القطـاع التجاري: للتوازي والتوازن بين الموجبات الصحية والمقتضيات الاقتصادية
عقد المجتمع التجاري بكل مكوّناته ومن المناطق اللبنانية كافة، اجتماعاً طارئاً واستثنائياً في جمعية تجار بيروت، للتشاور في كيفية تعاطي القطاع التجاري مع قرار الإغلاق الكامل.
وقال رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شمّاس «لقد اختبرنا في مراحل سابقة خطورة وسلبية إقفال المحال والمجمّعات والأسواق التجارية، التي تعاني من تدهور خطير بلغ ما بين 70 و90 % وفقاً لمؤشر جمعية تجار بيروت، علاوة على موجة الإقفال النهائي الكثيفة التي تطال العديد من المؤسسات التجارية العريقة، نتيجةً لسياسات التوقف القسري عن العمل المتكرّرة».
وأشار إلى «أننا مدركون لأسباب القرار الموجبة، إنما يجب أن يكون هنالك توازٍ وتوازن بين الموجبات الصحية والمقتضيات الاقتصادية»، معتبراً أن «على الدولة أن تتحصّن بمزايا التبصّر والاحتراز في تدابيرها، وأن تكون كل الخطوات مبنية على أسس علمية وعملية، بدل الإنزلاق إلى الحلول السهلة ظاهرياً، لكنها تؤدّي في باطنها إلى صعوبات شديدة من حيث الارتدادات الاقتصادية والمجتمعية، وتضع مصير الملايين من اللبنانيين في خطر».
وجدد التأكيد أن «الالتزام بالتدابير والإجراءات الخاصة بالوقاية والسلامة تفوق الـ90 % وفقاً للزيارات السرّية التي ما زالت شركة GWR تقوم بها بانتظام على المحال والمؤسسات التجارية في لبنان. فالخطر لا يكمن إذاً، في المحال والمجمّعات التجارية، التي هي دائماً أول من تطاله قرارات الإقفال، في حين أن التباعد الإجتماعي هو أصلاً وتلقائياً، للأسف، مؤمّن فيها نتيجةً لما حصل في الفترة السابقة من تقليص لعدد الموظفين ومن ندرة الزبائن في ظل تردّي الأوضاع الإقتصادية العامة في البلاد».
وطالب بإعادة النظر في القرار فوراً «ومعاملتنا مثل باقي القطاعات الإنتاجية في البلاد، والعمل بنصف الطاقة التشغيلية لجهة تواجد الموظفين، بالتنسيق مع جمعية تجار بيروت وجمعيات المناطق، وإلاّ التعويض عن الخسائر المتراكمة»، لافتاً إلى أن «جلّ ما يطالب به القطاع هو أن تؤمّن الدولة دعماً مالياً لتغطية أعباء الأجور بما يوازي ضعفي الحدّ الأدنى للأجور أي 1,350,000 ل.ل. عن كل موظف شهرياً، من خلال إجراء هندسة أو ترتيبات مالية خاصة لهذا الغرض. وفي حال لم تتبنّ الدولة هذا الخيار، فينبغي أن تعتبر الأكلاف المخصّصة للأجور بمثابة سلفة من الشركات لصالح خزينة الدولة (crédit d’impôt) ينبغي تنزيلها لاحقاً من الضرائب التى ستترتّب على هذه الشركات. فمن غير المنطقي أن تفلّس المؤسسات وأن يتحمّل الملايين وزر تقاعص الدولة في القيام بموجباتها وتحمّل مسؤولياتها في الموضوع الصحـّـي بتجهيز المستشفيات، كما كان مطلوباً منذ البداية. ونحن نرفض شيطنة القطاع وتصنيفه بالنشاط غير الأساسي وغير الحيوي في الاقتصاد الوطني».
وقال «نخشى ما نخشاه أن لا يكون هذا الاستهداف للقطاع التجاري بشكل مستمرّ بريئاً، إنما ينمّ عن خيار اقتصادي خاطىء وماكر ومدمّر، معلـَـن أو غير معلـَـن، لضرب القطاع والاقتصاص منه». ورأى «أن هذه الرزمة من القرارات بحق القطاع التجاري ظاهرها تكتيكي وإجرائي، وهي تأتي تحت ستار إجراءات صحية، إنما باطنها إستراتيجي ووجودي، في محاولات لتصفية الحسابات مع هذا القطاع. وذلك يمثّل مدخلاً غير معلن لتغيير النظام الاقتصادي في لبنان».
وشدّد على أن «الحرية الاقتصاية لا تكمن فقط في النظام، بل أيضاً في الخيارات. لذا لا يُمكن أن نرضى بأن يفرض أحد على اللبنانيين أي خيار في المطلق، وكمّ بالحري إذا كانت تلك الخيارات خاطئة. ولذا نطالب بردّ الاعتبار إلى القطاع التجاري: معنوياً من حيث الإقرار بمركزية دوره على الساحة الاقتصادية اللبنانية، ومادياً من خلال التعويض أو السماح بمزاولة العمل أسوة بالقطاعات الأخرى».