فيروز وذكريات …( ج1)
} رانيا مرعي
في بيتٍ غارقٍ في أحلام الياسمين والجوري، وعابقٍ برائحة الحبق .. تنشّقتُ رائحةَ الأمل.. وبدأتْ طفولتي ترسمُ ملامحي التي يقولُ لي كلّ من عرفني أنّها لم تتغيّر ..
هناك، بدأت علاقتي مع فيروز !
كنتُ دائمًا أعتقدُ أنّها تسكنُ في الجوار.. وكم بحثْتُ عنها من شرفة منزلنا كلّ مساء لأسمعها وهي تغنّي «يا قمر مشغرة .. يا بدر وادي التيم ..»
صوتٌ كنتُ أسمعُهُ من ذلك الراديو الأسود الكبير الذي وضعَتْهُ أمي في غرفتها.. كانت تتسلّلُ إلينا كلّ صباح وأمي تغنّي معها ..
أمي التي تملكُ صوتًا عذبًا واعتقدتُ أنّي كما أشبهها بملامحي، سأشبهها بحلاوته.. وكم حزنْتُ عندما اكتشفت عكس ذلك..وكان ذلك أوّل خذلان !
ما كانَ ليبدأ يومنا دون «يسعد صباحك يا حلو..»، ولأني كنت الفتاة الوحيدة كانت كلماتها لي وحدي حتى وجدتُ نفسي يومًا مضطرةً أن أتقاسمها مع أخي.. «شادي».
شادي الذي ضاعَ من تلك الأغنية ووجدتُه يومًا يغطُّ في نومٍ عميق في السرير الثاني في غرفتي ..
وأذكرُ مطالبتي أمي أن تجدَ أغنيةً لاسمي كما فعلت مع شادي! لأرضيَ كبريائي أمامه وحتى أمام أمي وأبي..
نعم ، كنْتُ الوحيدة التي لم تغنِّ لها فيروز !!
فلشادي أغنيته .. وللرباب أغنيتها .. وللزين أغنيته ..
أمي كانت تشدو بأغنية «عالزينو ..الزينو ..أسمر ومكحّل عينه» فيفرح أبي.
وأبي يترنّمُ «بسلِ الرياحين عنّي.. وسل حنين الرّباب» فتفرح أمي،
وأنا الحانقة دومًا.. كم تساءلتُ لم تكرهني فيروز؟!
ولم ينتهِ ذاك الشعور إلا بولادة أخي الثاني «لؤي» الذي شاركني الهم نفسه.. في ذلك العمر !!