متى كانتْ مُساعداتُكُم مجانيةً يا حضْرة السفيرة «المَصون»؟!
} السيد سامي خضرا
هكذا وبكلّ بساطة تُواصل السفيرة الأميركية لدى لبنان سفاهَتَها التي بدأتْها منذ اليوم الأول لوصولها إلى لبنان.
فهي تقوم بزيارات ونشاطات وتُكثر من التصريحات بكلّ فظاظة ووقاحة بحيثُ أنها لا تجرؤ على فعل ذلك لو كانت في بلدٍ آخر يحرص على احترام شعبه وصيانة كرامته ومراعاة قوانينه وخطوطه الحمر.
أما في لبنان فـ «السِّت المصون» تسرحُ وتمرح وتتمادى من دون ضوابط ولا حدود وهي مُطْمئنة أنّ أحداً لن يمنعها أو يُغضبها والعياذ بالله، لأنّ غاية ما يمكن أن يكون ردَّ الفعل على تصرفاتها أن يتمّ تنسيق زيارة لها، من بعد إذنها طبعاً، لمسؤول رسمي تُسمَّى «عزيمة على فنجان قهوة» على الطريقة اللبنانية، وهو مصطلح يستعمله الجبناء لمجاملة الأقوياء للضحك على الأغبياء!
فبالأمس صرَّحت حضرة السفيرة بأن «لا مساعدات مجانية للبنان بعد اليوم»!
واعجباً:
فهي تعلم ونحن نعلم وتعلم أننا نعلم كما الكلّ يعلم أنه في كلّ تاريخ السياسة الأميركية في لبنان لم يكن هناك أيّ مساعدة أو قرار أو خطوة أو تحرّك أو موقف مجاني قط بل نتعامل مع دولةٍ مُتسلطة باغية كلّ همّها تأمين سياستها الاعتدائية العدوانية على البلدان المُستعمَرَة أو المُتَسلَّط عليها لِما فيه حفظ الكيان الصهيوني الدخيل وتأمين تدفُّق النفط دون أن يكون لنا نصيب من لقمة أيتام على مائدة اللئام!
نعم:
لا شيء تُقدِّمه أميركا مجاناً لا للبنان ولا لغيره لا اليوم ولا أمس ولا غداً، ولطالما دَفَعْنا أثماناً غالية من دمائنا ودموعنا وأَرَقِنا وأَمْننا وراحتنا… صيانة لكرامتنا وسُمُو شرفنا.
لم تُقدِّمْ شيئاً مجاناً لكن المُجاهرة من السفيرة بهذا الكلام هو وقاحةٌ زائدة عن الوقاحة السائدة، فهي تتحدَّى كلّ اللبنانيين فرداً فرداً بِمَنْ فيهم الذين يعملون عبيداً بين يديها، ففي تصريحها إهانة علنية ومُباشرة للمؤسَّسات التي تَتلقَّى مساعداتها فهي تقول لهم:
إنَّ مساعدتنا ليست مجانية بل هي مقابل شيء وثمن ومواقف معنوية ومادية ترهنكم وتستنزِفكم جميعاً.
إذاً…
كلّ من يتلقى أي مساعدة عن طريق السفارة الأميركية وُجِّهَت له إهانة من الحجم الثقيل والمباشر.
فإلى متى تبقى هذه الفوضى من دون موقفٍ يُعبِّر عن كرامة لبنان واللبنانيين الذين يتحمَّلون كلّ هذه التصرفات المُشينة والتي لم تكن الأولى!
فقبل أسبوعٍ فقط وعندما فُرِضت العقوبات المعروفة على رئيس التيار الوطني الحر الأستاذ جبران باسيل عَقَّبت السفيرة مباشرةً «أنّ عندها دلائل لن تُفرِجَ عنها»!
وذلك في أغرب موقف يمكن أن تراه في عالم الإِدِّعاء أو القضاء أو المرافعة!
وأما إذا أردنا أن نستحضر كافة مواقف هذه الدبلوماسية والتي كانت تخدم في الكيان الغاصب لاحتجنا إلى مقالات عديدة لكن نكتفي بتذكير وتحذير في أنّ الأوضاع لا يمكن لها أن تستمرّ على هذا المنوال، وإلاَّ لن تُرجى لنا قيامة أو أمل بإصلاح ما دامت أمثالُ هذه النماذج تتحرك بمثلِ هذه العقلية السائبة التي لا تعتبرنا بشراً يستحقون المعاملة اللائقة!
والمطلوب فوراً لا أقلّ من وقفة عزّ يصحو بها الغافلون وينتفض لها الغيورون لنكون جديرين بعزّ لا يُميته زمان ونُوَرِّثه للأجيال…