إيقاعات على هامش التأسيس
} الياس عشي
} الإيقاع الأول
في السادس عشر من تشرين الثاني عام اثنين وثلاثين بعد التسعمئة والألف، حدث أن خرج إلى الناس رجل في العقد الثالث من عمره رَبْعُ القامة، واسع الجبين، حادُّ النظرات، معقود الحاجبين، حنطيُّ اللون، سوريُّ الملامح، لبقُ الحديث، جدليّ، محاور… رجل يحمل في جعبته مشروع أمّة، ويحمل في قسماته وجعَ هذه الأمّة.
إنه أنطون سعاده، رجل من لبنان، رفض أن يحنيَ قامته، فغرز عينيه في الشمس، ورفض أن يقول «نعم»، فانتهى شهيداً على رمال بيروت، ثم سكن فينا إلى الأبد.
} الإيقاع الثاني
أنطون سعاده آمن بفكرة، وأسّس حزباً لنكون واحداً، فصرنا شيعاً!
قال لنا: كونوا أقوياء، وسأسير بكم إلى النصر… فهزلنا.
ولكن…
قد يتداعى جيل… جيلان… وربما أكثر، لكن الأجيال القادمة، وقد خاطبها سعاده، سيكون لها، بما تحمله من روحية صافية، حضورٌ وجداني وقومي على خارطة الأمّة السورية؛ حينها لن تبقى أمتنا أمماً، ولا حزبنا شيعاً، ولا شعوبنا طوائف.
} الإيقاع الثالث
بمثل هذه الروحية الصافية، وبمثل هذا الإيمان في حقّ الأمّة أن تكون وأن تنتصر، وعد أنطون سعاده رفقاءه بالنصر.
فعندما يضمّ حزب كلّ الشرائح دون تمييز في الانتماءات المذهبية والطبقية، يكون الحزب منتصراً،
وعندما يرى القوميون إلى فلسطين كونها شأناً لبنانياً وشامياً وعراقياً وأردنياً… فإنما هم يكتبون ملحمة العودة، حتى ولو بعد ألف عام، ويكون الحزب منتصراً…
} الإيقاع الأخير
يبقى، واليوم نحتفل بعيد التأسيس، أن نعود إلى سعاده، ونعتذرَ منه، ونقدّمَ له هدية بحجم ما أعطانا، هدية تحت عنوان:
«لمُّ الشمل».
فهل نحن قادرون على ذلك…؟