نصٌّ مستعادٌ لمناسبة اليوم العالميّ للزيتون..
تأمل أبي الأرض الوعرة المنحدرة الشاسعة لعشرات الدونمات اي آلاف الكيلومترات التي ورثتها والدتي عن والدها الشيخ حسين نورالدين السلام لأرواحهم جميعاً، وقال سأزرعها زيتوناً. قاومنا بداية أنا وأخوتي رغبته خوفاً من استنزاف التجربة لطاقته وهو يعاني صعوبات صحية وبعض أهل القرية حوّلوا كلامه نادرة للمهمات المستحيلة تقارب التندّر بتحدي الحلم غير المنجز تحت إصراره. أنا كنت الوحيدة المتبقية الى جانب والديّ في المنزل رضخت لرغبته، وكنت تعاقدت مع وزارة الإعلام إضافة الى عملي في الوكالة الصحافية وبعض مراسلات الخارج في منتصف الثمانينيات وجاءت تعويضات متأخرة على زيادة الراتب وهي الأولى التي تقاضيتها بلغت 11 ألف ليرة كما أذكر ساهمت معه بها وهو نال أضعافها كناظر في مدرسة الحرج الرسمية، قال ماذا تحبين غير الزيتون؟ قلت التين اشترى لي عشر تينات منوّعة الألوان لم تنل حظاً بالبقاء. وقال سأحوط الزيتون البلدي بزيتون إيطالي بحبة كبيرة يتطعمان مع بعضهما وأباعد المسافة عن المعتاد بين الغرسات ليكون الزيتون حراً يداعب الهواء وريقاته.. سنتان من العمر قضاهما مع والدتي الفرحة بإنجازه يتنقل أسبوعياً بين القرية وبيروت الى ان كبر الزيتون وأصبح موضع تندر أهل القرية لطيب طعمه وحجمه وكثرة غلة زيته.. قليل من تلك الحبات المحاطة بالطيّون وعبق رائحته استمتعنا بتعريتها عن شجرها المحاط بالأشواك والعليق بسبب إهمال المزارع الذي يهتمّ بالزيتون من دون حب يترقب حصيلة زيته من دون أن يرعاه.. يقيني أن غرسات والدي المشبعة بالحب تقاوم الموت وتثمر عاماً بعد عام للعاطفة المخزنة في جذورها.. وإذا كانت أمثالنا الشعبية الذكوريّة تقول المرأة كالزيتون لا تمشي إلا بالرصّ. التجربة تقول بالحبّ يزهر النبت حتى لو كان مراً وفجاً كالزيتون.
دلال قنديل ياغي