الأمين منيب حمود… مسيرة نضالية زاخرة من جزيرة كوراساو إلى عضوية هيئة منح رتبة الأمانة
من البلدات والقرى التي عرفت الحزب منذ أوائل ثلاثينات القرن الماضي، وسطرت في تاريخه حضوراً متقدماً، وقدّمت شهداء ومناضلين، تتميز بلدة «مجدل بلهيص» التي نأمل ان يهتم أحد رفقائنا من أبنائها، فيدوّن الكثير من الرياحين عن نشأة ونمو العمل الحزبي فيها، وعن رفقاء شهداء ومناضلين، من أمثال الامين الشهيد أحمد حمود، والأمين منيب حمود، فتبقى «مجدل بلهيص» خالدة في تاريخ الحزب وفي وجدان الرفقاء بأجيالهم المتعاقبة.
المعروف أنّ الأمين أحمد حمود كان تعرّض للاغتيال عام 1958 فيما كان عائداً مع الرفيقَين صخر عبد الحق ورفيق سيف الدين من مهمة حزبية في الأراضي الشامية.
أما ماذا عن الأمين منيب حمود الذي نحكي عنه ضمن ملف الحزب في منطقة «البقاع الأوسط»، على اعتبار أنه استقر في منطقة دير زنون – بر الياس، وكان له حضوره الحزبي والشعبي في هذه المنطقة.
*
في أوائل سبعينات القرن الماضي، عرفت عنه ثم تراسلت معه وتابعت نشاطه. كنت رئيساً لمكتب عبر الحدود، وكان مقيماً في جزيرة «كوراساو» المجاورة لفنزويلا، فلم يكن ينصرف فقط لاعماله التجارية، إنما كان ينشط إذاعياً وإعلامياً عبر إذاعة محلية كان اسـتأجر ساعات فيها أسبوعياً.
وعاد الأمين منيب يتابع جهاده القومي الاجتماعي على خُطى شقيقه الأمين الشهيد أحمد، فانتخب عضواً في «هيئة منح رتب الأمانة» .
من أجل التعريف عن الأمين منيب نورد ما لدينا من معلومات على أمل ان يكتب عنه رفقاء عملوا معه حزبياً، فننشر ذلك لاحقاً.
*
رحيل الأمين منيب حمود
بتاريخ 14 آذار 1996 صدر النعي التالي بالأمين منيب حمود:
الحزب السوري القومي الاجتماعي
آل حمود وأنسباؤهم في الوطن والمهجر
عموم أهالي مجدل بلهيص – البقاع الغربي
ينعون بمزيد من الأسى فقيدهم المرحوم
*
الأمين منيب جميل حمود عضو هيئة منح رتبة الأمانة
توفي يوم الخميس 14 آذار 1996، سيوارى الثرى في مسقط رأسه مجدل بلهيص / البقاع الغربي يوم الجمعة 15 آذار 1996 الساعة الثانية بعد الظهر.
تُقبل التعازي أيام الجمعة والسبت والأحد 15/16/17 آذار 1996 في منزله مجدل بلهيص.
وأيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء 18/19/20 آذار 96 في منزله دير زنون طريق الشام قرب محطة الشمس.
*
والتشييع المهيب الذي رافقه:
توفي الأمين منيب يوم الخميس 14 آذار 1996 وشيّع في اليوم التالي إلى مثواه الأخير في بلدته مجدل بلهيص وسط حشد من الأهالي والرفقاء والأصدقاء تقدّمهم وفد مركزي ضمّ رئيس الحزب آنذاك الأمين مسعد حجل، الأمين عصام المحايري، وعدد كبير من الأمناء والمسؤولين.
قبل أن يوارى الأمين الراحل الثرى، ألقى منفذ عام البقاع الغربي الرفيق عبدالله وهّاب كلمة، عدد فيها مزايا ومآثر الأمين منيب في دروب الناضل وسعيه لرفعة شأن حزبه وأمته.
ثمّ ألقى الأمين عادل طبري كلمة هيئة منح رتبة الأمانة، فكلمة مركز الحزب لعميد الإذاعة الأمين أنطون غريب.
*
قالوا فيه
نشر الصحافي الرفيع مفيد سرحال هذه الكلمة الموجهة إلى الأمين منيب حمود في عدد الديار الصادر بتاريخ 18/3/1996:
منيب حمود واحد من القابضين على جمر العقيدة بيقين المؤمن، مشى طريقه بصدق العارف الرسولي العصيّ على الاستكانة، وأبى ركوب هودج التيه واللامبالاة.
منيب حمود، أيها المؤمن الخاشع في حنايا الوجدان المتوضئ بصباحات حقيقة الـ«نحن»، المرتقي في معارج البطولة المؤيدة بصحة العقيدة.. سلام لروحك، سلام للأمانة فيك.
وفي 21/3/1996 نشرت «الديار» كلمة، بدون توقيع، موجهة إلى الرفيق الراحل الأمين منيب حمود، بمناسبة مرور أربعين يوماً على رحيله، بعنوان: الـ«منيب لا يغيب»، جاء فيها:
أربعون عاماً مضت على رحيل الشهيد أحمد حمود شقيق فقيدنا العزيز منيب، يوم اغتيل في طريق عودته من دمشق عام 1956 بعد إنجازه مهمة حزبية كانت تهدف إلى وقف حرب الإبادة ضد الحزب.
ولأن إبادة الحزب «واجبة» فلا بدّ من إزاحة كل من يقف في وجهها، ومضى أحمد شهيداً منيباً ومخلفاً وراءه أبناء وأشقاء وشقيقات قوميون وقوميات ترسّخت العقيدة في العائلة، كما في كل عائلة قومية اجتماعية، وفشلت الإبادة واستمر الحزب.
الإبادة، يمكن، أن تنجح لو جرى إحصاء كامل شامل لكل من انتمى إلى هذا الحزب منذ عام 1932 حتى اليوم، وأُبيد جميع القوميين أجداداً وآباءً وأحفاداً، ومحيت آثارهم من التاريخ ومن الكتب والجرائد، وعندئذ قد تنجح الإبادة في القضاء على كلّ من آمن بهذه العقيدة، ولكن عبثاً أن تنجح في إبادة العقيدة ذاتها ومحوها، إذ هي تنتقل من جيل إلى جيل ويتخذها العضو «إيماناً لي ولعائلتي وشعاراً لبيتي»، فيستقبلك أطفال العائلات القومية صباحاً أو مساءً «تحيا سورية» بدلاً من صباح أو مساء الخير، سواء أكانت في بيروت أم في الخليل أم في البصرة أو في الزرقا أم في القامشلي أم في اسكندرون أم حيث يوجد مغتربون في ترينداد أو أبيدجان أم في فريتاون أم ميشيغن أم أوتاوا أو كليفلند أم في الخليج. وفي كل عام يتخرج في المخيمات آلاف الأشبال القوميين الاجتماعيين.
بعد أعوام التشريد والغربة والفرقة التقيت في بيروت الأمين منيب، تشعّ منه ابتسامة شقيقه أحمد ذاتها، وهدوء أحمد ذاته، وحتى اسم أحمد ذاته أطلقه على ابنه الوحيد.
أربعون عاماً من العطاء الحزبي المتواصل لن تنتهي برحيلك أيها الأمين الحبيب منيب، لأن المنيب لا يغيب إذ هو يترك عائلة قومية اجتماعية كاملة تحضنها الرفيقة العزيزة نجاة، قدوة الزوجات القوميات ومثال الأم الراعية وفعل العقيدة في نفوس أليسار ودنيا وربا وأحمد.
لا تزال عباراته ترن في أذني قبل سفره إلى البرازيل العام الماضي، «أكسر» قلمي ولا أوقع كلمة أو «موافقة» يرفضها وجداني أو تخالف قناعاتي «يجب أن تحفظ للحزب نقاءه وللرتبة ألقها وحصانتها، وأن نكون قدوة في تشريفها».
أيها الرفيق المنيب عنه عائلة بكاملها تحمل العقيدة وتؤدي الرسالة وتلتزم مبادئ السلوك التي ربيتها عليها، والمناقب التي تحليت بها، ستبقى ذكراك حية فينا بكل عطاءاتك.
أيها الرفيق المنيب، ستبقى بيننا ولن تغيب، فما غاب من زرع في نفوس أبنائه فكرة «مصاهرة» جميع الطوائف، ليؤلف أحفاده وأبناؤهم من بعده منفذية نموذجية تضم أولاداً وأبناء عم وأبناء خؤولة وأبناء عمات وخالات وأنسباء فيها كل طوائف ومذاهب لبنان وكيانات الوطن و«جنسياته»، كما جميع منفذيات الحزب ومديرياته وقياداته.