنين من كونهم رعايا طوائف ومذاهب إلى رعايا دولة بحقوق متساوية.
إنّ لبنان لن يتقدّم خطوة واحدة إلى الأمام، طالما أنه محكوم بنظام طائفي مقفل، وهو نظام قادر على استيلاد الأزمات والمشاكل، ونسف كلّ الحلول الممكنة، وما تعثر تشكيل الحكومة راهناً، وعدم التوافق على مخرجات إنقاذية في كلّ حين، سوى دليل على عمق الأزمات والمآزق التي هي صنيعة النظام الطائفي.
إننا إذ نؤكد ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة تتمتع بالاحتضان والقرار السياسيّين، وتتحمّل مسؤولياتها لمعالجة الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية ورعاية شؤون المواطنين، فإننا نحذّر من محاولات أميركية ترمي الى العرقلة والتعطيل على قاعدة، إما القبول بالشروط والإملاءات الأميركية، واما البقاء في دوامة الفراغ والأزمات المستفحلة.
كما نؤكد بأن لا خلاص للبنان إلا من خلال قيام دولة مدنية قوية وقادرة، على قاعدة التمسك بالثوابت والخيارات الوطنية، وفي مقدّمها تثبيت معادلة الجيش والشعب والمقاومة في مواجهة العدو الصهيوني، وتعزيز خيار المواجهة من خلال التنسيق والتعاون مع سورية بموجب معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق المثبتة في اتفاق الطائف.
كما نؤكد ضرورة الالتزام بثابت السلم الأهلي والتصدّي لكلّ مشاريع التقسيم والفدرلة، التي يحاول البعض أخذ لبنان إلى أتونها الهدّام… وكما واجهنا هذه المشاريع في السابق وأفشلناها، فإننا نعقد العزم على مواجهتها في كلّ حين.
إنّ حزبنا، لن يتوانى عن القيام بواجباته تجاه لبنان واللبنانيين، وسيبقى على الدوام مبادراً وداعماً للإصلاح الحقيقي والفعلي، والذي يبدأ بقانون جديد للانتخابات النيابية على أساس لبنان دائرة واحدة واعتماد النسبية خارج القيد الطائفي.
ثانياً: إنّ فلسطين حاضرة دائماّ في وجدان القوميين الاجتماعيين فهي جوهر القضية القوميّة بما تمثله من لبّ صراع الوجود ضدّ العدو الصهيوني. وإنّ أبناء شعبنا في فلسطين المحتلة بمختلف قواهم يثبتون يوماً بعد يوم تمسّكهم بخيار المقاومة، سبيلاً وحيداً لتحرير الأرض وطرد الاحتلال. وهم يمتلكون العزم والتصميم على مواصلة النضال، وها هو الأسير ماهر الأخرس بأمعاء خاوية تعزّزها إرادة لا تُقهر، ويثبتها إيمان لا يلين، ينتصر على كلّ غطرسة الاحتلال. وهذا شكل من أشكال المقاومة المفتوحة على كلّ الصعد والمستويات.
إنّ المقاومة حق مشروع لشعبنا، وهي خياره الأوحد وطريقه الأقصر لتحرير فلسطين كلّ فلسطين. كما أنّ تحصين خيار المقاومة بإسقاط كلّ مسارات الإذعان المتمثلة باتفاق أوسلو وملحقاته، وبمواجهة صفقة القرن المشؤومة، والتصدّي لكلّ مفاعيل اتفاقات الذلّ والخيانة التي تعقدها بعض الأنظمة العربية مع العدو الصهيوني.
انّ تموضع بعض الأنظمة العربية في ضفة العدو، هو تآمر على المسألة الفلسطينية، وأنّ مسؤولية قوى شعبنا مواجهة التآمر بوحدة الموقف والبرنامج النضالي المقاوم. وهذا يعطي الشعوب العربية دفعاً للوقوف بوجه الأنظمة المتآمرة.
ثالثاً: إنّ ما تتعرّض له سورية منذ تسع سنوات، حرب إرهابية هي الأشدّ فتكاً، وهذه الحرب تستهدف كلّ أمتنا، لما تمثله سورية ـ الشام، من دور وموقع، ولأنها قلعة قومية للمقاومة وحاضنة لها. ولذلك فإنّ صمود سورية وانتصارها على الإرهاب ورعاته الدوليين والإقليميين والصهاينة وبعض العرب، يؤكد أنّ دول وقوى المقاومة في أمتنا تمتلك كلّ عناصر القوّة التي تمكّنها من هزيمة المشروع الإرهابي الاستعماري التفتيتي والمخطط الصهيوني العنصري الاستيطاني التوسّعي.
إنّ صمود سورية وتصدّيها للإرهاب والاحتلال ومشاريع التقسيم، هو صمود استثنائي غير مسبوق رغم كلفته العالية وما ترتب عليه من تضحيات ودماء، وبهذا الصمود أثبتت سورية للعالم أجمع بأنها عصية على الإرهاب وأنّ الإرادة السورية لا تنكسر، مهما تكالبت عليها قوى الإرهاب ومن يقف خلفها داعماً بالمال والسلاح والإعلام.
إننا ومن موقع الالتزام بخيار المقاومة، نقف في خندق مقاومة الإرهاب إلى جانب الجيش السوري الباسل، وكلنا ثقة بخيارات سورية وحكمة وصلابة الرئيس الدكتور بشار الأسد، الذي قاد بلاده وشعبه الى برّ الانتصار.
وإلى موقفنا المبدئي الحاسم بمقاومة الإرهاب والاحتلال، نؤكد رفضنا لسياسة الحصار والعقوبات التي تفرض على السوريين، لا سيما «قانون قيصر» الأميركي، فهذه السياسة الظالمة هي انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، ولكلّ القوانين والمواثيق الدولية. وليس خافياً أنّ الدول التي تسير في ركب هذه السياسة الإجراميّة، لا تزال تضع العراقيل أمام عودة النازحين السوريين إلى قراهم ومناطقهم، بغية إبقائهم ورقة للاستثمار السياسي، رغم معاناتهم الإنسانية. وهذا ما تفعله الولايات المتحدة الأميركية التي خرجت عن طورها منتقدة انعقاد مؤتمر عودة النازحين في دمشق، والذي عكس حقيقة انتصار سورية على الإرهاب، وذلك في محاولة للتعمية على نجاح أهداف المؤتمر.
رابعاً: نؤكد على موقفنا الثابت، برفض ومقاومة مشاريع تقسيم العراق طائفياً ومذهبياً واتنياً، ونرى أنّ التحديات الانفصالية التي تواجه العراق، ترمي إلى إضعاف دوره وقوته وتأثيره، وهذا يشكل خدمة للعدو الصهيوني وقوى الاستعمار وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
إنّ المعركة التي يخوضها الجيش العراقي والحشد الشعبي ضدّ الإرهاب، هي معركة من أجل وأد هذا الإرهاب ومن أجل وحدة العراق ووحدة أبناء شعبنا في العراق، وإننا نشدّد على ضرورة التفاف كلّ العراقيين حول الجيش والحشد بوصفهما القوة الفاعلة التي تحمي وحدة العراق.
خامساً: انّ الأردن يواجه تحدياً وجودياً، وهو واقع على خط الاستهداف المباشر من قبل العدو الصهيوني، ويشكل الحلقة الثانية الموصولة بمخطط تصفية المسألة الفلسطينية، ولذلك نرى ضرورة اتخاذ الخطوات التحصينية المطلوبة وفي مقدّمها الخروج من اتفاق وادي عربة المذلّ.
سادساً: نقدّر عالياً وقوف الكويت الى جانب فلسطين دعماً لحقّ الفلسطينيين المشروع في العودة والتحرير، ورفضها كلّ أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني.
سابعاً: إنّ ما يواجه أمتنا من تحديات على كلّ الصعد، هو لأنها مستهدفة من قبل العدو الصهيوني وتقع في مرمى الأطماع والهيمنة الاستعمارية التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية، بواسطة أدواتها في المنطقة، لا سيما تركيا وبعض أنظمة الهرولة العربية.
لذلك، نشدّد على ضرورة مواجهة هذه التحدّيات، وأن نكون على أتمّ الاستعداد لخوض مواجهات كبرى إضافية، ضدّ الاحتلالين التركي والأميركي، وهما نسحة طبق الاصل عن الاحتلال الصهيوني لفلسطين.
وفي هذا الصدد نؤكد على تحالفاتنا الوطنية والقومية، ومع الدول الصديقة من روسيا والصين، إلى إيران وفنزويلا وكوبا، وكلّ الدول التي تدعم قضيتنا وتقف الى جانب حقنا المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان. وفي مواجهة السياسات الأميركية الغاشمة التي تدعم الصهيونية العنصرية وقوى الإرهاب في المنطقة والعالم.
ختاماً.. في العيد الـ 88 لتأسيس حزبنا العظيم نؤكد ثوابتنا القوميّة التي نتمسّك بها ولن نحيد عنها مطلقاً مهما كانت التحديات والتضحيات. وفي هذه المناسبة، ندعو السوريين القوميين الاجتماعيين في الوطن وعبر الحدود إلى الالتفاف حول مؤسسات حزبهم وصونها وتحصينها لتبقى هي الضمانة لاستمرار الحزب على نهج الصراع والمقاومة، وهذا يحتاج الى المزيد من الفعل والبذل والعطاء، ولنا في زعيمنا الذي سار على دربه الآلاف من الشهداء خير قدوة ومثال على البذل والعطاء في سبيل القضية التي آمنّا بها والتي تساوي كلّ وجودنا.