هل يتنازل عبّاس عما تبقى من فلسطين خدمة للهدية السعودية؟
} جهاد أيوب
يؤكد مصدر إعلامي خليجي مطلع أنّ السياسة السعودية الحالية، والمتحكم بها الأمير محمد بن سلمان ليست خائفة من سقوط ترامب، أو من وصول جو بايدن إلى الحكم على عكس ما يُكتب ويُشاع لأنّ خيارات أميركا في المنطقة واضحة جداً، ولا تتطلب الكثير من الجهود كي تنكشف، المصالح الأميركية هي واحدة في سياساتها الخارجية، ولكن السعودية قلقة من أن ينفتح بايدن على إيران، ويعيد تنشيط الاتفاق النووي، ولجم حربها على اليمن!
هذه هواجس القائمين على حكم بلاد الحجاز ونجد، ومن منطلق تقديم الخدمات للرئيس الجديد لا بدّ من مبادرة سعودية لافتة ولا تخطر على بال عدو، نعم السعودية تدرس الكثير من الخيارات التي تجدها مناسبة لإرضاء الرئيس الأميركي الجديد في المنطقة خاصة في موضوع فلسطين!
تدرك السعودية أنّ من ضمن شعارات بايدن في حملته الانتخابية لجم السعودية بما هي عليه، ومحاسبة محمد بن سلمان على جريمة ذبح الصحافي الخاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول، وهذه لم تحدث بأيّ تاريخ في العالم، هذه الجريمة لا تزال تشغل الرأي العام الأميركي، وتعتبرها صفعة مباشرة للعدالة الأميركية، وكشفت كذبة حقوق الإنسان التي يتغنون بها!
لم تفلح الأموال التي دفعها ابن سلمان لوسائل إعلام غربية وأكثرها عاملة في أميركا وبريطانيا لإعادة ترميم صورته بعد تلك الجريمة التي صدمت الشارع الأميركي والبريطاني، وكثير من هذه الوسائل حصلت على المال ولكنها لم تنجح، ولم توفق في تغيير الصورة التي أصبحت نمطية لهذا الأمير الجامح!
ويؤكد المصدر أنّ السعودية وعبر وسيط مصري اتصلت بالرئيس المنتهية صلاحياته محمود عباس، وطلبت منه الكثير من الشروط والأمور، أهمّها لجم من حوله ممن لا يزال يطالب بفعل المقاومة، والتخفيف من التصريحات ضدّ المملكة واتفاق القرن إلى حين تتضح الرؤية الأميركية!
محمود عباس الصامت الأكبر في هذه الأيام عن كلّ ما يدور من حول فلسطين، وعن واقع المصالحات أو المضايقات والحياة الصعبة داخل فلسطين، وعما حدث في الانتخابات الأميركية، وفي جلساته الخاصة كان يقول إنّ وصول بايدن أفضل من ترامب، وكأنّ التجارب مع كلّ رؤساء أميركا لم تعلمه أنهم يؤمنون بأمن «إسرائيل» أولاً، ولا يعترفون بفلسطين وحقوقها!
والغريب أنّ التحركات الثورية مختفية في هذه المرحلة، وثورة الحجارة شبه غائبة، وغير ناشطة الآن؟
والتظاهرات الواجب أن لا تختفي عن الشارع الفلسطيني لا أثر لها، وانتفاضة يوم الجمعة في فلسطين جمدت!؟!
في الشارع الصهيوني تظاهرات لم تجفّ بل تتزايد ضدّ نتنياهو، بينما الشارع الفلسطيني، ومنذ انطلاقة الانتخابات الأميركية غير فاعل إلا ما تيسّر، وكأنّ المطلوب في هذه المرحلة الحساسة الترقب والخمول على أمل قراءة مختلفة!
فلسطين هي الأساس… هذه هي حقيقة وجودنا العربي والإسلامي، وخارج هذه المعادلة العروبة والدين ناقصان في فهم الالتزام، وخلال الانتخابات الأميركية أدرك فريق ترامب أهمية ذلك ففرض على بعض العرب الإعلان بشكل مباشر عن التطبيع مع الكيان الصهيوني بطريقة مضحكة ومباشرة دون الاكتفاء بما يحدث بينهما بالسر…!
وأشار المصدر إلى أنّ سياسة السعودية منذ قديم وجودها تعتمد على الصمت، ولكنها في مقابل ذلك لا تهدأ في فرض ما تريد على الدول العربية المحتاجة لأموالها، وتنفذ ما تطلبه منها أميركا دون مواربة، ولكن الفوضى التي حدثت في الانتخابات الأميركية، وضبابية الاستقرار السياسي هناك، وعدم ضمانة ما قام به ترامب من فوضى جامحة في المصالح الأميركية نُصحت السعودية بأن تبادر هي بتقديم هدايا للعمّ سام دون أن يطلب منها!
وعلى ما يبدو أنّ السعودية تعمل دون ضجيج إلى إرضاء الرئيس الأميركي الجديد بايدن من خلال تقديم هدية ستحدث ضجيجاً كبيراً، هدية تكمن في إنهاء سبب مشكلة «الشرق الأوسط»!
ويقول المصدر الخليجي إنّ هذه الهدية التي تطبخ تكمن في أن يتنازل محمود عباس عن 40 % من الضفة، وأن يقبل بدولة مصغرة منزوعة السلاح، خاصة انه هو وفريقه يعترفون بـ «إسرائيل»، والعمل الأمني بينهما لا يزال قائماً، وهذه النقاط لا رجوع عنها!
وختم المصدر الخليجي بالإشارة إلى التنبّه لغياب أيّ تصريح للرئيس عباس يُعنى بالداخل الفلسطيني وبما يحدث من حوله، كما لم يعد مستعداً إلى توحيد الفصائل الفلسطينية كما وعد، والجانب المقاوم منها لا يعنيه، وينصح بأن تهتمّ لمشاكلها وتصفية عناصرها الجامحة إلى الفعل المقاوم!
وإنّ ما يحدث في فلسطين من جمود التظاهرات، وخمول فكرة إحياء الانتفاضة، وغياب خطاب يدعو إلى المقاومة ككلّ سيحدّد نجاح هدية السعودية إلى بايدن من فشلها!