9 قرارات يمكن أن يتخذها بايدن فور تسلّمه المنصب من دون انتظار الكونغرس…
تنتظر الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن قضايا ملحّة وأولويات يعوّل عليها الشعب الأميركي، ولكن قد تتعقد الأمور في حال لم يكسب الديمقراطيون في سباق السيطرة على الكونغرس. يشرح الكاتب والمحرّر في صحيفة «نيويورك تايمز» سبنسر بوكات ليندل في مقالٍ له الأمور التي يمكن لبايدن إحداث أثرٍ مهم فيها حتى ولو لم يكن الكونغرس إلى جانبه.
صلاحيات الرئيس
حتى مع احتفال الديمقراطيين بنتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة، كان من الجلي احتواء النتيجة على بذور كارثةٍ سياسيةٍ محتملة: إذا لم يستعد الديمقراطيون مجلس الشيوخ عبر الفوز بجولتي إعادة في جورجيا في كانون الثاني من 2021، سيُحكم على الكثير من خططهم بالموت على مكتب السيناتور ميتش ماكونيل – يشمل ذلك خطط تعزيز حقوق التصويت، قوانين التأمين الصحي، وإقرار التشريعات المعنية بالتغير المناخي، ولكنّ السنوات الأربع الماضية أظهرت أنّ الرئيس لديه القدرة على تغيير البلاد حتى من خلال الإجراءات التنفيذية.
أدناه قائمة يضعها الكاتب لما يمكن للرئيس المنتخب جو بايدن إحراز تقدّم فيه بمساعدة الكونغرس أو من دونه.
الفيروس
يستعدّ بايدن بالفعل للسيطرة على تداعيات جائحة كورونا التي أودت بحياة ما يقارب من ربع مليون أميركي، وكما ينبّه الكاتب فإنّ الوضع يستفحل على هذا الصعيد؛ إذ تتوقع التقديرات بأن تصل حالات الوفيات إلى أكثر من 100 ألفٍ آخرين بحلول يومِ تقليد الرئيس منصبه. وبالرغم من أنّ صلاحيات الرئيس قد لا تمتدّ لأمور من قبيل فرض حزمة تحفيزية مالية جديدة بصورة منفردة، لكن لدى بايدن القدرة على إنشاء استراتيجية وطنية موحدة بصدد مكافحة أزمة فيروس كورونا وتداعياتها، وقد كان غياب الاستراتيجية الموحدة يُعدّ إخفاقاً خطيراً في طريقة الاستجابة الأميركية للجائحة.
رُسمت خطة بايدن تحت إرشادات فرقةِ عملٍ مؤلفةٍ من 13 عضواً من خبراء الصحة العامة، ويُفترض أن تتضمّن تعيين قائد وطني لسلسلة الإمدادات، وإنشاء مجلس اختبار مخصص للجائحة واللجوء لقانون الإنتاج الدفاعي بهدفِ إصدار أوامر للشركات بتكثيف تصنيع الإمدادات الضرورية. يسعى بايدن أيضاً إلى فرض إلزامية الأقنعة على جميع الولايات عبر العمل مع حكام الولايات ورؤساء البلديات لفرض الأقنعة في الأماكن العامة وفقاً لأقواله.
يشير الكاتب إلى ثغرةٍ في خطة بايدن تكمن في مجال الإسكان، إذ كانت إدارة ترامب قد أصدرت قراراً بحظر عمليات إخلاء أصحاب المنازل أو المستأجرين المتأخرين عن دفعاتهم المستحقة حتى نهاية عام 2020، وذلك بسبب التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا، وهو ما لم يتطرّق إليه بايدن في خطته، بالرغم من كونها أزمة سرعان ما ستبدأ بوادرها.
التغير المناخي
انسحبت الولايات المتحدة الأميركية من اتفاقية باريس للمناخ رسمياً في اليوم التالي للانتخابات، وهو قرار قد تعهّد السيد بايدن بإلغائه في اليوم الأول من ولايته. تحمل هذه الخطوة بُعداً معنوياً أكثر من تنفيذيّ؛ إذ لا تنطوي اتفاقية باريس على أيّ قوة قانونية ملزمة. يشير الكاتب بالطبع إلى خطة بايدن التي ستكلّف 2 تريليون دولار لتلبية أهداف الاتفاقية، ولكن أهمّ عناصرها – أشياء من قبيل تحويل اعتماد البلاد إلى الكهرباء الخالية من الانبعاثات بنسبة 100% بحلول عام 2035 – ستتطلب تعاوناً من الكونغرس بلا شكّ.
انسحبت الولايات المتحدة الأميركية من اتفاقية باريس للمناخ رسمياً في اليوم التالي للانتخابات، وهو قرار قد تعهّد السيد بايدن بإلغائه في اليوم الأول من ولايته. بيد أنّ بايدن لا تزال لديه صلاحيات مهمة في هذا الشأن. يضرب الكاتب مثالاً الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب في وقتٍ مبكر من فترة ولايته والذي ألغى فيه الإجراءات المتخذة في عهد أوباما بهدف كبح ظاهرة الاحتباس الحراري وتعزيز تطوير الوقود الأحفوري، يستطيع بايدن بدورِه إبطالِ قرار ترامب وإعادة البلاد نحو خطط الطاقة النظيفة. وكما ينقل الكاتب عن المدير التنفيذي لمركز سابين لقانون تغير المناخ بجامعة كولومبيا مايكل برغر فإن «إلغاء الأوامر التنفيذية ممكن على الفور» وهو «أمر في غاية الأهمية لكون الأوامر التنفيذية هي الموجّه المباشر للوكالات الإدارية بخصوص كيفية ممارستها سلطتها وأولويات الإدارة».
يسعى بايدن إلى متابعة ما لا يقلّ عن 10 إجراءات تنفيذية بخصوص التغير المناخي وفقاً لموقع VOC، بما في ذلك إعادة القانون – الذي كان ترامب قد ألغاه – الذي يسمح لولاية كاليفورنيا بسنّ معايير أكثر صرامة بخصوص انبعاثات السيارات والشاحنات مما تطلبه الحكومة الفيدرالية عادةً، وبالتالي سيكون مسموحاً لباقي الولايات أيضاً. كذلك في ما يتعلق بحدود التلوث لغاز الميثان، والذي يعدّ تأثيره أقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون على صعيد الاحتباس الحراري، وحظر تصاريح النفط والغاز الجديدة في المياه والأراضي الفيدرالية.
ديون القروض الطلابية
لدى الأميركيين أكثر من 1.6 تريليون دولار من ديون القروض الطلابية، وهو مبلغ هائل زاد بما يربو عن الضعف في العقد الماضي لوحده. يقع الجزء الأكبر من هذا الدين ضمن اختصاص وزارة التعليم، ولذا يحاجج النشطاء، وعلماء القانون، والمشرعون، بأنّ الرئيس لديه سلطة واسعة لإلغائه.
اتخذ بايدن في حملته الانتخابية موقفاً أكثر تحفظاً بشأن ديون الطلاب من السيناتورة إليزابيث وارن أو السيناتور بيرني ساندرز، إذ عرض العفو عن 10 آلاف دولار لجميع المقترضين بالإضافة إلى إسقاط الديون الطلابية لخريجي الكليات العامة، أو كليات السود التاريخية الذين يكسبون أقل من 125 ألف دولار في السنة. لكن الكاتب يشير إلى وجود دلائل على تحرّك الحزب الديمقراطي نحو اليسار في هذه المسألة.
الهجرة
يعتبر مجال الهجرة من أكثر المجالات التي استطاع فيها الرئيس ترامب – بمساعدة كبير مستشاري البيت الأبيض ستيفن ميلر – إحداث تأثيرٍ عميق وملحوظ. وينقل الكاتب تعليق هيئة تحرير صحيفة «نيويورك تايمز» في تشرين الأول حين كتبت: «من خلال الأوامر الإدارية، والإنفاذ الصارم والتهديد، هاجم البيت الأبيض كل جانبٍ من جوانب الهجرة تقريباً، القانونية منها وغير القانونية».
أحدث ترامب أثراً بالغاً على نظام الهجرة لدرجة أن العديد من الخبراء يعتقدون بصعوبة عكسِ آثاره بهذا الخصوص، وتصف محللة السياسات في معهد سياسة الهجرة سارة بيرس الأمر بقولها لصحيفة «نيويورك تايمز»: «حدث الكثير من التغيير في السنوات الأربع الماضية، ولا توجد طريقة يمكن فيها لإدارة جديدة عكس الأمور خلال أربع أو ثماني سنوات حتى».
ومع ذلك يشير الكاتب إلى وجود عدة إجراءات مضادة يمكن لبايدن اتخاذها، وهي مما جاء ضمن وعوده:
– إعادة العمل ببرنامج «القرار المؤجل للواصلين أطفالاً»، وقد قرّر ترامب إنهاءه في عام 2017.
– زيادة عدد قبول اللاجئين السنوي إلى الولايات المتحدة لـ125 ألفاً، علماً أنّ إدارة ترامب خفضته إلى مستوى قياسي بلغ 15 ألفاً مقارنة بـ110 آلاف في عهد أوباما.
– تشكيل قوة عمل للمّ شمل 545 طفلاً ممن فرّقتهم إدارة ترامب عن عائلاتهم على الحدود.
– إلغاء حظر إدارة ترامب على السفر من 13 دولة، والتي كان معظمها ذا أغلبية مسلمة أو أفريقية.
– إنهاء السياسات الهادفة إلى ثني المهاجرين عن ممارسة حقهم المعطى بموجب القانون الدولي في طلب اللجوء، والذي كان يتمّ عبر رفع المصاعب، والتعقيدات على الحدود لأقصى قدرٍ ممكن.
– إبعاد المهاجرين غير الحاملين للوثائق اللازمة المدانين بجناياتٍ حصراً.
ينوّه الكاتب أجندة بايدن للهجرة قد تختلف عن أجندة رئيسه السابق على المدى الطويل، فقد رحّلت إدارة أوباما ملايين المهاجرين، وهو ما وصفه بايدن بأنه «خطأ كبير».
الشرطة
أعرب بايدن ونائبته المنتخبة كمالا هاريس عن نيتهما العمل مع الكونغرس لتمرير مجموعة من الإصلاحات المتعلقة بعمل الشرطة وصلاحياتها. ومع ذلك يقول الكاتب إنّ بعضاً من تلك الإصلاحات قابل للتحقيق كلياً أو جزئياً من خلال الإجراءات التنفيذية، وذلك عبر النقاط التي توردها مجلة «أميركان بروسبكت»:
– وضع معيار فيدرالي واضح بشأن استخدام قوة الشرطة.
– العودة لأمر تنفيذي صادر في عهد أوباما يقيّد نقل المعدات العسكرية إلى أقسام الشرطة.
– زيادة الرقابة بإنشاء لجنة مراجعة مختصة بالشرطة الوطنية.
– توجيه وزارة العدل لإصدار مراسيم التراضي لأقسام الشرطة المحلية بهدف تضييق الخناق على التجاوزات وسوء الإدارة، وكانت هذه المراسيم قد تمّ التراجع عنها في عهد المدعي العام السابق جيف سيشنز.
تعزيز القوة العاملة
لا يستطيع بايدن فرض حدّ أدنى للأجور لجميع العمال على الصعيد الوطني، ولكن يمكنه رفع الحد الأدنى للأجر للمقاولين الفيدراليين إلى 15 دولاراً للساعة أو أكثر من 10.80 دولاراً مما هو حالياً، وكذلك تقوية تدابير الحماية الوظيفية للعاملين في الحكومة – التي ضعفت في ظل إدارة ترامب – واستخدام الحوافز الفيدرالية واللجنة الوطنية للعلاقات العمالية لحماية حقوق العمال في التنظيم.
اتخذت إدارة أوباما خطوات لتسهيل التفاوض في أماكن العمل، لكنّ بعض قادة النقابات المعنيّة يقولون إن الخطوات كانت بطيئة للاستيعاب على أرض الواقع. وينقل الكاتب عن رئيسة الاتحاد الدولي للعمال في قطاع الخدمات ماري كاي هنري قولها لموقع «هافينجتون بوست»: «استغرق الأمر وقتاً طويلاً في تلك الإدارة السابقة لإدراك ذلك، لكن الآن وبعد فهمهم للأمر أصبح أسهل بكثير تخيّل كيفية إنجازه».
تحدّي رأس المال
يوضّح الكاتب أن بايدن لن يكون قادراً على سنّ كامل خطته الضريبية من دون الكونغرس، لكن لا يزال بإمكان إدارته التصرّف بمفردها لرفع الضرائب في بعض المجالات عبر تغيير أو إعادة تفسير اللوائح المرتبطة بقانون الضرائب الخاص بترامب لعام 2017. يمكن لبايدن أيضاً الإيعاز لوزارة العدل بتوجيه سلطتها ضدّ أصحاب العمل ممن ينتهكون قوانين العمل، والشركات الاحتكارية، والمجرمين الإداريين ذوي المناصب المرموقة عوضاً عن الجناة الصغار.
السياسة الخارجية
يُمنح الرؤساء في العصر الحديث صلاحيات واسعة لشن حرب عسكرية واقتصادية ضدّ الدول الأخرى. شاب الغموض التزامات بايدن بشأن هذا الموضوع، ولكن يبدو عليه الاستعداد لمواصلة النهج التدخلي الذي حدّد السياسة الخارجية للولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية وفقاً لما كتبته إيفا أشفورد لصحيفة «نيويورك تايمز».
كيف سيؤثر وزراء بايدن في الشرق الأوسط؟
ولكن كما هو الحال مع اتفاقية باريس، يتمتع الرئيس المنتخب بايدن بالسلطة والرغبة الواضحة في إقامة واحترام الاتفاقيات الدولية، وهو ما رفضه ترامب بشكل عام. تبدو العلامات المبكّرة لهذا وفقاً للكاتب عبر دعوة الرئيس الإيراني بايدن إلى العودة إلى الاتفاق النووي – الذي انسحب منه ترامب من جانبٍ واحد في عام 2018 – وهو ما عرض بايدن القيام به سابقاً.
الماريجوانا
يعارض بايدن إضفاء الشرعية على الماريجوانا في مجالات الاستخدام الترفيهي، لكنه يدعم عدم تجريمها. وكانت كمالا هاريس قد تعهدت في شهر أيلول بأن إدارة بايدن – هاريس ستفعل ذلك. في حال أرادت الإدارة سلوك الطريق الأكثر استدامة لإلغاء التجريم فستحتاج الكونغرس، ولكن – كما ينقل الكاتب عن جابرييل جورلي من مجلة أميركان بروسبكت – ما يزال ضمن صلاحيات الرئيس إحراز تقدم جيد من خلال إعادة الجدولة للماريجوانا بموجب قانون المواد الخاضعة للرقابة إلى مستوى أدنى من التقييد.
تندرج الماريجوانا حالياً ضمن الجدول الأول – وبه المستوى الأعلى من التقييد – حالها حال العقاقير من قبيل الهيرويين وأمثاله. تشرح جورلي الأمر أكثر: «يمكن للرئيس القادم أن يقلب حرب المخدرات والتأثيرات الضارة على المجتمعات متعددة الأعراق، عبر متابعة سبل الانتصاف الإدارية، والعفو عن المخالفين الصغار، وإعطاء الأولوية للعلم والبحوث. يمكن للرئيس القادم تعزيز القضية للتقدم للأمام في ما يخص الماريجوانا».