العيد الـ 77 للاستقلال… لبنان في مهبّ الريح!
} إيمان عيسى*
على وقع آهات غالبية أبناء الشعب اللبناني، أطلّ علينا العيد السابع والسبعون للاستقلال، مثقلاً بأعباء تكاد تنوء بأحمالها وأهوالها الدولة اللبنانية وأبناؤها.
وفي ظلّ غياب الاحتفال الرسمي للعام الثاني على التوالي، تتصاعد الأسئلة حول مستقبل هذا البلد الذي لا يزال منذ استقلاله يعيد محاولات صياغة منظومة سياسية قادرة على إدارة دفة الحكم بما يرضي الله والناس.
وفي حين جرت العادة على التوقف عند معاني الاستقلال واستعادة التاريخ بمنعطفاته ومساراته، نقف هذا العام مشدوهين من هول ما وصل اليه لبنان بعد قرن من الزمن على تأسيسه.
من تعاظم المطامع «الإسرائيلية»، وتصاعد محاولات التدخل الأجنبي السافر في شؤونه، الى طبقة سياسية امتهنت الفساد والإفساد، وباتت تجثم على صدور اللبنانيين بمنتهى الصفاقة والجرأة ودون الحدّ الأدنى من الحياء والاستحياء…
في ظلّ كلّ هذه الإرهاصات، وفي غياب حكومة قادرة على السير نحو المستقبل، لا يسعنا إلا الوقوف دقيقة صمت على واقع اشتدّ ألمه ووطأته وعسفه باللبنانيين الذين باتوا يدفعون وحدهم ثمن هذه المأساة التي لم يشهد لها العالم مثيلاً عبر التاريخ…
مع كلّ ذلك، يبقى الأمل حليفنا الأقوى، ومن وحيه ينبغي العمل على توحيد الصف تحت ظلال العلم اللبناني، ونبذ كلّ الخلافات والتشرذمات والعصبيات التي لا تخدم إلا أعداءنا، وذلك بالسعي لاقتناص كلّ الفرص المتاحة وشحذ الهمم للنهوض بالوطن، وتحفيز أبنائه على العمل والبناء وإعادة تأهيل جميع المرافق التعليمية والصحية والاقتصادية والسياسية التي فقدها لبنان على مرّ سنوات الحرب والفساد. ولا يسعنا أن ننسى أنّ الوطن الذي يستطيع أن ينتزع استقلاله وسيادته وكرامته من أعتى جيوش الأرض، هو بحقّ قادر على أن يواكبَ التطوّر والنمو في جميع مجالات الحياة.
من هنا، فإنّ المسؤولية الملقاة على كاهل الشعب اللبناني مسؤولية تاريخية لا يمكن له إلا أن يكون على قدرها، وأن يُثبت أنّ أبناءه قادرون على حمل لواء الوطن من جديد دون الحاجة إلى تبعية أو ارتهان لدولة أخرى، فالاستقلال اليوم بحاجة الى ولادة جديدة تليق بتحديات المرحلة.
صحيح أنّ العبء المنوط بأبناء الشعب اللبناني يرخي بظلاله على حياتهم وواقعهم ومستقبلهم، إلا أننا بحاجة ماسة إلى التأكيد على الدور الشعبي في عملية البناء والنهوض، وبخاصة في ظلّ الواقع السياسي الراهن. فعلى الرغم من أننا على يقين من أنّ الطبقة السياسية الحاكمة عبر العقود الماضية كانت السبب الرئيس وراء حالة التردّي التي وصلنا اليها، إلا أنّ ما لا شك فيه أنّ التخلص من براثن هذه الطبقة أمر ليس بالسهل، ويحتاج تضافر الجهود والعمل الدؤوب للتوصل الى صيغة شعبية معززة بحالة وعي شاملة قادرة على نبذ حالة التبعية المطلقة للزعامات السياسية وصولاً الى نزع الشرعية التي اغتصبوها من خلال التلطي خلف الجماهير الشعبية المخدوعة.
حقاً لم نعد قادرين حتى على قول كلمة كلّ عام ولبنان بخير… فلبنان على شفير الانهيار والإفلاس والأزمات المتعاقبة… وهو اليوم بأمسّ الحاجة الى إعادة النظر في كلّ مقوماته السياسية والوطنية والمجتمعية، وإلا… فأيّ استقلال وأيّ لبنان؟!
*رئيسة جمعية البراعم