وداعاً وليد المعلم
خسرت سورية وخسر محور المقاومة وخسر محور مكافحة الإرهاب في العالم رمزاً قيادياً لمدرسته الدبلوماسيّة التي شكل الوزير وليد المعلم عنواناً لها من خلال موقع سورية الحاسم في محوري المقاومة والحرب على الإرهاب من جهة، والبصمة الخاصة التي مثلها المعلم في الإدارة السياسية والدبلوماسية لحروب لم تتوقف كانت سورية في قلبها، وكان المعلم رمزا سياسياً ودبلوماسياً لها.
لم يكن لمفردة الضعف مكانٌ في قاموس المعلم ودبلوماسيته، ولا كان هناك لمعادلة تقديم التنازلات تفادياً لأثمان المواجهة مكان في رؤيته الدبلوماسية، ولم يكن للدبلوماسية عنده كمهمة مكان للتعريف الوظيفي البعيد عن الالتزام بقضية، ولا يعترف بالنفاق والمراوغة والممالأة والمسايرة للأعداء والخصوم كترجمة للممارسة الدبلوماسيّة. فمدرسة المعلم في الدبلوماسية كانت تقوم على اعتبار الحق بذاته قوة، واليقين بأن ثمن التراجع أمام الخصوم والأعداء أعلى بكثير من ثمن الثبات. وكان يتمسك بالنظر للدبلوماسي كجنديّ بالبدلة وربطة العنق وليس كموظف يبحث عن طموح مالي واجتماعي، واللباقة واللياقة كسمات للممارسة الدبلوماسية لم تفارقه يوماً حتى عندما تجبره ظروف المشاركة في المنتديات الدولية بلقاء الخصوم، فكان يستعين بطرفته الحاضرة للتعبير عن الموقف والحرص على عدم تحويل اللباقة واللياقة الى نفاق او ممالأة يضيع معهما الموقف.
المؤمن بفلسطين والملتزم بقوميّته ووطنيته من موقع فهمه لسوريّته، جمع الثقافة والاحتراف فقاد جيشاً من الدبلوماسيين أظهر خلال الحرب الضروس التي استهدفت سورية تماسكاً مبهراً، أسقط كل الادعاءات بالانقسام الأهلي والطائفي والمذهبي كعنوان للحرب، ورسم إطاراً لدبلوماسية المواجهة والتشبيك حجزت للدولة السورية مكاناً في المعادلات الدولية والإقليمية رغم الحصار ومحاولات العزل التي استهدفت سورية.
خلال سنوات الحرب ولياليها القاسية كانت إطلالات المعلم، تمنح السوريين الأمل والثقة بغدهم، وكان الناس ينتظرون إطلالاته وحواراته ومؤتمراته الصحافية ويتندّرون بتكرار المواقف التي يمزج فيها المعادلات السياسية بالطرائف الشعبيّة، فتتحوّل مثلا وتشكل مؤونة الناس وعدّتهم لمواجهة حرب إعلاميّة كرّست لها إمكانات هائلة للتأثير على قناعات السوريين.
خسارة وليد المعلم شعر بها مع السوريين كلُّ محبي سورية وكل المقاومين وكل المؤمنين بحقوق الشعوب في الاستقلال والسيادة وكل مناهض للإرهاب وقد ترك بصمة لا تُمحَى.