فوبيا بايدن تضرب الرياض… لماذا الآن وبماذا ننصحها؟
} هشام الهبيشان
في هذه المرحلة الخطرة التي تعيشها المنطقة كلّ المنطقة والسعودية جزء منها، يأتي خبر من أميركا يؤكد أنّ الديمقراطي جو بايدن اصبح رئيساً لأميركا، هذا الخبر، يضع الرياض في فوبيا لا حدود لها، كيف لا، وبايدن يصرّح في بيان له قبل أيام، أنّ إدارته ستعيد تقييم العلاقات الأميركية مع السعودية وستنهي دعم واشنطن للحرب في اليمن ولن تساوم على قيَمها بهدف بيع الأسلحة أو شراء النفط، ويضيف في بيانه، قبل عامين، أقدم عملاء سعوديون، بما يعتقد أنه توجيه من ولي العهد، محمد بن سلمان، على قتل وتقطيع الصحافي السعودي المنشقّ والمقيم في الولايات المتحدة الأميركية، جمال خاشقجي». وأضاف بايدن في بيانه قائلاً عن خاشقجي: «تهمته، التي دفع حياته ثمناً لها، كانت أنه انتقد سياسات حكومة بلاده»، وتابع: «أحدّ (الحداد) اليوم مع الكثير من الرجال والنساء السعوديين الشجعان، والناشطين والصحافيين والمجتمع الدولي، على موت جمال وأكرّر نداءه للشعوب في كلّ مكان بأن تمارس حقها الكوني بالحرية»، على حدّ تعبيره.
وهنا، يذهب بايدن باتجاه تأكيد، أنّ الرياض قامت بتصفية «المعارض» جمال خاشقجي، وبغضّ النظر عن تفاصيل العملية الاستخبارية الأمنية ومن يقف وراءها والتي استهدفت خاشقجي، هذه التطورات بمجموعها، تؤكد أنّ السعودية قد دخلت في مسار مستقبلي قاتم المعالم، بما يخصّ علاقتها بواشنطن، من هنا يمكن قراءة الواقع السعودي المستقبلي على أنّه واقع يتجه نحو المزيد من الفوضى والاضطرابات والتخبّط في العلاقة مع الغرب، وسط حملة ابتزاز مالية غير مسبوقة «بالتاريخ» غربية – إقليمية للرياض، والغارقة بمستنقع الحرب «الظالمة» على اليمن.
وفي قراءة موضوعية لطبيعة التداخلات الطارئة والحاصلة في الحالة السعودية وفي هذه المرحلة تحديداً وتداخلاتها، يتضح أنّ الواقع السعودي يعاني من حالة فوضى وتخبّط وأزمة علاقات خارجية عسيرة يصعب تجاوزها الآن، ما يدلّ على أنّ أزمة الخارج السعودي ستلقي بظلالها على أزمة الداخل السعودي، وستفتح من جديد الصراعات السياسية «داخل العائلة الحاكمة» على الحكم وستتجه نحو مزيد من التصعيد، ومزيد من التجذر لحالة الفوضى والتخبّط في اتخاذ أي قرار داخلي أو خارجي.
والواضح، اليوم، أنّ الرياض، تعيش حالة فوبيا وقلق وانعدام ثقة من سياسة بايدن الجديدة في المنطقة وتحديداً علاقته بالرياض، لذلك من المتوقع أن تفرز حالة انعدام الثقة بين الجانبين، عن حملة ابتزاز جديدة ستتعرّض لها الرياض قريباً، والتي سيستثمرها الغرب باستمرار حملة الابتزاز للرياض، وهنا نستطيع أن نقرأ بوضوح حجم هذه الأزمة الجديدة في السعودية وحجم الإفرازات المتولدة عنها، وفي هذه المرحلة، ومع بروز حقيقة الملفات التي يتحدث عنها بايدن، بما يخصّ أيضاً الحرب «الظالمة على اليمن» وملف حقوق الإنسان في السعودية و «ملف التسليح» وغيرها من الملفات، ودفعها إلى واجهة الأحداث، فإنّ هذه الملفات بمجملها تستلزم صحوة ذهنية وظرفية وزمانية عند العقلاء في الرياض، ليعملوا على إعادة ترتيب البيت الخارجي والداخلي السعودي.
ختاماً، إنّ المؤشرات الآتية من تصريحات وبيانات بايدن، اتجاه السياسة الداخلية والخارجية السعودية، تستحقّ وقفة استشراف للمستقبل من قبل الرياض، فالمطلوب منهم اليوم أن يبنوا مساراً جديداً لعملية الإصلاح، بالشراكة مع قوى المعارضة «بدل زجّ رموزهم في المعتقلات»، وإعادة ترميم علاقتهم مع محيطهم العربي، وهنا بالتحديد أتحدث عن القضية الفلسطينية وملف الحرب الظالمة على اليمن، وعن بناء علاقات قوية وجديدة مع سورية والعراق والأردن، والتي ستحفظ السعودية من عواقب أيّ فوضى مقبلة متوقعة مستقبلاً مع ما فيها من مخاطر على كلّ السعوديين، لأنّ التعنّت ومحاولة تأجيل هذا المسار وربطه مع ملفات أخرى عالقة في الإقليم، لن يفرز إلا الفوضى والمزيد من الفعل وردود الفعل، مع ما يصحب كلّ هذا وذاك من استمرار حملة الابتزاز المالي الغربي للرياض.