بيانات صادرة عن القوميين الاجتماعيين في حماة في خمسينيات القرن الماضي
البيانات المرفقة كانت وردتنا من منفذية حماة، ربطاً بالصادرة رقم 41/9/72 تاريخ 03/08/2004 المرفوعة من قِبل منفذ عام حماة الرفيق ياسر الحكيم(1)، وهذا نصها:
نرفق ربطاً ثلاثة بيانات صدرت عن القوميين الاجتماعيين في حماة في الخمسينات، ليست لدينا تفصيلات عن الزمن بدقة، ولا عمّن كتبها، لكن لأهمية موضوعها أرسلناها إلى حضرتكم (دائرة تأريخ الحزب). نقترح أيضاً نشرها في مجلة الحزب، كموضوع مستقلّ من نفس مضمون البيانات المرفقة.
حماة 03/08/2004.
المنفذ العام
الرفيق ياسر الحكيم
نحن نرجّح أنّ المنفذ العام المعني هو الأمين الصيدلي بدري جريديني(2)، وقد أشرنا في النبذة المعممة عنه إلى دوره إبان الاضطرابات التي حصلت في حماة في ظلّ الانتداب الفرنسي.
ندعو من يملك معلومات مفيدة لتاريخنا أن يكتب إلى لجنة تاريخ الحزب.
لا يتوضّح لنا الترتيب الزمني لتلك البيانات التي وردتنا دفعة واحدة من دون أن تحمل تواريخ محددة، لذلك ننشرها كما وردتنا.
ل. ن.
*
«إلى المواطنين في حماة»
أيها المواطنون النبلاء:
هذا لكم نداء ونذير فالفتنة أشدّ من القتل، والسماء بالعز لا أن نتناحر مذاهب وطوائف في الدين الواحد، وعدوّنا في ديننا ووطننا يُمعن تنكيلاً وتقتيلا.
ضدّ من الجهاد؟ وكلنا في هذا الوطن مسلمون، منّا من أسلم لله بالإنجيل ومنّا من أسلم لله بالقرآن ومنّا من أسلم لله بالحكمة.
إنّ آية الكفر أن يكذب الإنسان على أخيه إيقاداً لفتنة أو جرّاً لمغنم أو تشفياً لعمل شخصيّ محض.
إننا في أشداق تنين العداوة الاستعمارية، فكّاه في الشرق والغرب، وأنيابه أصبحت في قلب وطننا في الشمال والجنوب، والحزبية المذهبية يحرّمها الله في كتابه الكريم.
أيها المواطنون النبلاء: لقد أعزّ الله أمتنا بالإسلام ديناً فأسلمت بالكتب المقدسة لرب العالمين وانتفى الشرك، والله لا يرضى بأن يذلّ بنا وطننا فنقتتل وتذهب ريحنا ونصبح لقمة سائغة للعدو المهاجم وللطامع المتربّص.
أيها المواطنون: إنّ الجهاد الحق يكون ضدّ الذين قاتلونا وأخرجونا من ديارنا وشرّدونا، ولا يزالون يمعنون تقتيلاً وإجراماً. ولا يمكن أن نردّ عدوّنا في وطننا وديننا إلا بالتآخي الصحيح، وبأن نتحاشى الفتنة. فالدين لله، ولا إكراه في الدين.
لقد عملنا أمس في إيقاظ الضمير القومي في الشباب المقتتل، وتأكّد لنا أنّ بعض ذوي الأغراض زادوا في إشعال الفتنة لهدر الحيوية، واليوم نتقدم إلى ضمير الشعب نناشده، وإلى شعور العزّة الوطنية والتقوى الدينية في العقلاء، فلا يسمحوا بأن يعود الشباب إلى مثلها، ونتقدّم من شبابنا الأبيّ نوقظ فيه أعمال الرويّة، فلا يكون من أيّ عمل نقوم به ما يساعد العدو أو يسرّ الطامع المستعمر.
الأعمال الدينية يجب أن تكون بالتعليم والقدوة والله يحب المتقين، يورّثهم الأرض بالعز القومي الصحيح.
السوريون القوميون الاجتماعيون
*
إلى المواطنين في حماة
أيها المواطنون الأحرار:
في هذه الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد، والتي تحتاج معالجتها إلى وعي المواطنين للمصلحة القومية العليا، وإلى الاستقرار التام والعمل المنتج الصامت البعيد عن التظاهر والضجيج. في مثل هذه الظروف تقوم فتنة طائفية عنيفة تؤدي إلى التصادم بين طائفتَين في السلمية، وبين طائفة وحزب في مدينة حمص.
إنّ بلادنا التي بدأت تدفن النعرات الطائفية بعد زوال الاستعمار عن جزء منها تتطلّع اليوم لترى أنّ هذه الفتنة تبرز لتوقع بين أبناء الأمة الواحدة، وليس من نتيجتها إلا زيادة البلبلة والفوضى في البلاد وضياع مصلحة الشعب وحياته ومصيره.
لا نريد أن نبحث عن الأسباب، فالفتنة وقعت والتصادم حصل. ولا نريد أن نعيّن المسؤول، إنما نريد أن ننبّه المواطنين الواعين إلى ما يمكن أن تؤدي إليه سياسة التظاهر والصراخ في الشوارع. إنّ بلادنا أحوج ما تكون إلى الشعور الموحِّد للمصلحة القومية العليا ولوحدة حياة الشعب. فهذه الفتنة لا تؤدي إلا إلى زيادة الانشقاق والتباعد بين أبناء الأمة الواحدة، وإلى توسيع البلبلة والفوضى في صفوف المواطنين وانتشار النعرة الطائفية، وتُلهي المواطنين بها عن مصلحتهم العليا كمجتمع واحد يشترك بوحدة الهدف ووحدة المصير ووحدة المصالح.
إنّ إثارة البغض والتناحر لا تتناول نتائجها جماعةً أو حزباً أو طائفة، إنّها تصيب الأمة بكاملها وتؤدي إلى هدر إمكانياتها وحيويتها على مذبح الأنانية الفردية والتعصّب الطائفي البعيد عن تعاليم الدين السمحة السامية.
أيها المواطنون الأحرار:
إننا نتوجه إليكم بهذا النداء الثالث الصادر عن شعور عميق بخطر نتائج هدر الحيوية وأثرها في تأخير بنائنا الاجتماعي وتهديد وطننا بأوخم العواقب، إنما نناشد العزّة فيكم وندعوكم إلى نبذ كل الخلافات الطائفية التي تزيد تفسّخنا وتناحرنا، وتوقف تقدمنا وتفسح المجال أمام الإرادات الأجنبية للسيطرة علينا.
إننا نشفق من أن تُهدر حيويتنا وقوتنا على مذبح التناحر الداخلي. إننا نعتمد على وعي المواطنين وشعورهم، نعتمد على هذا الوعي والشعور لنهيب بالمواطنين إلى التضامن والترابط وإزخار القوة، لأننا سنحتاجها لدفع المغتصبين وردّ الإرادات الأجنبية وتطهير وطننا، ليكون لنا وحدنا نحيا به بالعزّ طريقاً إلى السماء، فالسماء لا بأن نذلّ للعدو في تناحرنا.
السوريون القوميون الاجتماعيون
*
إلى المواطنين في حماة
أيها المواطن الكريم:
إننا إذ نخاطبك الآن، نتوجه إلى النبل الأصيل في نفسك وإلى شعور المسؤولية بواجب المواطنة في أعماقك السامية؛ نخاطب نبلك لكي يكون منه دافع للتفكير بالأخطار التي تجرّها علينا حوادث التصادم الداخلي، ونتوجه إلى شعورك وتفكيرك لتذكر أنه في اليوم الذي تصلك أخبار المذابح التي يقوم بها اليهود على الحدود تُقام مظاهرات نتائجها الحتمية تسهيل أمرنا أمام العدو.
فالأمور التي يأمرنا الدين بأن نتساهل فيها فيما بيننا أمام الذين حاربونا وأخرجوا أبناءنا من ديارهم دون أن يبالوا مذهبهم، ودون أن يميزوا أية طريقة يتقربون بها إلى الله العليّ، إنّ هذه الأمور نعصى فيها الدين الصحيح بالاقتتال المرهق.
أيها المواطنون: الناس كلهم عيال الله، أحبّهم إليه أنفعهم لعياله، والدفع السامي هو الدفع بما هو أحسن وأفضل، لا بالاقتتال الذي يساعد العدو في أن يفقدنا أرضنا.
إنّ الاقتتال الذي تدفعه وتجسّمه وتضخّمه المآرب، لا يمكن أن يرضي الله لأنّه بعيد عن تعاليم الدين الصحيح؛ تعاليم التآخي. وتدبّر الدين لا يكون بأن نُضعف ذاتنا بالتناحر أمام أعداء ديننا ووطننا الذين يذبحون أبناءنا في الجنوب.
النبل الأصيل والشعور بالواجب نحو الوطن المقدس يأبى علينا أن نثأر طائفياً، فنعصى تعاليم الدين الصحيحة. فالدين لا يجوز أن يكون إلا الحب المشعّ المنير.
أيها المواطنون: كلّ سوري هو مسلم لربّ العالمين فاتقوا الله، وما لنا من عدو نحاربه في ديننا ووطننا إلا اليهود.
فلا نكون في تناحرنا حرباً على أنفسنا ووطننا وديننا لمصلحة اليهود.
السوريون القوميون الاجتماعيون
هوامش:
(1) ياسر حكيم: عرفته منفذاً عاماً ناجحاً لمنفذية حماة، وعرفت عنه مهارته كطبيب. تعرّض للخطف في بدايات الحرب الكونية التي تعرّض لها الكيان الشامي. كان يلفتني بطلّته، بذكائه، بتفانيه، بنشاطه الحزبي وبتجسيده لفضائل الالتزام القومي الاجتماعي.
(2) الأمين بدري جريديني: للإطلاع على النبذة المعممة عنه مراجعة موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info