هَالةُ أميركا سَقَطَتْ والصورة الآتية ضبابية!
} السيد سامي خضرا
هناك رئيسٌ لم يعترف بالهزيمة وهناك رئيسٌ آخر يتعامل على أنه الرئيس الجديد الفائز.
والأميركيون يتصرفون بطريقةٍ تزيدُ في تعميق الانقسام إلى درجة أنّ الجميع يشعر أنه داخِلٌ إلى المجهول أو إلى نفق يُسمَع في أروقته الفوضى والعنف والمعارك الدستورية وربما العسكرية والأمنية.
ويبدو أنّ الحديث حول نتائج وتداعيات وآثار الانتخابات الأميركية سوف يستمرّ رَدْحاً من الزمن.
فنحن أمام انتخابات هي الأكثر إثارة في تاريخ أميركا.
لذا سوف لا تتوقف التحليلات والمواكبات عند حدّ مُعيّن.
بل هناك أمور استراتيجية ومُتغيّرات أساسية سوف تترك آثارها على الشعوب لم يتناولها أحد على الأقلّ حتى ساعتنا هذه، كما هناك تغيّرات أساسية فاصلة ومهمّة سوف تؤثر على قسمٍ كبير من سكان الأرض.
فهذه الانتخابات ليست كأيّ انتخابات أخرى في أيّ بلدٍ آخر تختصُّ بمواطنيها وحدهم.
إنما ونتيجةً لدور أميركا في العالم سوف يكون لها تأثيراتها على مجمل شعوب العالم.
فالنموذج الأميركي ومنذ عشرات السنين بات مطلباً وأيقونة لكثير من شعوب الأرض ووُضعت حولهُ هالةٌ جذابة بحيثُ أنّ الكثير من البشر أصبحت أمنيتهم أن يصِلوا إلى الأرض الموعودة الأميركية ويحملوا جنسيتها ويعيشوا عليها.
لكن الانتخابات الحالية وضعت كلّ النظام والحياة والتركيبة والمجتمع والمنظومة السياسية الأميركية تحت المِجهر بحيثُ أنّ الناس التي كانت تنظر إلى الكيان الموعود كانت لا تفعل ذلك إلا مُرْفقاً بهالةٍ مُشبَعةٍ بالكثير من القَصَص والأساطير التي تُمجِّد الحياة السعيدة والديمقراطية والرفاهية وغاية الأماني التي يحلم بها كلّ إنسان.
فإذا بنا اليوم أمام نموذج «عالمثالثي» بكلّ وَهَنَاته وضعفه وبؤسه وسُخفه والأميركيون أمامنا شعبٌ مفضوحٌ بسذاجته وعصبيته وعنصريته وسطحيته وسخافة عيشهِ وضيق تطَلُّعاته ونظرته للأمور الصغرى فضلاً عن الكبرى.
فهذه الانتخابات سلَّطت الضوء على وقائع وأحداث كثيرة مُثيرة للجدل لم تخلُ من مواقف تهوُّريَّة إنتقامية.
فليس سهلاً هذا الانقسام العمودي في المجتمع الأميركي الذي لا شكّ أنه سوف يترك جروحاً عميقة.
حيث يسودُ الآن عدم ارتياح لأنّ الأمور لم تنجلِ بعد ويبدو أنها سوف تستغرق وقتاً طويلاً لتتوضَّح وربما لتستقر.
والأكيد أنّ الديمقراطية الأميركية لن تعود كما كانت تُصَوَّر أو يُشاعُ ويُرَوَّجُ لها.
فالذي يجري على الساحة الأميركية اليوم ترك نُدُوباً وأضراراً فادحة يَمَسُّ المؤسّسة الدستورية الأميركية وكلّ هذا يجري بعد رئيسٍ استمر لأربع سنوات يُقاتل في الداخل والخارج:
ففي الداخل لم يسلم من شرّه ورعونته الإعلام ولا المحاكم ولا المعارضين السياسيين ولا حتى أجهزة الاستخبارات وأساء استخدام السلطة بشكلٍ مفضوح فضلاً عن دعمه لجماعات عنصرية يمينية.
وفي الخارج فتح معارك على عدة جبهات دفعة واحدة ليس فقط مع الأعداء المعروفين إنما أيضاً مع الأصدقاء الأوروبيين المفترض أنهم حلفاء تقليديون!
والأمر السيّئ أنّ هذا الرجل الغريب الأطوار والذي حكم أميركا نال أصوات سبعين مليون مُقترع!
فعلينا أن نتخيَّل نوعية ونفسية وخلفية وثقافة هذا الشعب كما ردَّات فعله!
فليس مسألة عابرة ما نشرَتْه بعض الشبكات الإخبارية المحلية من ارتفاعٍ كبير في مبيعات الكحول ليلة الانتخابات وبشكلٍ يفوق التصوّر.
فأمامنا الآن هالة أميركية ساقطة وواقع أميركي ضبابي وعالَمٌ يترقَّب… والبشرية غداً مع موعد إشراقة جديدة.