ترامب يبدأ الانسحاب من العراق… و4 صواريخ تستهدف السفارة الأميركيّة في بغداد
الاستعصاء الحكوميّ أقفل باب التفاهمات في لقاء بعبدا الأخير بين عون والحريري / واشنطن ترسم سقف الحكومة بإبعاد المعاقبين... واعتذار الحريري بين النفي والتأكيد
كتب المحرّر السياسيّ
تبدو المنطقة على موعد مع تطوّرات متسارعة تعكس الارتباك الأميركي بعد الانتخابات الرئاسية، تحت سقف معادلات الردع التي ينتجها وقوع كيان الاحتلال تحت تهديد صواريخ المقاومة من الشمال والشرق والجنوب، حيث تتحوّل الأحاديث عن الضربات العسكرية الى مشاريع حرب نفسيّة منقوصة بغياب القدرة على ترجمة الأقوال بالأفعال، بينما بات لدى كيان الاحتلال ما يكفي من الوقائع المعلن منها وغير المعلن يقول إن أمن الكيان سيكون ثمن أي مغامرة أميركية في المنطقة، وعلى إيقاع الردع صار قرار الانسحاب هو التعبير الممكن عن محاولات خلط الأوراق، وجاء الجواب بأربعة صواريخ على منطقة السفارة الأميركية في بغداد.
لبنان ليس بعيداً عن هذا المناخ الدولي والإقليمي، حيث فشل الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون بالحصول على هامش للحركة الفرنسية، تحت عنوان تحييد المشروع الحكومي في لبنان وبالتالي مشروع النهوض الاقتصادي، عن المواجهة التي تخوضها واشنطن ضد إيران وحزب الله، وكانت نتائج الاجتماع الذي ضمّ الرئيس الفرنسي ووزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو وانتهى إلى تشديد الأميركيين على المضي قدماً بمسار العقوبات والإصرار على تشكيلة حكوميّة تتناغم مع هذا المسار، فتستبعد المعاقبين عن الحكومة وتظهر تراجع قدرتهم على فرض حضورهم، وهذا هو الاستنتاج الذي صاغته مصار متابعة للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، حيث ظهرت للمرة الأولى صعوبة التفاهم وتدوير الزوايا، في ظل ما وصفته المصادر بسعي الحريري لتحجيم دور رئيس الجمهورية في الشراكة بتأليف الحكومة بوزيرين كما نقلت قناة المنار، بينما عكست المواقف الصادرة عن التيار الوطني الحر الاعتقاد بأن الحريري يعمل تحت سقف الشروط الأميركية المتمسكة بتظهير نتائج العقوبات على رئيس التيار الوطني الحر بتحجيم مكانة التيار في الحكومة.
في مناخ التأزم المعترف به بصورة شبه علنيّة من فريقي رئيس الجمهورية والرئيس المكلف للمرة الأولى بعد إصرار طويل على تعميم المناخات الإيجابية عن لقاءات الرئيسين، تم التداول بمعلومات عن إمكانية إعلان الرئيس الحريري اعتذاره عن تحمّل مسؤولية تشكيل الحكومة، بصورة يحمل رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر مسؤولية الفشل في تأليف حكومة جديدة، لكن مصادر مواكبة للملف الحكومي قالت إنه وفقاً لما لديها من معلومات فإن الحريري ليس بوارد الاعتذار، وإن تسريب هذه المعلومة هو جزء من الضغط على رئيس الجمهورية ليتمّ التراجع عن بعض المطالب.
لم تخرج معلومات شافية من قصر الإيليزيه الذي شهد سلسلة اجتماعات فرنسية – أميركية وأخرى بين المسؤولين الفرنسيين أنفسهم حول الملف اللبناني والحكومي تحديداً، فيما غابت الحركة السياسية في بيروت على خط بعبدا – بيت الوسط بانتظار نتائج مشاورات باريس للبناء على الشيء مقتضاه.
وأشارت مصادر «البناء» إلى أن «العقد الداخلية لا زالت على حالها بانتظار استكمال الوساطة الفرنسية بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري المعنيين بتأليف الحكومة والتي ستدخل في تفاصيل التأليف»، لافتة الى أن «المفاوضات عادت الى نفطة الصفر واللقاء الاخير بين الرئيسين عون والحريري الاثنين الماضي أكد ذلك، فالرئيس عون عاد للتسويق لصيغة الـ 20 وزيراً التي تسمح لأوسع تمثيل ممكن للمكوّنات والكتل النيابية كما أصرّ على وضع قواعد ومعايير موحّدة للتأليف، إلا أن الحريري يتمسك بصيغته التي طرحها منذ تكليفه أي 18 وزيراً مع مبدأ المداورة مع استثناء المالية لثنائي أمل وحزب الله». وشددت المصادر على أن «العقوبات الأميركية على النائب جبران باسيل والمتوقعة على شخصيات سياسية لبنانية أخرى ستعقد مسار التأليف لا سيما أن الدخول الأميركي على خط التأليف مجدداً ألقى بتداعياته السلبية على موضوع الحكومة، خصوصاً أنه رسالة سلبية الى الرئيس المكلف لجهة تمثيل حزب الله في الحكومة».
وأمس، سرت معلومات لم يعرف مصدرها عن توجه الرئيس الحريري لتقديم اعتذاره عن التأليف، لكن أوساطاً سياسية مطلعة على موقف الحريري، أكدت لـ«البناء» أن الحريري لن يعتذر وكل كلام في هذا السياق محض إشاعات ولفتت الى ان الحريري يستعدّ لتقديم مسودة لتشكيلة حكومية وأسماء خلال وقت قريب الى رئيس الجمهورية ويعود له إبداء الرأي وتقديم الملاحظات وفقاً للدستور». ونفت الاوساط ان يكون الحريري «قدّم أية وعود لأي طرف سياسيّ حتى وزارة المال التي التزم الحريري بأن تكون للطائفة الشيعيّة لمرة واحدة لكن لم يمنح الحق بتسميتها للثنائي أمل وحزب الله»، كما نفت ان يكون الحريري اعتمد «مبدأ المحاصصة في التأليف مع القوى السياسية». وشددت الاوساط على ان الحريري «متمسك بالدستور وبأصول تأليف الحكومة وفق المبادرة الفرنسية لإنقاذ لبنان من ازمته المالية والاقتصادية».
وفي المقابل أكدت مصادر 8 آذار لـ«البناء» أن «الرئيس المكلف يتحمل مسؤولية التأخير بولادة الحكومة لتشبثه بشروطه المموّهة بأهداف اصلاحية ومن ورائه الأميركيون والسعوديون، أما الاهداف الحقيقية فهي استكمال المشروع الخارجي للسيطرة على لبنان مالياً واقتصادياً وسياسياً والذي بدأ منذ تشرين الأول 2019 وتوّج بتفجير مرفأ بيروت على أن ينتهي بتنازلات يقدّمها لبنان تتجسّد بحكومة يترأسها الحريري بالشروط الأميركيّة: حكومة بلا حزب الله وحلفائه – ترسيم الحدود النفطية والغازية لمصلحة «إسرائيل» – تجميد عودة النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين».
وحذرت المصادر من أن السلاح المقبل سيكون فرض المزيد من العقوبات واستخدام لعبة الدولار للضغط السياسي على فريق المقاومة ورئيس الجمهورية.
وفي هذا السياق ترددت معلومات عن عقوبات أميركية على رئيس الجمهورية تمهيداً لعزله سياسياً، لكن مصادر مطلعة على موقف بعبدا نفت لـ«البناء» صحة هذه المعلومات، واضعة إياها في خانة الإشاعات واستهداف الرئيس عون. فيما قللت مصادر سياسية من قيمة العقوبات، مؤكدة أن تداعياتها لم تأتِ على قد توقعات واضعيها.
وحتى ذلك الحين تتزايد المخاوف من انهيارات اضافية على المستوى المالي والاقتصادي ما ينذر بفوضى اجتماعية وتحركات في الشارع يحضر لها في غرف إعلامية وسياسية، ولفت في هذا السياق كلام الوزير السابق التابع للقوات اللبنانية ملحم الرياشي قوله بأننا «ذاهبون الى كارثة وفي حال استمرّ الركود في الملف الحكومي فنحن كقوات ذاهبون الى مقاومة سلميّة على الأرض قد تصل الى العصيان المدني».
في المقابل جدّد تكتل لبنان القويّ خلال اجتماعه الدوري الكترونياً برئاسة باسيل دعوته «للإسراع في تشكيل حكومة إنقاذ تنفّذ البنود الإصلاحية التي تضمّنتها المبادرة الفرنسية وتحصّن الاستقرار والتضامن الوطني في مرحلة هي من أخطر المراحل التي تمرّ بها منطقة الشرق الأوسط وسط مؤشرات عدّة متناقضة وغير مطمئنة».
واعتبر التكتل أن «موقفه المسهّل نابع من إدراكه خطورة الوضع، ولذلك يشدّد على ان يتم اعتماد معيار واحد في عملية تشكيل الحكومة ليتأمّن لها اوسع دعم نيابي وسياسي وشعبي ممكن. ويؤكّد التكتل ان حكومة الاختصاص والخبرة والكفاءة لا يمكنها ان تعمل وتنجز بمعزل عن مبدأ حفظ التوازن الوطني الذي لا يمكن تجاوزه او التنازل عنه». ونبّه التكتل الى «وجود معطيات اكيدة ومؤشرات مقلقة توحي برغبة البعض بالعودة 15 سنة الى الوراء الى زمن الإقصاء والتهميش، وهو أمر يعاكس مسار الاستقرار الوطني».
وفي سياق ذلك لفت وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه الى أن «السفيرة الأميركية لم تقنعني في أسباب العقوبات على باسيل، لأنها لم تعطني اي مستندات، وقالت ان المستندات لدى إدارتها، وهي وعدتني بمراجعة ادارتها لدى طلبنا تسلّم القضاء اللبناني لملفات الفساد». واعتبر أن «العقوبات على باسيل سياسية لأنها لم تصدر عن سلطة قضائية أميركية».
في غضون ذلك، وبعد ورود معلومات عن قرار اماراتي سيتخذ حيال لبنان، أعلن سفير لبنان في دولة الإمارات فؤاد دندن في حديث للـ»ال بي سي» أنه لم يتبلّغ أي شيء رسمي بخصوص الخبر الذي يتم التداول به عن وقف إصدار تأشيرات فيزا سياحية إلى دبي للبنانيين»، وأشار إلى أنه تواصل مع مسؤولين في وزارة الخارجية الإماراتية وأكدوا أن ما من قرار رسمي من هذا النوع».
وعلى الرغم من إقفال البلاد واصل عدد الإصابات بالارتفاع. واذ أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 1507 إصابات بفيروس كورونا ليرتفع العدد التراكمي للإصابات منذ بدء انتشار الوباء في شباط الفائت إلى 107953.
وسجل لبنان 12 حالة وفاة ليرتفع العدد التراكمي للوفيات إلى 839.
وعقدت الهيئات التجارية اجتماعاً طارئاً واستثنائياً في جمعية تجار بيروت، للتشاور حول كيفية تعاطي القطاع التجاري مع قرار الإغلاق الكامل. وأشار رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شمّاس إثر اللقاء أن «وصف هذا الإغلاق بالعام والتام والشامل، فهو اسم على غير مسمّى، لأن الاستثناءات المختلفة والحالات الخاصة المتعدّدة تجعلان منه قراراً أعوج ومستهجناً ومشبوهاً، لا يطال ولا يستقوي إلا على القطاع التجاري المنكوب».
وأكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي بعد لقائه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ان «من اليوم حتى يوم الجمعة بناءً على عدد الإصابات قد نُعيد فتح بعض المصالح».
وأكد رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي بعد اجتماع لجنة الصحة النيابية، ان «علينا ترشيد دعم الدواء لأن مصرف لبنان لم يعد قادراً على استيراد جميع الأدوية». وقال: «يجب دعم الأدوية الأساسية والمهمة مثل الضغط والقلب والسكري والجهاز العصبي، وهناك أدوية كثيرة مدعومة حالياً ولا لزوم لها». واشار الى ان «الإقفال التام له هدفان، الاول إراحة القطاع الطبي والتمريضي بسبب ارتفاع الإصابات والثاني زيادة عدد الاسرة وتجهيز المستشفيات الخاصة لفتح اقسام لكورونا»، مشدداً على «توحيد معايير علاج كورونا، وإلا فلن نجد أسرة في المستشفيات على رغم زيادتها سواء في أقسام العناية أو العزل».
ونشرت قوى الأمن عبر حسابها على «تويتر»، «مجموع محاضر مخالفات قرار التعبئة العامة المنظمة حتى الآن بلغ 10479 محضر ضبط. ودعا الجيش اللبناني المواطنين الى التقيّد بإجراءات التعبئة العامة والالتزام بالحجر المنزلي، عبر مناشير ألقتها المروحيات فوق المناطق اللبنانية.