ترامب يسلّم ببدء إجراءات المرحلة الانتقاليّة… وبايدن يشكّل فريقه… وبلينكن للخارجيّة
عون يخاطب مجلس النواب للتعاون في التدقيق الجنائيّ.. وبرّي يدعو لجلسة الجمعة / الحريريّ لن يقدّم تشكيلة قريباً ولن يعتذر... ومسعى فرنسيّ جديد لصيغة توفيقيّة!
كتب المحرّر السياسيّ
بعد ثلاثة أسابيع على ممانعته السير بالإجراءات الواجبة دستورياً للمرحلة الانتقالية، وافق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على بدء هذه الإجراءات لصالح صرف الموازنة اللازمة للانتقال لفريق الرئيس المنتخب جو بايدن، وتسليم نسخة من التقارير الاستخبارية لبايدن، والقرار هو تسليم بالهزيمة رغم كلام ترامب عن مواصلة الملاحقات القانونية الاعتراضية على نتائج الانتخابات، وبالتوازي كان بايدن يعلن فريقه الرئاسي الذي سيتولّى فيه انتوني بلينكن منصب وزير الخارجية وهو المعروف بدعمه للتفاهم النوويّ مع إيران وقد تولى القيام بتسويقه في مجلس الشيوخ، بالرغم من انتماء بلينكن اليهودي والتزامه مع بايدن بدعم كيان الاحتلال.
لبنانياً، تنعقد الآمال على حلحلة حكومية في ظل جمود تغيب معه أي مؤشرات على إمكانية تحقيق اختراق قريب، في ظل ما تؤكده مصادر تواكب الملف الحكومي لجهة غياب أي تشكيلة حكومية عن جعبة الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري ولا نية لديه بتسليم صيغة جاهزة قريباً الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، من دون أن يكون الحريري بوارد التفكير بالاعتذار كترجمة للمأزق الذي دخله مشروعه الحكومي، في ظل تسريبات إعلاميّة عن معلومات وصلت للحريري من واشنطن، تفيد بنية وضعه على لائحة العقوبات الأميركيّة في حالتي التشكيل والاعتذار.
بالتوازي انتقل الضوء الداخلي نحو مجلس النواب الذي تلقى رسالة من رئيس الجمهورية حول ملف التدقيق المالي الجنائي في مصرف لبنان، وتمنّع حاكم المصرف تسليم أغلب الملفات المطلوبة للشركة التي اختارتها الحكومة للتدقيق المالي الجنائي، بذريعة التمسك بتطبيق قانون النقد والتسليف وما ينص عليه من إلزام موظفي مصرف لبنان بالتكتم على المعلومات، بينما تنصّ رسالة رئيس الجمهورية على دعوة المجلس النيابي للتعاون مع السلطة الإجرائية لحل مأزق التدقيق الجنائي خشية تفاقم نتائجه سواء على مستوى مصير ودائع اللبنانيين، أو على مستوى الأذى الذي سيلحق بصورة لبنان كدولة مارقة أو فاشلة، وقد دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري فور تسلمه للرسالة الى جلسة عامة يوم الجمعة، حيث سيكون النقاش النيابي فرصة لتظهير مواقف الكتل النيابية من التدقيق المالي، في ظل غعلانات صادرة عن أغلبية الكتل تؤكد دعم هذا التدقيق ومواقف موازية للكتل تتبادل الاتهامات عبرها بالتورط في خطط تعطيل هذا التدقيق. وتقول مصادر مالية إن ترحيل ملف التدقيق للحكومة الجديدة سيزيد الشكوك حول النيات السياسية للتعطيل، خصوصاً إذا أصرّت الشركة على الانسحاب من العقد، وصار السير بالتدقيق يحتاج عقداً جديداً مع حكومة جديدة انطلاقاً من أن توقيع العقود يتجاوز صلاحيات حكومة تصريف الأعمال.
عون وجّه رسالة إلى مجلس النواب
ووجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسالة الى مجلس النواب، دعا فيها النواب الى «التعاون مع السلطة الإجرائية من أجل تمكين الدولة من إجراء التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وانسحاب هذا التدقيق بمعاييره الدولية كافة الى سائر مرافق الدولة العامة تحقيقاً للإصلاح المطلوب وبرامج المساعدات التي يحتاج اليها لبنان في وضعه الراهن والخانق».
وطالب عون بمناقشة هذه الرسالة في مجلس النواب «وفقاً للاصول واتخاذ الموقف او الإجراء او القرار في شأنها»، لافتاً الى «ضرورة التعاون مع السلطة الإجرائية التي لا يحول تصريف الاعمال من دون اتخاذها القرارات الملائمة عند الضرورة العاجلة».
وعرض رئيس الجمهورية في رسالته، «المراحل التي قطعها إقرار التدقيق المحاسبي الجنائي منذ 24 آذار الماضي والقرارات التي اتخذها مجلس الوزراء في هذا الصدد، وصولاً الى التعاقد مع شركة «الفاريز ومارسال» للقيام بمهمة التدقيق الجنائي تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء. وأبرز العراقيل التي برزت والتي حالت دون مباشرة الشركة لمهمتها، لا سيما موضوع السرية المصرفية والتمنع عن تسليم المستندات والمعلومات المطلوبة بالرغم من الحماية القانونية التي توافرت لهذا التسليم وصولاً الى حد طلب الشركة إنهاء العقد في 20/11/2020». واعتبر عون أن «ما حدث يشكل انتكاسة خطيرة لمنطق الدولة ومصالح الشعب اللبناني الذي يعاني من أزمات نقدية واقتصادية واجتماعية ومعيشية خانقة وموروثة ومتناسلة ومتفاقمة».
..وبري دعا إلى جلسة الجمعة
وفور تسلّمه رسالة عون، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى جلسة عامة الجمعة المقبل في قصر الأونيسكو وذلك إنفاذاً للمادة 53 الفقرة 10 من الدستور والفقرة الثالثة من المادة 145 من النظام الداخلي لمناقشة مضمون رسالة رئيس الجمهورية لاتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب.
ولم يعرف توجّه بعبدا حيال انسحاب شركة التدقيق الجنائي وما إذا كانت رئاسة الجمهورية ستتفاوض مجدداً مع الشركة للعودة عن قرارها أو مع شركة أخرى أم ستكتفي برسالتها الى المجلس النيابي. لكن مصادر سياسية مقربة من الرئيسين عون وبري أكدت لـ«البناء» الى أن رئيس الجمهورية ماضٍ الى النهاية بموضوع التحقيق الجنائي وما رسالته الى المجلس النيابي إلا لتأكيد ذلك وهي خطوة دستورية رداً على محاولة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عرقلة التدقيق الجنائي من خلال وضعه قانون النقد والتسليف والسرية المصرفية حاجزاً أمام الاستمرار بهذا الأمر فضلاً عن تلكؤ لجنة المال والموازنة وتماهيها مع سلامة»، لكن المصادر أوضحت أن رسالة الرئيس عون لا تعتبر اشارة سلبية باتجاه رئيس المجلس بل تهدف الى التعاون مع المجلس للدفع بالتدقيق الجنائي نحو الأمام والدليل مسارعة بري الى تلقف الرسالة والدعوة الى جلسة لمناقشة الرسالة». كما لفتت المصادر الى أن خطوة عون شكلت مفاجأة لدى الكتل النيابية وتأتي في إطار الضغط السياسي والدستوري على المجلس النيابي لإقرار القوانين التي تسهل عمل الشركة لإنجاز التدقيق في حسابات مصرف لبنان». في المقابل أكدت مصادر مقربة من مصرف لبنان أن «البنك المركزي على أتمّ الاستعداد للتعاون مع كل ما يصبّ في كشف أي سرقة للمال العام في البلد لأنه من الشعب، أتعاونت الدولة مع «ألفاريز أند مارسال» أو مع غيرها. فمصرف لبنان مع التدقيق الجنائي إذا رغبت الحكومة في ذلك، لكنه يحافظ على التزامه بأحكام قانون السريّة المصرفيّة وهو تحت سقف القانون».
أما المآل الدستوري للرسالة الرئاسية، فأوضح الخبير الدستوري والقانوني د. عادل يمين لـ«البناء» أنه «استناداً إلى الفقرة العاشرة من المادة 53 من الدستور يوجه رئيس الجمهورية رسائل إلى مجلس النواب عند الضرورة، واستناداً إلى أحكام المادة 145 من النظام الداخلي لمجلس النواب، اذا كانت الرسالة موجهة بواسطة رئيس المجلس، فعليه ان يدعو المجلس للانعقاد خلال ثلاثة أيام لمناقشة مضمون الرسالة، واتخاذ الموقف او الإجراء او القرار المناسب». وأشار يمين إلى «أن البرلمان تبعاً لما تقدم ملزم بالاستماع إلى رسالة الرئيس ومناقشتها واتخاذ الموقف او الإجراء او القرار المناسب في خصوصها، ولكن تبقى له الحرية في تأييدها أو معارضتها، ويمكن ان يكون التدبير بياناً يصدر عن البرلمان أو توصية او إقرار اقتراح قانون معجّل مكرّر من بين اقتراحات مسجلة او جديدة، ولكن البرلمان لا يستطيع تجاهل رسالة الرئيس لكونها ذات ثقل معنويّ كبير».
خلاف حول طرح قانون الانتخاب
وارتفع منسوب السجال السياسيّ عشية جلسة اللجان المشتركة التي تعقد اليوم والمخصصة لدرس اقتراحات قوانين الانتخاب المطروحة. ففي حين تدفع عين التينة لمناقشة قوانين الانتخاب، يرفض التيار الوطني الحر والقوات اللبنانيّة طرح القانون في هذا الوقت بالذات ويصرّان على سحب قانوني الانتخاب وإنشاء مجلس الشيوخ من التداول راهناً.
وتقاطعت مواقف التيار الوطني الحر والقوات في رفض خطوة الرئيس بري، إذ أعلن رئيس القوات سمير جعجع «إن ما يحصل بخصوص موضوع قانون الانتخاب مؤامرة كبرى». وقال: «سنشارك في جلسة اللجان وسنقول من الداخل إن ما يحصل مؤامرة لأن لا تفسير آخر لذلك»، متحدثاً عن تقاطع لا تحالف مع التيار الوطني الحر في رفض طرح قانون الانتخاب اليوم».
في المقابل أعلن تكتل لبنان القوي بعد اجتماعه الأسبوعي برئاسة رئيس التيار النائب جبران باسيل رفضه تغيير قانون الانتخابات النيابية، وأكد أنه «لن يفرّط بنضال السنوات الطويلة التي أوصلتنا الى قانون يصحّح التمثيل النيابي، واي بحثٍ في هذا الأمر لن يكون مقبولًا من جهتنا الاّ من ضمن حل متكامل لتطوير النظام وتعديل الدستور بإقامة الدولة المدنية بكل مندرجاتها وباعتماد اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة».
وفي الملف الحكومي، اعتبر أن «أسباب التأخير في تأليف الحكومة أصبحت معروفة من الرأي العام وهي غير مقبولة بشقيها الداخلي والخارجي ، فلا شيء يمنع تشكيل الحكومة باعتبار ذلك قراراً سيادياً وطنياً ولا يجوز ربطه بالخارج بأي صورة من الصور، ومن غير المسموح استخدام الوضع الاقتصادي المتأزم ذريعة للإخلال بالتوازنات والوحدة الوطنية».
ولفتت مصادر سياسية لـ«البناء» الى أن «قانون الانتخاب الحالي لن يشهد تعديلات كما لا يمكن إقرار قانون جديد لعدم وجود قانون بديل جاهز يحظى بإجماع القوى السياسية والطائفية، لذلك سيبقى القانون الحالي أساساً لأي انتخابات نيابية مقبلة»، لافتة الى أن المسيحيين لا سيما التيار والقوات يعتبران القانون الحالي إنجازاً سياسياً وثمرة تحالفات نيابية مع القوى الاسلامية ولذلك لن يتم التفريط به».
لا تمديد للإقفال
إلى ذلك، ناقشت اللجنة الوزارية لمتابعة ملف كورونا التدابير الصحية والاحترازية للحد من انتشار الوباء وذلك خلال اجتماعها في السراي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.
وعرض وزير الصحة خلال الاجتماع للخطة الصحية المتعلقة برفع عدد الأسرة في المستشفيات، الحملات الميدانية المتنقلة، الفحوص السريعة، عزل الحالات المصابة وغيرها من الإجراءات. كما تمّ تقويم التقارير المقدّمة من وزارة الصحة، والتي تشير إلى تحسّن طفيف في نسبة عدد المصابين بكورونا، وتمّ التأكيد على متابعة كل الأساليب الطبية والإرشادات المتاحة للخروج من الإقفال نهاية الأسبوع المقبل بنتائج مقبولة، على أن تعقد اللجنة اجتماعاً بداية الشهر المقبل لمتابعة ضبط نسبة الإصابات».
كما ستعقد اللجنة الصحيّة اجتماعاً اليوم لرفع توصية للجنة الوزارية لمتابعة وباء كورونا لجهة النظر بقرار الإقفال بعد انتهاء المدة المحدّدة السبت المقبل.
وأكدت مصادر وزارية معنية لـ«البناء» أن لا توجه لتمديد فترة الإقفال، مشيرة الى البلد سيعود الى وضعيّة ما قبل الإقفال الأخير على أن يكون السبت المقبل آخر أيام الإقفال ويصار بعده الى فتح البلد مطلع الشهر المقبل وطيلة فترة أعياد الميلاد ورأس السنة مع فرض إجراءات وتدابير وقائية. ولفتت الى أن البحث يتركز على إيجاد حل وسطي يراعي التوازن بين الخطر الصحيّ نتيجة ارتفاع عدد الإصابات وبين الضرورات الاقتصادية في ظل الظروف الصعبة. وأضافت أن إعادة فتح البلد وإلغاء قرار الإقفال لا يعني عدم العودة الى الإقفال في أي وقت تراه وزارة الصحة واللجنة العلمية مناسباً، لا سيما أن قرار الاقفال سيتكرر كل فترة خلال فصل الشتاء الذي سيزيد عدد الإصابات ولإراحة القطاع الاستشفائي والتمريضي. فيما علمت «البناء» أن التقييم الذي أجرته الأجهزة الأمنية ووزارة الصحة لقرار الإقفال سجل خروقاً كثيرة في مناطق عدة بسبب رفض البعض إقفال محالهم والتزامهم الحجر المنزلي بسبب الضغط المعيشي والاقتصادي.
كما عقد اجتماع أمنيّ في السراي الحكومي برئاسة الرئيس دياب وحضور قادة الأجهزة الأمنيّة وجرى تقييم الإجراءات والتدابير التي اتخذت بموجب قرار الإقفال وضرورة الاستمرار فيها وكان هناك ترحيب بنتائجها الإيجابية لجهة نسبة الالتزام المقبولة وإراحة القطاع الاستشفائي والتمريضي.
وفي سياق آخر، أكد الوزير حسن القول إن «الاتفاق مع فايزر يقضي بالحصول على اللقاح في الربع الأول من العام المقبل أي في موعد أقصاه نهاية آذار، ولكن المتوقع حسب عقد الاتفاق مع فايزر أن يتم تسلم اللقاح في منتصف شباط مع احتمال تقريب الموعد أو تأخيره أسبوعين».
وأعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 1188 إصابة جديدة بكورونا في لبنان، رفعت العدد الإجمالي للحالات المثبتة إلى 118664. كذلك، تم تسجيل رقم مرتفع بأعداد الوفيات، ويُعتبر الأعلى منذ 21 شباط الماضي، فتوفي 23 شخصاً بكورونا خلال الـ24 ساعة الأخيرة في لبنان.
الادعاء على الحاج شحادة وهزيمة
في غضون ذلك، سجل ملف تفجير مرفأ بيروت تطوراً قضائياً، تمثل بادعاء المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري على كل من عضو المجلس الأعلى للجمارك هاني الحاج شحادة ومدير إقليم بيروت في الجمارك بالإنابة سابقاً موسى هزيمة، ما يرفع عدد المدعى عليهم الى 33 شخصاً، من بينهم 25 موقوفاً وجاهياً واثنين غيابياً.
وتسلم المحقق العدلي في الجريمة القاضي فادي صوان ادعاء النيابة العامة التمييزية الجديد، على أن يستمع الى إفادتيهما كمدعى عليهما بعد أن كان قد استجوبهما في وقت سابق كشهود.